الخرطوم | جُرّد الصحافيون السودانيون، أمس، من أهم أدواتهم التوثيقية _ آلة التصوير _ بالإضافة إلى أجهزة الهواتف الخلوية، وذلك حينما نظموا أمس تظاهرة احتجاجية أمام مفوضية حقوق الإنسان في الخرطوم، في محاولة منهم لاختبار المفوضية في مدى استقلاليتها وقدرتها على صيانة حقوق السودانيين وحمايتها، فيما وقّعت قوى المعارضة وثيقة البديل الديموقراطي، التي تتحدث عن فترة ما بعد إطاحة الرئيس السوداني عمر البشير. وتجمّع أمس المئات من الصحافيين، أمام المفوضية بغرض تسليم مذكرة احتجاجية، نقلوا خلالها تظلّماتهم من الحكومة التي سلبتهم حرية التعبير.
الذين تمكنوا من الوصل باكراً، وقفوا أمام مبنى المفوضية مباشرةً، وكانوا مطوقين بشكل شبه كامل من قبل جهاز الأمن وسيارات الشرطة. أما من تعذر عليه الوصول من الصحافيين قبل أن تفرض قوات الشرطة سياجها الأمني، فقد منع من الانضمام إلى زملائه. كما منع منسوبو جهاز الأمن مندوب وكالة «رويترز» من التقاط الصور، ولم يكتفوا بذلك بل جرى اقتياد ثلاثة من الصحافيين، بعدما ضُبطوا وهم يلتقطون الصور بواسطة أجهزة المحمول، إلى سيارة الشرطة القريبة من نقطة التجمع للتحقيق معهم، وهو الأمر الذي جعل مفوضة حقوق الإنسان، آمال التني، تتدخل بسرعة لدى أفراد الأمن، طالبةً منهم السماح للصحافيين بالمغادرة. ولم يستجب لطلب المفوضة إلا بعدما مُسحت الصور التي توثق لذلك الحشد من ذاكرة الهاتف الخلوي.
في مقابل ذلك، وعدت المفوضة، التي خرجت واستقبلت جموع الصحافيين، بأنها ستتابع بصورة شخصية مسألة ضمان حرية التعبير للصحافة، وأبلغتهم بأنها تدرك تماماً التضييق الذي تمارسه الحكومة على الصحافة.
وإن كانت وقفة الصحافيين الاحتجاجية قد مرت بهدوء، إلا أن ثم تظاهرات احتجاجية انتظمت ظهر أمس في ضاحية شمبات شمال بحري، حيث تحرك العشرات من أبناء المنطقة في تظاهرات احتجاجية هي الأولى لهم بعد «جمعة لحس الكوع»، فيما دعا ناشطون عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» المواطنين للخروج الى الشارع يوم غدٍ في «جمعة شذاذ الآفاق»، في رد على تصريحات أطلقها الرئيس السوداني، عمر البشير، على من تظاهروا خلال الفترات الماضية.
في الأثناء، اتجهت الأنظار أمس إلى رؤساء أحزاب المعارضة، حيث تم التوقيع على وثيقة البديل الديموقراطي، التي تتحدث عن فترة ما بعد إطاحة الرئيس السوداني عمر البشير، للخروج بالبلاد من الضائقة الاقتصادية ووقف الحروب. وطوقت قوات الشرطة وعناصر الأمن دار حزب الأمة، بحسب شهود عيان، منذ ظهر أمس، بعدما شهدت ندوة تحدث فيها زعيم حزب الأمة الصادق ورئيسة قوى حق هالة عبد الحليم عن ضرورة التغيير. وروى شاهد عيان لـ«الأخبار» أن عناصر الأمن والشرطة وناقلات للجند سارعت إلى مكان إقامة الندوة التي نظمتها المعارضة في محاولة من قوات الأمن للتصدي لأي احتجاجات أو تظاهرات محتملة.
وتتحدث وثيقة البديل الديموقراطي في بنودها، عن فترة انتقالية تعقب مرحلة حكومة الرئيس عمر البشير الحالية.
وتنص الوثيقة بوضوح على تغيير النظام الحالي بشكل شامل وإعادة هيكلة الدولة. كما تنص على فترة انتقالية يحكمها إعلان دستوري، وتضطلع بها حكومة قومية بأربع وعشرين مهمة.
في غضون ذلك، أعلن المكتب القيادي للمؤتمر الوطني الحاكم ملامح الحكومة الجديدة، كاشفاً عن إعادة الهيكلة في جسم الحكومة بإلغاء وزارتين ودمج ثلاث وزرات، كما تم إعفاء 12 وزير دولة من جملة 35 وزير دولة ضمن حكومة القاعدة العريضة.