شدد الرئيس السوري، بشار الأسد، في الجزء الثالث من المقابلة التي أجرتها معه صحيفة «جمهورييت» التركية، على أن الأزمة في سوريا بمعظمها خارجية، مستدلاً على ذلك بـ«وجود مقاتلين عرب ومتطرفين إسلاميين»، فضلاً عن وجود سلاح متطور يهرّب عبر الحدود وأموال تضخ من الخارج.ورداً على سؤال عما يجري في سوريا، والعلاقة بين الرئيس بشار الأسد والشعب السوري، قال الأسد «أولاً، لكي ندقق في حقيقة ما يحصل، نأخذ أمثلة حقيقية في منطقتنا. من أقوى هذه الأمثلة جاركم المباشر شاه إيران. كان لديه دولة قوية جداً. جيش قوي جداً. استخبارات قوية جداً. ودعم دولي. وطبعاً دعم إقليمي أيضاً غير محدود». وتساءل الأسد «هل استطاع أن يقف في وجه الشعب. من البديهي ألا يستطيع. لو كنت أنا في هذا الموقف لما استطعت. أنت تتحدث عن خمسة عشر شهراً، لا تتحدث عن أسبوعين وثلاثة أو شهر. كل الرهانات سقطت، وواضح تماماً الآن أن الأزمة بمعظمها خارجية». وأضاف «والدليل على ذلك وجود مقاتلين عرب ومتطرفين إسلاميين يقاتلون في سوريا الآن. أضف إلى ذلك السلاح المتطور الذي يهرب عبر الحدود والأموال التي تضخ من الخارج. وهذا ما غيّر قناعة الكثيرين داخل سوريا، سواء كان معارضاً أو مؤيداً، إلا أنهم الآن يدافعون عن الوطن». وتابع الأسد «الثورة لا يمكن أن تكون ثورة عصابات. يجب أن تكون ثورة شعب، ولا أحد يستطيع أن يقمع ثورة شعب. وأنت الآن موجود في سوريا، وتستطيع أن تذهب بنفسك وتتجول في أي مكان لكي ترى إذا كان هناك ثورة أو لا». ومضى يقول «لكن، نحن نطارد ونقتل إرهابيين وندافع عن أنفسنا. هم يرتكبون المجازر بحق المدنيين، ونحن من واجبنا أن ندافع عن المدنيين. هذا واجبنا كدولة. ماذا تفعلون عندما تقتلون أنتم كأتراك، ألا تدافعون عن أنفسكم. ألا تبررون كل عملياتكم العسكرية في شمال العراق وفي تركيا، تحت عنوان مكافحة الإرهاب. هل نقول بأن الدولة التركية تقتل شعبها في هذه الحالةظ هذه هي ازدواجية المعايير، وهذا هو النفاق السياسي وهذا ما لا نقبله».
وحول وجود ندم لقمع أولى التظاهرات السلمية في العام الماضي، قال الأسد «طبعاً، في أي عمل هناك نسبة خطأ. هذا شيء بديهي، ونحن بشر نخطئ ونصيب. ولكن علينا أن نميز بين الأخطاء التي ترتكب داخل سوريا وبين العوامل الخارجية». وتحدث عن مخطط ضد سوريا، مشيراً إلى أنه مر في ثلاث مراحل.
ووفقاً للأسد، المرحلة الأولى هي «مرحلة التظاهرات». وأوضح أن «جزءاً كبيراً من هذه التظاهرات كان مدفوعاً»، لافتاً أنه «في بداية الأزمة، كان سعر المتظاهر عشرة دولارات. الآن أصبح 50 دولاراً أو مئة دولار حسب المنطقة. ولكن كانوا يتوقعون أن يكون هناك فعلاً ثورة حقيقية من خلال التظاهرات وثورة سلمية كما حصل في مصر وتونس». وأضاف «حتى شهر رمضان الماضي، فشلوا في تلك المرحلة. انتقلوا بعدها لخلق مناطق في سوريا تسيطر عليها العصابات المسلحة بالكامل على طريقة بنغازي في ليبيا. فضرب الجيش هذه المحاولة التي استمرت حتى شهر آذار الماضي، حيث فشلوا في المرحلة الثانية». وبحسب الأسد «انتقلوا إلى عمليات الاغتيال الفردية وارتكاب المجازر بحق المدنيين، بالإضافة إلى مهاجمة مؤسسات الدولة بالمتفجرات». وأضاف «فإذاً أن نقول إن التظاهرات كانت سلمية، هذا كلام ساذج. لم تكن بهذا الشكل تماماً. وبكل الأحوال، ما تزال التظاهرات تخرج من وقت لآخر، ولكن بأعداد أقل بكثير ومعظمها مدفوع».
وفي ما يتعلق بتحميل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، في التقرير الأخير له، الجيش السوري القسم الأكبر مما يحدث من أحداث دموية في سوريا، قال الأسد «كلنا يعرف بأن المؤسسات الدولية خاضعة للإرادة الأميركية والغربية، بشكل عام، ومن الغباء أن نعتبر أن كلام المنظمات الدولية هو مرجعية للواقع. فهي تعبر فقط عن موازين القوى الدولية، والهدف في المحصلة هو فرض المزيد من الضغوط على سوريا». وأضاف «كلما فشلوا في تنفيذ مخططهم سعوا للضغط أكثر على سوريا. ولكن طالما أننا على حق فلن نخضع لمنظمات دولية ولا لغيرها».
في المقابل، رد وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، أمس، على كلام الرئيس السوري، واتهمه بالكذب في ما يتعلق بإسقاط الطائرة التركية. واعتبر أوغلو أن «الأسد أدلى بجملة صحيحة واحدة في مقابلته، وهي عندما قال إنه لن يبقى في السلطة ليوم واحد إذا علم أن ذلك في مصلحة سوريا». وأضاف وزير الخارجية التركي «عندما يقول ذلك، فإنه على حق. ويجب أن يفعل ذلك فوراً. يجب أن لا يبقى في السلطة حتى ليوم واحد».
ورأى وزير الخارجية التركي أنه «إما أن الدفاعات الجوية السورية ليست بالقوة التي يحاول الأسد الإيحاء بها، أو إن ما يقوله كذب كامل». ولفت إلى أنه ما إن انطلقت الطائرة التركية من قاعدتها، حتى كان بإمكان كل أجهزة الرادار في دول المنطقة مراقبتها. وأضاف «القول إنهم لم يكونوا قادرين على التعرف عليها، كذبة أيضاً، لأن لدينا تسجيلات تثبت أنهم عرفوا أنها طائرة تركية».
وتساءل داوود أوغلو «لو فرضنا أن ما قالوه صحيح حول عدم معرفتهم هوية الطائرة، فلماذا أطلقوا النار أيضاً على طائرة الإنقاذ».
ورداً على قول الأسد إن سوريا لم يكن لديها أي محاور في الجانب التركي، لفت وزير الخارجية التركي إلى أن الرئيس السوري يقول ذلك لأسباب تكتيكية، وسعياً منه لمحاولة إعادة العلاقات العسكرية من جديد، وهذا لن يحصل أبداً.
(سانا، الأخبار)