نفى مصدر رفيع المستوى في ديوان رئاسة الجمهورية المصرية، فضل عدم ذكر اسمه، في رسالة لـ«الأخبار»، الانباء عن إرسال الرئيس المصري محمد مرسي، خطاباً مكتوباً بالإنكليزية لنظيره الإسرائيلي شيمون بيريز، أمس، رداً على تهنئة الأخير لمرسي بحلول شهر رمضان المبارك. وأكد المصدر أن ما يدور من أحاديث في مواقع التواصل الاجتماعي عن هذه الرسالة التي كشفت عنها صحيفتا «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيليتان، وما ينشر على أنه نص الخطاب «لا أساس له من الصحة».
أوضح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، ياسر علي، في تصريحات صحافية له عقب نشر الخبر ،«أن هذا الكلام عار من الصحة، فالرئيس المصري لم يرسل أية رسائل لرئيس إسرائيلي، وأن ما نشرته الصحف الإسرائيلية افتراء». وفي تصريح لموقع «بوابة الأهرام»، لفت علي إلى «أن العلاقة مع الجانب الإسرائيلي تحتاج لمزيد من المراجعات حول طبيعتها».
نبأ الرسالة، أثار حالة من الدهشة داخل الأوساط الإسلامية، وهو ما عبر عنه موقف عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين، مصطفى الغنيمي، بالقول «مستحيل». ووصف الغنيمي الخبر بأنه «محض كذب وافتراء»، مضيفاً «اعلم أن موقف جماعة الإخوان المسلمين لا ينسحب بالضرورة على مؤسسة الرئاسة وعلى وزارة الخارجية خاصة بشأن العلاقات الدبلوماسية، لكن معرفتي السابقة بالرئيس تجعل الأمر غير قابل للتصديق. فيستحيل أن يقدم الرئيس مرسي على إرسال خطاب كهذا». وكشف الغنيمي لـ«الأخبار» أن جماعته لا تزال عند موقفها الثابت من إسرائيل «ككيان غاصب محتل لفلسطين وحرم منها أهلها الأصليين العرب من المسلمين والمسيحيين واليهود كذلك، بل أن الأصل لدينا عدم وجود دولة بهذا الاسم من حيث المبدأ».
بدوره، رجح عضو المكتب التنفيذي في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية للجماعة، عمرو دراج، أن يكون الخبر كاذباً، موضحاً أن «احد الأصدقاء في مؤسسة الرئاسة أكد لي أن الخبر كاذب في اتصال شخصي». وشدد دراج لـ«الأخبار» على أن حزبه أعلن منذ تأسيسه بعد إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك احترامه للمعاهدات الدولية وكل الاتفاقيات التي وقعت عليها مصر ونتوقع من كل الأطراف الالتزام بها. ولفت إلى أن احترام اتفاق السلام مع إسرائيل لا يعني إلا عدم الاعتداء لا إظهار الود والصداقة أو التطبيع من قبيل إرسال خطاب من هذا النوع مثلاً. من جهته، اكد عضو الجبهة الوطنية لاستكمال أهداف الثورة، احمد إمام، لـ«الأخبار»، أن خبر الخطاب إن صح «سيستلزم من الجبهة رداً حاسماً فنحن إزاء صياغة محددات لعمل الجبهة التي ينتظر أن تضم إلغاء اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل». وأوضح إمام أن خطاباً من هذا النوع يتناقض مع تعهد الرئيس الذي صدر على لسان مؤسسة الرئاسة بأن يقتصر التعامل مع إسرائيل على وزارة الخارجية «هذا يتناقض بدوره مع تعهد الرئيس (قبل انتخابه) بالشفافية مع الشعب».
السلفيون، بدورهم، أكدوا على استحالة ان يقوم الرئيس محمد مرسي بإرسال رسالة من هذا النوع. وشدد عضو الهيئة العليا لحزب الفضيلة، المتحدث الرسمي باسم الجبهة السلفية، الدكتور خالد سعيد، أن خلفية مرسي الاخوانية التي تعتبر الخلافة وقضية فلسطين من أهم أهدافها، فضلاً عن أن محمد مرسي شخصية وطنية وإسلامية، تؤكد أن من المستحيل أن يصدر عنه هذا الكلام. ورغم النفي المصري لرسالة مرسي، أكدت مصادر في الرئاسة الاسرائيلية، لموقع walla الاخباري العبري على الانترنت، على موثوقية الرسالة، التي تلقاها السكرتير العسكري للرئيس الاسرائيلي، العميد حسون حسون، من السفير المصري في تل ابيب، ياسر رضا، الذي ابلغه والمسؤولين في وزارة الخارجية، بوجود رد على رسالة التهنئة التي تلقاها مرسي من بيريز، بعد فوزه بالانتخابات الرئاسية المصرية، وحلول شهر رمضان.
ورجحت مصادر الرئاسة الاسرائيلية، ان يكون السبب وراء النفي المصري، وباللغة الحادة التي ورد فيها، مرده الى الضجة الاعلامية التي اثارتها الرسالة، بعد ان تصدرت العناوين الرئيسية في مصر واسرائيل والعالم، مشيرة الى ان الحكم المصري خشي من ردة الفعل الداخلية في مصر، جراء التقارب المحتمل مع اسرائيل، الامر الذي دفع الى النفي، وبهذه الطريقة الحادة.
وكانت القناة الثانية في التلفزيون الاسرائيلي، قد قالت في معرض تعليقها إن «رسالة مرسي مشجعة، وتشير الى امكان اقامة علاقات طيبة مع حكم الاخوان المسلمين في مصر».



رسالة التهنئة و«الرد»


أشارت صحيفتا «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت» الإسرائيليتان إلى أن الرئيس المصري محمد مرسي أرسل رسالة رد على رسالة تهنئة كان قد أرسلها الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز بمناسبة حلول شهر رمضان. وبحسب الصحيفتين تضمنت رسالة مرسي إلى بيريز، رغبة مرسي في عمل مشترك بين البلدين لاحلال السلام في المنطقة، وقال «ارجو ان نبذل قصارى جهودنا كي نُعيد عملية السلام الى مسارها الصحيح». وأعرب مرسي في برقية الشكر والسلام لبيريز عن أمله ان يعمّ السلام في الشرق الأوسط، وكذلك السلام في العالم.
وقدم مرسي الشكر لبيريز على برقية التهنئة التي وصلت من القدس بعد فوزه برئاسة مصر، وكذلك على تهنئة بيريز بمناسبة حلول شهر رمضان الكريم.
وكان بيريز قد أرسل سابقاً برقية تهنئة لمرسي، بعد توليه منصب رئاسة مصر، جاء فيها «نحن في إسرائيل نهنئكم بالانتخابات الديموقراطية ونرجو أن تقف مصر بقيادتك في وجه التحديات المركبة التي تواجه الأمة المصرية».
ووجه بيريز التحية للشعب المصري وأشاد بديموقراطية الانتخابات كذلك في مؤتمر خاص عقده بمناسبة حلول شهر رمضان، في منتصف شهر تموز. وقال بيريز في المؤتمر «لقد بعثت برقية تهنئة الى الرئيس مرسي، متأملاً أن يستمر السلام بيننا. إننا مستعدون للتحاور لكي نحسّن العلاقات».