القدس المحتلة | إنها المدينة المقدسة. مدينة القدس المحتلة. لكن معالمها تتغير بسرعة، ولا يُعرف ما الذي سيبقى منها بعد؛ فدولة الاحتلال تسارع في تهويدها بشتى الطرق، وآخر فصولها تحويل باحات الأقصى إلى حدائق عامة، والمصادقة بل وتمويل بناء فنادق في مستوطنات القدس لتشجيع السياحة، أما الاستيطان فازدادت وتيرته وارتفع بنسب خيالية، والخوف أن لا يبقى من القدس سوى اسمها.فقد أكد نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة عام 48، الشيخ كمال الخطيب، أن «بلدية الاحتلال في القدس أصدرت قراراً يقضي بتحويل باحات المسجد الأقصى إلى حدائق وساحات عامة، بهدف إلغاء تبعيتها للمسجد، وفتح المجال أمام اليهود لدخولها في أي وقت». وأضاف أن «بلدية الاحتلال أصدرت قراراً باعتبار باحات المسجد حدائق وساحات عامة يجوز لأي شخص دخولها». ويتيح القرار، باعتبار حدائق وساحات المسجد عامة، «أن يسمح لأي شخص دخولها»، حيث لوحظ مع بداية شهر رمضان دخول المستوطنين والمتطرفين إلى باحات المسجد الأقصى، دون مراعاة لمشاعر المصلين.
من جهته، حذر إمام وخطيب المسجد الأقصى، عزام الخطيب، من القرار واعتبره «متناغماً مع تهويد مدينة القدس، إذ تعمل السلطات الإسرائيلية على طمس المعالم الفلسطينية من المدينة المقدسة». أما الأمين العام للهيئة الاسلامية المسيحية، حنا عيسى، فأشار إلى أن المسجد الأقصى تنطبق عليه أحكام اتفاقيات لاهاي وجنيف الرابعة والبروتوكولات التابعة له، بصفته جزءاً من القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. ونوه إلى أن اتفاق لاهاي نص على تحريم حجز أو تخريب المنشآت المخصصة للعبادة، والمباني التاريخية. كذلك نصت اتفاقية جنيف الرابعة على حظر ارتكاب أي أعمال عدائية موجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية وأماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعب.
لكن الردّ الإسرائيلي الرسمي نفى كل ذلك، وزعم المتحدث باسم رئيس الحكومة، أوفير جندلمان، أن «الحركة الاسلامية تروج لأكاذيب متعمدة حول تحويل باحات الأقصى إلى حدائق ولا أساس اطلاقا لذلك». وادعى أن «اسرائيل تحافظ على مقدسات جميع الأديان».
الأماكن المقدسة ليست الهدف الوحيد بالنسبة لدولة الاحتلال، فالحكومة الاسرائيلية توشك خلال الأيام المقبلة على اتخاذ قرار ببناء فنادق في المستوطنات القريبة من مدينة القدس، واعطاء منح مالية حكومية لتنفيذ هذا المشروع الذي سيبدأ بداية عام 2013. وهذا المشروع هو الأول من نوعه منذ قيام دولة اسرائيل، حسب ما نشر موقع صحيفة «هآرتس»؛ فوفقاً للقانون الذي أقر عام 1959، فان الحكومة الاسرائيلية لديها صلاحيات اعطاء منح مالية لمشاريع سياحية، لكن هذه المنح قُدمت داخل الخط الأخضر حتى اليوم.
وقالت «هآرتس» إن وزارة السياحة الاسرائيلية قدّمت دراسة عام 2007 تضمنت حاجة لبناء 9.500 غرفة فندقية في مدينة القدس المحتلة، بسبب تزايد عدد السائحين القادمين الى القدس من مختلف دول العالم وتوقع ارتفاع هذه الأعداد خلال السنوات المقبلة. وبوشر ببناء 1.700غرفة فندقية على مرحلتين منذ عام 2010، ومع ذلك فإن هذه المشاريع لا تكفي الاعداد المتزايدة من السائحين.
وقد وجدت وزارة السياحة الاسرائيلية الحل في مستوطنة «معاليه أدوميم» شرقي مدينة القدس وفي التجمع الاستيطاني «غوش عتصيون» جنوب مدينة بيت لحم، لبناء فنادق لاستيعاب الاعداد المتزايدة من السائحين ولقربها من مدينة القدس.
وبهذه المبررات، فإن الحكومة الاسرائيلية ستبدأ قريباً بإعطاء المنح المالية لبناء الفنادق في المستوطنات المقامة على الاراضي المحتلة عام 67، وتم اختيار المناطق المحيطة بمدينة القدس كإشارة واضحة للمخططات الاسرائيلية القديمة بتنفيذ مشروع «القدس الكبرى» التي تصل الى مستوطنة «عتصيون» جنوباً ومستوطنة «معاليه أدوميم» شرقاً.
وبالنسبة للبناء الاستيطاني، فقد كشف عضو المجلس الثوري لحركة «فتح»، ديمتري دلياني، أن حكومة الاحتلال قد زادت انفاقها على الاستيطان في الاراضي الفلسطينية بنسبة 38 في المئة بين عامي 2010 و 2011، ليصل حجم الإنفاق الى حوالي 4 مليون دولار وفق البيانات الاسرائيلية الرسمية التي لا تتضمن حجم الانفاق الاستيطاني في القدس، مشيراً الى أن انفاق دولة الاحتلال على المستوطن الفرد يزيد بأضعاف عن انفاقها على القاطنين داخل فلسطين المحتلة عام 48. وأكد دلياني لـ«الاخبار» أن هذه الأرقام تعبر عن الانفاق الرسمي المباشر، بينما يقوم «بنيامين نتنياهو وحكومته، إضافة الى ذلك، بتحويل أكثر من ثلث أموال دافعي الضرائب في دولة الاحتلال الى مشاريع بنية تحتية واستثمارات وبناء كنس ومدارس دينية لخدمة المستوطنات في الضفة الغربية، وهذه المبالغ وصلت الى حوالي 7 مليارات دولار بين عامي 2010 و2011».