استقال المبعوث الأممي كوفي أنان من منصبه وسيطاً دولياً وعربياً في سوريا، بسبب ما اعتبره من أن «العسكرة المتزايدة على الارض وانعدام الاجماع في مجلس الامن أدّيا الى تغيير دوري في شكل كبير». واعتبر أنان أنّ على الرئيس السوري بشار الاسد أن يتنحى «عاجلاً أو آجلاً» في اطار عملية الانتقال السياسي في سوريا. وأمل أن يحظى خلفه في هذا المنصب بـ«فرصة أكبر» للسير بسوريا نحو الانتقال السياسي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد أعلن استقالة كوفي أنان من منصبه. وقال بان، في بيان، «أعلن بأسف عميق استقالة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية المشترك الى سوريا السيد كوفي أنان». وأضاف «إن أنان أبلغني هو والأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، عن نيته عدم تجديد تفويضه عند انتهاء مدته في 31 آب 2012».
وأشار بان إلى أنه يجري مشاورات مع الجامعة العربية للنظر في تعيين خلف لأنان سريعاً «بإمكانه القيام بهذا الجهد المهم في صنع السلام». وقال إن «دائرة العنف في سوريا متواصلة، واليد ممدودة للابتعاد عن العنف لصالح الحوار والدبلوماسية كما نصّت عليه خطة النقاط الست»، مضيفاً أن «قوات الحكومة والمعارضة تواصلان الاعتماد على مزيد من العنف». وأشار إلى أن الانقسامات في مجلس الأمن أصبحت بحد ذاتها عائقاً أمام الدبلوماسية، جاعلة عمل أي وسيط أصعب بكثير. وجدد تأكيده على التزام الأمم المتحدة بالمضي قدماً عبر الدبلوماسية لإنهاء العنف، والتوصل إلى حلّ بقيادة سورية يتلاقى وطموحات الشعب الديموقراطية الشرعية.
وفي السياق، أعربت سوريا عن أسفها لاستقالة أنان من منصبه، وطلبه عدم التمديد له في مهمته. وقالت الخارجية السورية، في بيان، إنّه «لطالما أعلنت سوريا وبرهنت عن التزامها التام والكامل بتنفيذ خطة أنان ذات النقاط الست، وتعاونت مع فريق المراقبين في تحقيق المهمة المرجوة». وتابع البيان «لكن على الدوام كانت الدول التي تستهدف زعزعة استقرار سوريا، والتي وافقت وصوتت لصالح الخطة المذكورة في مجلس الأمن الدولي هي ذاتها الدول التي عرقلت وما زالت تحاول افشال هذه المهمة لأن النوايا لم تكن صادقة أبداً في مساعدة سوريا على تخطي أزمتها، بما يتوافق مع إرادة وتطلعات الشعب السوري». وأضافت «قد تمثلت العرقلة في دعم وتسليح وإيواء المجموعات الإرهابية المسلحة، مما أدى لاستمرار العنف الدائر في سوريا». وشددت الخارجية على أنّ «سوريا تبقى ملتزمة بمحاربة الإرهاب وفقاً للقوانين السورية وقرارات مجلس الامن الدولي».
بدوره، قال المبعوث الروسي لدى الامم المتحدة، فيتالي تشوركين، إنّ روسيا تأسف لقرار كوفي أنان التخلي عن مهمته. وأضاف «نفهم أنّه قراره. ساندنا بقوة كبيرة جهوده. لا يزال لديه شهر وأتمنى استخدام هذا الشهر بكفاءة قدر الامكان في ظل تلك الظروف الصعبة».
أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فاعتبر، في بيان، أن «استقالة كوفي أنان تظهر المأزق المأسوي للنزاع السوري».
من جهته، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن استقالة كوفي أنان تُظهر الحاجة إلى فرض المزيد من العقوبات على النظام السوري. وقال «أعتقد أن ما نحتاج إليه الآن هو إمرار قرارات في الأمم المتحدة لوضع المزيد من الضغوط على سوريا»، لكنه استبعد اللجوء إلى العمل العسكري.
وأعلنت الولايات المتحدة أن استقالة أنان تعود الى رفض روسيا والصين دعم القرارات التي تستهدف الرئيس السوري بشار الاسد. وقال المتحدث باسم البيت الابيض، جاي كارني، إن استقالة أنان تظهر كذلك رفض نظام الاسد وقف الهجمات «الاجرامية» ضد شعبه.
وفي سياق آخر، اتهمت سوريا تركيا، أمس، بأنها تلعب «دوراً رئيسياً» في دعم الارهاب، بفتح مطاراتها وحدودها أمام القاعدة وجهاديين آخرين لشنّ هجمات داخل الأراضي السورية. وقالت وزارة الخارجية السورية، في بيان، إن الحكومة التركية أقامت على أراضيها مكاتب عسكرية توجّه من خلالها وكالات الاستخبارات الاسرائيلية والأميركية والقطرية والسعودية الارهابيين في حربهم على الشعب السوري.
من جهة ثانية، قال كاميرون، عقب محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الخلاف لا يزال قائماً بين روسيا وبريطانيا بشأن كيفية التعامل مع الصراع في سوريا. وأضاف «يريد كلانا أن ينتهي هذا الصراع وتستقر سوريا، وسنبحث مع وزيري خارجيتينا كيفية المضي قدماً في جدول الأعمال هذا». بدوره، قال بوتين إن بلاده وبريطانيا «تتبنيان موقفاً مشتركاً بشأن بعض المجالات الخاصة بسوريا».
إلى ذلك، قال وزیر الدفاع الإيراني، أحمد وحیدي، إن بعض تصریحات المسؤولین الغربیین «كشفت بأنهم متورطون بشكل كامل في تهریب السلاح الی سوریا، ویهدفون الی تضلیل الرأي العام عن القضیة الفلسطینیة، والظلم الذي یعاني منه الشعب الفلسطیني، وتبدیله الی موضوع آخر». واعتبر أن تهریب السلاح الی سوریا من قبل بعض دول المنطقة، یعتبر «إجراءً مستهجناً جداً یلطخ مطالب الشعب بالدماء». وقال إن الشعب السوري رفض التدخل الأجنبي، وأضاف أن «أطیافاً من الشعب السوري لدیها مطالب مشروعة، والحكومة السوریة سعت الی تلبیة تلك المطالب، لكن بعض دول المنطقة ودولاً من خارج المنطقة حولت هذه المطالب الی نزاعات مسلحة». من ناحيته، صرّح وزير شؤون المصالحة الوطنية السوري، علي حيدر، في مقابلة نشرتها صحيفة سويسرية، بأنّ المخرج الوحيد لوقف اعمال العنف في سوريا هو «الحوار السياسي من دون أي شرط مسبق». وأضاف أنّ «مجرد قيام الرئيس الاسد بانشاء حكومة للمصالحة الوطنية يدلّ على رغبته في انجاح هذه العملية السياسية». وانتقد حيدر «التدخل الاجنبي» في النزاع، معتبراً أنّ «الانتفاضة الداخلية التي كانت لها مطالب مبررة جزئيا تحوّلت الى تمرد يدار من خارج سوريا». وقال إن «المطالب المبررة للمعارضة انتقلت الى المرتبة الثالثة أو الرابعة».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)