كلف معارضون سوريون في القاهرة، يوم أمس، هيثم المالح بتشكيل حكومة سورية انتقالية. وقالت مصادر في المعارضة السورية إن معارضين سوريين دشَّنوا، خلال اجتماع عُقد في أحد فنادق القاهرة، ما يُعرف بـ«مجلس أمناء الثورة السورية»، الذي كلَّف المعارض هيثم المالح بتشكيل حكومة سورية انتقالية تُدير سوريا عقب سقوط النظام الحالي. وقال المالح إنه «سيبدأ سلسلة من المشاورات مع المعارضة في داخل سوريا وخارجها لتشكيل حكومة انتقالية، ووضع برنامج عمل لها وآلية لتنفيذ خططها». في المقابل، وصف «المجلس الوطني السوري» اعلان «مجلس أمناء الثورة السورية» عزمه على تشكيل حكومة انتقالية بـ«المتسرّع»، معتبراً أنّ من شأن هذه الخطوة «اضعاف المعارضة». وقال رئيس المجلس الوطني، عبد الباسط سيدا، «كنا نتمنى الا تكون هذه الخطوة».
من ناحيته، قال وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو، إن تركيا لن تسمح بـ«لبننة» سوريا، محذراً من أن بلاده قد تتدخل على الحدود السورية لحماية العدد الهائل من اللاجئين السوريين من أي هجوم مسلّح قد ينفذه النظام ضدهم. وأكد أن بلاده لن تسمح بأن تفرض أي حقائق قد تتشكل على الأرض في شمال سوريا، لأن ذلك يهدد بتقسيمها على خطوط مذهبية، وقال «إذا برزت أي حقائق على الأرض بسبب الفوضى في سوريا فهذا سيهدد وحدتها». وقال إن «العمّال الكردستاني» وحزب الاتحاد الديموقراطي التابع له، استغل فرصة الفراغ في البلدات والقرى الكردية بعد انسحاب قوات النظام السوري من المناطق، التي يسكنها الأكراد. واتهمهما بأنهما وصوليان «فقد تعاونا مع (الرئيس السوري بشار) الأسد في الماضي، واليوم يحاولان ملء الفراغ في السلطة هناك». وكشف أن الاستخبارات التركية تعرف عدد مقاتلي حزب العمّال الكردستاني، الذين انتقلوا من شمال العراق إلى سوريا وأين يتمركزون.
ومن المتوقع أن يبحث داوود أوغلو في زيارته، اليوم لكردستان العراق هذه المسألة. وجدد القول إنه «إذا لم يستعد الأمن في حلب وحولها فسيشكل ذلك خطراً على تركيا». وتوقّع الوزير التركي أن تتخذ تركيا إجراءات أكثر قسوة إذا تسببت الاشتباكات في حلب بأزمة لجوء كبرى إلى تركيا. وقال «قد نحتاج لنجد طريقة لاستضافة هؤلاء اللاجئين ضمن سوريا»، ملمحاً إلى اضطرار تركيا الى إقامة منطقة عازلة على الأراضي السورية لمعالجة أزمة اللاجئين المتفاقمة.
ونفى داوود أوغلو تقارير عن قاعدة سرية في تركيا بالتعاون مع السعودية وقطر لإدارة المساعدات العسكرية والاتصالات للمتمردين السوريين قرب الحدود. وأضاف أن أسلحة المعارضة هي من منشقي الجيش السوري ومن الهجمات على قواعد الجيش النظامي.
من جهتها، رحبت جامعة الدول العربية، في بيان، بدعوة وجهتها فرنسا إلى عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة التطورات في سوريا. ولفت البيان إلى أنّ الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي قال إنّه «سوف تكون هناك مواجهة صريحة للموقف الحالي للعرض على مجلس الأمن، في ما يتعلق بالمرحلة الانتقالية، من حكم الرئيس السوري بشار الأسد إلى حكومة ديموقراطية». وقال البيان إن الدول العربية ستطرح على الاجتماع، أيضاً، «الأحداث التي تدور منذ أيام في حلب، وأماكن أخرى».
في سياق آخر، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف عن القلق حيال الوضع «الحرج» في حلب، متهماً بعض وسائل الإعلام بالانحياز والعمل على تعويض ما لم تستطع المعارضة السورية تحقيقه، بينما قررت السلطات الروسية نقل سوريا من لائحة الدول التي تواجه وضعاً سياسياً واجتماعياً معقداً إلى قائمة الدول التي تواجه حالة طوارئ أو نزاعاً مسلحاً. وأفادت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» أنّه «تماشياً مع مرسوم أصدره رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف في 26 تموز، تقرر اعتبار سوريا في حالة طوارئ أو نزاع مسلح».
من جهته، أعلن نائب رئيس اركان الجيش الايراني، الجنرال مسعود جزائري، أنّ إيران «لن تسمح للعدو بالتقدم في سوريا». وصرح جزائري «في الوقت الحالي ليس من الضروري أن يتدخل أصدقاء سوريا، وتقييمنا هو أنهم لن يحتاجوا لذلك». وتابع أنّ «كل فصائل المقاومة هم اصدقاء لسوريا، بالاضافة الى القوى التي لها وزنها على الساحة الدولية». ومضى يقول «سنقرر وفقاً للظروف كيف سنساعد أصدقاءنا والمقاومة في المنطقة».
إلى ذلك، دعا وزير الدفاع الأميركي، ليون بانيتا، الى بقاء الجيش السوري على تماسكه عندما يفقد الرئيس السوري بشار الأسد سيطرته على الحكم في البلاد. وقال بانيتا، خلال مقابلة مع شبكة «سي إن إن» الأميركية، «أعتقد انه من المهم عندما يرحل الأسد، وسوف يرحل، أن يتم الحفاظ على الاستقرار في ذاك البلد». وأضاف أنّ «الطريقة المثلى للحفاظ على هذا النوع من الاستقرار هو بالحفاظ على أكبر عدد ممكن من الجيش والشرطة، بالإضافة إلى القوات الأمنية»، معرباً عن أمله في «أن ينتقلوا إلى حكومة ديموقراطية، وهذا أمر أساسي». وقال «من المهم ألا نرتكب الأخطاء عينها التي ارتكبناها في العراق، وخاصة عندما يتعلق الأمر بأمور مثل المواقع الكيميائية، فإن الجيش السوري يقوم بمهمة جيدة جداً في ما يتعلق بحماية هذه المواقع، وإذا توقف عن ذلك فجأة فسيكون وقوع هذه الأسلحة الكيميائية في الأيدي الخاطئة، أي حزب الله أو متطرفين آخرين في تلك المنطقة». وأضاف أن الولايات المتحدة تقدم مساعدة «غير قاتلة للثوار في سوريا، بما في ذلك أجهزة اتصال». لكنه أوضح أن دولا أخرى تقدم مساعدة عسكرية مباشرة أكثر، «ولذا لا جدل حول أن الثوار يحصلون بطريقة أو بأخرى على الدعم الذي يحتاجون إليه بغية الاستمرار بهذا القتال».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)