منذ مساء أول من أمس بدأت التلميحات إلى «انشقاق كبير». تلميحات تولى الأتراك إطلاقها، قبل أن تستقر صباح أمس على اسم. إنه العميد في الحرس الجمهوري، مناف طلاس. تولت وسائل إعلام عديدة تسريب الاسم الذي أكدته مصادر أمنية سورية رسمية لأحد المواقع الموالية. ونقل موقع «سرياستيبس» عن مصدر أمني رفيع المستوى تأكيده فرار طلاس إلى تركيا. وأضاف أن العميد طلاس كان مراقباً من الاستخبارات السورية، ولو شاءت احتجازه لفعلت. وأردف المسؤول الأمني أن «طلاس فرّ بعد تأكده من أن الاستخبارات السورية تمتلك معلومات كاملة عن اتصالاته الخارجية وإشرافه على عمليات إرهابية داخل سوريا». وتابع أن «فراره لا يؤثر في شيء».
وفي السياق، ذكرت شبكة دمشق الإخبارية أن عناصر من الجيش السوري يفرغون بيت العميد طلاس على أتوستراد المزة من محتوياته ويسحبون السيارات والأسلحة وبقية المؤن والعتاد.
وكانت مصادر في المعارضة قالت إن لديها معلومات عن أن طلاس في تركيا لكنها لا تعدّه منشقاً حتى يُصدر بياناً بذلك. ونقلت وكالة «رويترز» عن مصدر في المعارضة قوله من إسطنبول «نعتقد أنه ذهب إلى تركيا لكنه لم يتصل بنا، هناك فرق بين مغادرة سوريا والانضمام إلى المعارضة المناهضة للأسد».
غير أن مصدراً آخر من المعارضة قال إن «من المتوقع أن يصدر طلاس رسالة عبر الفيديو قريباً يعلن فيها أنه سينضم الى المعارضة»، مشيراً إلى أن طلاس يعد للتوجه إلى باريس، حيث تقيم شقيقته.
وقال أصدقاء كانوا قريبين لبعض الوقت من طلاس، إن الأخير أصيب بخيبة أمل من الحملة العسكرية التي ضربت بشدة في مسقط رأسه في الرستن.
وكشف مصدر في المعارضة لـ«رويترز» أن مناف «اتخذ هذا القرار، لأنه منذ العام الماضي كان في صراع مع الرئيس السوري بشار الأسد بشأن قرار النظام السوري استخدام الحل العسكري ضد الجيش السوري الحر». وأضاف «إنه غاضب بشأن ذلك، وبسبب هذا كان تقريباً سجين منزله في دمشق»، مشيراً إلى أن «الأسد عزز الأمن لمنعه من المغادرة». ووصف المصدر انشقاق طلاس بأنه «مهم جداً جداً»، لافتاً إلى أن «اللواء الذي يتولى قيادته مرتبط بشدة به، ولذلك يمكننا القول إن الانشقاق الحقيقي بدأ».
يذكر أن العميد طلاس قد اعتكف عن ممارسة مهماته القيادية في الحرس الجمهوري منذ عام تقريباً، وبناءً على تصريحات نسبت إليه، فإن الرئيس بشار الأسد قد أمره بعدم التدخل والتزام مكتبه.
وكان طلاس صديقاً مقرّباً للأسد يقود اللواء 105 في قوات الحرس الجمهوري، وهو من أفضل الوحدات عتاداً في الجيش. وفي بداية الأزمة، كلفه الأسد بالتواصل مع بعض المعارضين. التقى ميشيل كيلو وفايز سارة وسواهما عند سميرة المسالمة، الرئيسة السابقة لتحرير جريدة «تشرين»، الدرعاوية «المنشقة». بعد أيام، اعتقل سارة. تعطّل الحوار بسبب عدم «شرعية» المحاور. فكيف تحاورني السلطة وتعتقلني؟ صرخ سارة، وكيلو الذي ينقل عن طلاس قوله إنه «لو طُلب مني قتل متظاهر، فسأخلع بزتي العسكرية». ومع كل ملاحظاته النقدية، وابتعاده القسري أو الطوعي عن دائرة القرار، لم يظهر سوى الوفاء لبشار الأسد، قبل أن يعلن فراره.
ومناف هو ابن وزير الدفاع السابق مصطفى طلاس الذي كانت تجمعه أيضاً صداقة قوية بالرئيس الراحل حافظ الأسد، وبقي إلى جانبه ولم يتخلّ عنه في أيام الشدة والحروب الداخلية والخارجية. ولأنه كانت له مكانته، حظي أبناؤه بمكانة خاصة، وأسّس مثلاً ابنه الأكبر فراس طلاس مجموعة «ماس» وعمره 21 سنة، وتضمنت مجموعة معامل وشركات غذائية وغيرها.
ويربط عديدون بين فرار طلاس ومواقف شقيقه فراس الذي كتب يوم الاثنين الماضي على صفحته على «فايسبوك» إن سوريا «تنجو بالوصول إلى جمعية وطنية تأسيسية منتخبة بإشراف دولي وفق آلية محددة. هذا هو الهدف. الطريق لتحقيقه دمج تيارات من الحراك السلمي السياسي مع تيارات ممن تعسكر (الجيش الحر بمكوناته المختلفة) لخلق جهة واحده منظمة. حينها سترون كيف يتهافت المجتمع الدولي للمساعدة في إنهاء الأزمة».
(الأخبار)