في كلمة وجهها إلى الجيش السوري لمناسبة عيد تأسيسه السابع والستين، أكد الرئيس السوري بشار الأسد أنّ الجيش السوري يخوض «معارك بطولة وشرف ضد العدو»، يتوقف عليها «مصير» الشعب السوري والأمة. ولفت الأسد إلى أنّ «معركتنا مع العدو معركة متعددة الأشكال واضحة الأهداف والمعالم». وأكد أنّ «الجيش العربي السوري خاض ــ ولا يزال ــ معارك الشرف والبطولة دفاعاً عن سيادة الوطن وكرامة الأمة»، مضيفاً أنّ «عدونا بات اليوم بين ظهرانينا يتخذ من عملاء الداخل جسر عبور له، ومطية لضرب استقرار الوطن وزعزعة أمن المواطن».
ودعا القوات المسلحة السورية إلى «مزيد من الجاهزية والاستمرار في الاستعداد كي تبقى درع الوطن وسياجه وحصنه». وشدد الأسد على أن الجيش كان وسيبقى «عنوان ذلك الانتماء الأصيل للأرض التي غرستم أقدامكم فيها لتحصنوها ولتحولوا بينها وبين أي معتد آثم».
وفي السياق، رأى وزير الدفاع السوري، العماد فهد جاسم الفريج، في تصريح نقلته وكالة الأنباء السورية «سانا»، أنّ المعركة التي يخوضها الجيش اليوم «جزء لا يتجزأ من معركة المصير في الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني ومن يدعمه، وإفشال مخططاتهم في تقسيم بلادنا تمهيداً لتحطيمها». وأكد فريج أن «النصر على هذه المؤامرة الكبرى قريب، وأن سوريا ستخرج أكثر قوة وحضوراً إقليمياً ودولياً فاعلاً». وأشار إلى إصرار عناصر القوات السورية الذين «يخوضون معركة الدفاع عن عزة الوطن واستقلاله وسيادته، ويتصدون بكل رجولة وحزم للمجموعات الإرهابية المسلحة ومن يدعمها بالمال والسلاح على ملاحقة فلول عناصر تلك المجموعات أينما وجدت، والقضاء عليها وتخليص الوطن من شرورها وإعادة الأمن والأمان للوطن والمواطنين». ميدانياً، وصلت المواجهات بين القوات النظامية السورية والمقاتلين المعارضين، أمس، إلى مشارف حيّي باب توما وباب شرقي المسيحيين في وسط دمشق. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، في بيان، أنّ «اشتباكات عنيفة دارت في سوق الثلاثاء في حي التضامن بالعاصمة السورية». وفي حلب، أفاد أحد قادة «الجيش السوري الحر»، العميد عبد الناصر فرزات، بأنّ المقاتلين المعارضين يسعون إلى السيطرة على مقارّ المخابرات في المدينة.
وفي السياق، أفاد مصدر أمني بأنّ «هدف المتمردين هو الاستيلاء على مقر المخابرات الجوية في حي الزهراء، الذي يقع في الضواحي الغربية لمدينة حلب». وأوضح المصدر أن تحقيق ذلك «سيفتح الباب أمام المتمردين على الأحياء القريبة والثرية في المدينة، التي لا يسيطرون عليها الآن»، مشيراً إلى أنّ المقاتلين المعارضين «يحاولون منذ خمسة أيام الاستيلاء على هذا المقر من دون أن يحققوا أي نجاح».
وأفادت «الهيئة العامة للثورة السورية»ب أنّ حيّ القدم تعرض «للاقتحام بموكب كبير من قوات الأمن، وسط مخاوف من حملة دهم في الحي». وفي ريف دمشق، ذكر المرصد أن القوات النظامية اقتحمت جديدة عرطوز، واعتقلت أكثر من 100 شاب من البلدة، واقتادتهم إلى مدرسة في البلدة.
وفي حمص وريفها، تدور اشتباكات عنيفة في حي القرابيص بين القوات النظامية ومقاتلين معارضين يحاولون استعادة السيطرة على الحي، بحسب المرصد، الذي اشار إلى أن أحياء حمص القديمة وحي الخالدية تتعرض للقصف. وفي محافظة إدلب، لفت المرصد إلى اشتباكات عنيفة على الطريق الدولي بين سراقب وأريحا، بعد أن هاجم مقاتلون معارضون قافلة عسكرية كانت في طريقها إلى حلب.
وأدت أعمال العنف في سوريا، أمس، إلى مقتل 110 أشخاص على الأقل، بحسب المرصد. وقال المرصد إن بين القتلى 67 مدنياً، نصفهم في ريف دمشق، حيث سقط 30 مدنياً بينهم 28 في عرطوز، بالإضافة إلى 14 مقاتلاً معارضاً. وقتل ما لا يقل عن 29 من القوات النظامية بينهم ضابط، خلال اشتباكات في محافظات دمشق وإدلب ودرعا وحمص.
من ناحيته، نفى قائد «الجيش السوري الحر» العقيد رياض الأسعد، أمس، تغلغل «القاعدة» في صفوف قواته، واتهم النظام السوري بالتعاون مع التنظيم، ومحاولة تشويه صورة «الحراك الثوري» وجرّ البلاد إلى حرب طائفية. ولم يستبعد الأسعد، في اتصال مع موقع «روسيا اليوم» دخول بعض العناصر للقتال ضد النظام في أماكن عدة، لكنه أشار إلى صعوبة تأكيد «أنهم يتبعون القاعدة أو جماعات جهادية»، وقال: «المؤكد أن عناصر القاعدة لا يتغلغلون في صفوف الجيش السوري الحر». وأضاف العقيد المنشق، الذي يعيش في تركيا أن هذه الشائعات قديمة جداً، مشيراً إلى أنّه «منذ بداية الثورة كنا نحذر من أن النظام سيلعب ورقة القاعدة، ويمكن أن يدس عناصر قد يكونون من داخل النظام نفسه ليقوموا ببعض الأعمال التخريبية، وبعض التفجيرات لإثبات أن هناك وجوداً للقاعدة». وقال الأسعد إنه ورفاقه يعيشون في مخيمات في تركيا «ولا يسمح لنا بالحركة»، واستبعد أن تدعم تركيا تنظيم القاعدة وتسهّل حركته. وأوضح أن «قلة الدعم للجيش السوري الحر، ونفاد السلاح والعتاد في بعض الأماكن يمكن أن يكون قد دفع بعض الأفراد إلى اللجوء إلى تنظيمات مختلفة للتزود بالسلاح والعتاد». ورأى أنه «لا يوجد أي تغيّر باتجاه أسلمة الثورة والحراك في سوريا»، لافتاً إلى أن «الحراك بدأ في المساجد، نظراً إلى ظروف يعرفها الجميع، تعود إلى كونها مكان التجمع الأكبر للسوريين». وقال الأسعد إنه «لم يلحظ أي بوادر لحرب طائفية في سوريا، رغم مرور عام ونصف عام من عمر الثورة، ولم تظهر في سوريا الطائفية التي يحذّر منها الشرق والغرب، وخاصة روسيا للأسف».
من جهتها، أفادت الناطقة باسم بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، سوسن غوشة، بأنّ الجيش السوري يستخدم الطيران الحربي في قصف حلب. ولفتت إلى أن المراقبين الدوليين يملكون كذلك «معلومات مؤكدة عن أنّ المعارضة في حلب تملك أسلحة ثقيلة، بما في ذلك دبابات». وأضافت: «نحن قلقون جداً من القتال العنيف في حلب»، مشيرةً إلى أن هناك تقارير عن «نزوح جماعي من المنطقة»، ومؤكدة وجود «نقص في الأغذية والوقود والغاز»، فيما تحدثت تقارير عن دخول أسلحة أرض جو إلى المعارضين.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، سانا)