القاهرة | فُوجئ الشعب المصري بأن تلفزيون الدولة ينقل بثاً حياً لصلاة الجمعة، لأول مرة في تاريخ التلفزيون، من مسجدين في وقت واحد. الصورة الأولى للرئيس محمد مرسي في الفيوم التي تعدّ معقلاً لجماعة الإخوان المسلمين جنوبي العاصمة المصرية القاهرة. أما الصورة الثانية، فكانت لرئيس المجلس العسكري، المشير محمد حسين طنطاوي، في مسجد آل رشدان (في القاهرة). «وقسمت شاشة التلفزيون نصفين»، هكذا عبّر الكاتب هاني صلاح الدين، وهو عضو في الإخوان المسلمين، في مقال له بعنوان «نص للرئيس ونص للمشير» على موقع «اليوم السابع» عن انتقاده للتلفزيون الرسمي، الموالي من وجهة نظره لنظام الرئيس المخلوع حسني مبارك.هذا المشهد بدا أنه الأكثر تعبيراً عن واقع العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي لا يزال يحتفظ بسلطة التشريع، ولا سيما بعد ما نشرته جريدة «الشروق» عن «اتفاق هدنة بين العسكري والإخوان والرئاسة باستمرار التأسيسية».
ووفقاً للمعطيات، توصلت الأطراف الثلاثة إلى اتفاق مفاده استمرار عمل الجمعية التأسيسية للدستور دون تدخل من المجلس العسكري، ودون اعتراض منه على تضمين ممثلي الجماعة مادة انتقالية في الدستور تسمح لمرسي باستكمال فترته الرئاسية في حال تغيير نظام الحكم وصلاحيات الرئيس في الدستور الجديد. في المقابل، تلقّى المجلس العسكري وعوداً من الجماعة المهيمنة على غالبية الجمعية التأسيسية بإمرار المواد المتعلقة بالقوات المسلحة في الدستور الجديد التي سيتقدم بها ممثل المجلس في الجمعية. كذلك تحدثت الصحيفة عن وعود أخرى بالحفاظ على ما يسمى «مدنية الدولة»، والإبقاء على محمد حسين طنطاوي وزيراً للدفاع وقائداً عاماً للقوات المسلحة، وهو ما حسم أمس.
الأمين العام للجمعية التأسيسية، عضو اللجنة التنفيذية في حزب الحرية والعدالة، عمرو دراج، أكد لـ«الأخبار» أن الجمعية تتجه بالفعل إلى إقرار مواد انتقالية حيال عدد من مؤسسات الدولة، وتنطبق على رئيس الجمهورية، ما يحول دون اضطراره إلى الاستقالة حال تغيّر نظام الحكم في الدستور الجديد.
وتابع «أما المواد المتعلقة بالقوات المسلحة فالوقت لا يزال مبكراً للحديث عنها. لكن يبدو أنها ستحتاج إلى مزيد من التوضيح عمّا كانت عليه في دستور عام 1971». وأضاف «واقع الأمر أن الرئيس وقتها (أنور السادات) كان رجلاً عسكرياً كما كانت الحال بعد ثورة 1952، ما كان يعني أن الكثير من شؤون القوات المسلحة كان يجري بسلاسة دون داع لتحديده في الدستور لكن الوضع اختلف الآن».
وجاء الكشف عن سيناريو صحيفة «الشروق» بعد حوالى يومين فقط من قرار من مجلس الدولة بتأجيل النطق بالحكم في دعوى قضائية بحل الجمعية التأسيسية إلى 24 أيلول، ما يعني عملياً منح الجمعية التأسيسية الفرصة للانتهاء من صياغة مشروع الدستور الجديد. وهو ما دعا نائب رئيس مجلس الدولة، المستشار أحمد وجدي، إلى وصف قرار المحكمة بـ«الموجه على خلفية صفقة بين المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين». وأوضح وجدي لـ«الأخبار» أنه «لا يوجد دافع أو مبرر قانوني لتأجيل الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري النطق بالحكم في طلب ردّ الدائرة الأولى، ولا سيما أن الإخوان لم يقدموا أي أدلة جوهرية تبرر طلبهم باستبعاد المستشار عبد السلام النجار». وأكد أنه «كان على المحكمة أن تصدر قراراها برفض طلب الإخوان وتعيد قضية حل الجمعية التأسيسية الى المستشار النجار».
وجهة نظر كتلك ربما يعزز منها تململ أبدته الجبهة الوطنية لاستكمال أهداف الثورة، من تملص الرئيس محمد مرسي من مقابلة منسقها العام سيف عبد الفتاح قبل أن يلتقيه لاحقاً لبحث آليات تنفيذ بنود الاتفاق التي تعهد الرئيس بتنفيذها قبل فوزه في الانتخابات.
من جهته، نفى القيادي في جماعة الإخوان، جمال حشمت، في حديثه إلى «الأخبار» وجود صفقة، واصفاً قرار المحكمة بأنه «يعود فقط إلى إجراءات قانونية تحتاج إلى وقت كاف لاستكمالها قبل بتّ طلب رد الدائرة الأولى». أما القيادي السابق المنشق عن الجماعة، كمال الهلباوي، فأكد أنه لا يرى أبداً وجود صراع مع المجلس العسكري ليقال إن الصراع انتهى بين الطرفين. ولفت إلى أن الجماعة بالرغم ممّا عانته من سجن وهجوم وتعذيب قبل الثورة لم تنصرف إلى الانتقام بعد.