القاهرة | اتضحت الخلافات بين المشاركين في مؤتمر المعارضة السورية، في القاهرة، بعد لقاءات عدة أجرتها «الأخبار» مع عدد من رموز هذه المعارضة وممثليها. وأكد رئيس المجلس الوطني السوري، عبد الباسط سيدا، أن على ممثلي سائر المكونات السياسية والمجتمعية السورية التوافق على وثيقتين، الأولى وثيقة «العهد الوطني»، التي تحدد ملامح سوريا المستقبل، والوثيقة الأخرى هي خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية، «التي تبين القواعد التي بفضلها سنجتاز المرحلة الانتقالية الصعبة بأقل خسائر ممكنة».
وأوضح سيدا، في تصريحات لـ«الأخبار»، أن «المرحلة الانتقالية بالنسبة إلى سوريا تكتسب أهمية خاصة، وصعوبة كبيرة لأنها تتجاوز فيها نظاماً ديكتاتورياً عمره أكثر من أربعة عقود، نحو نظام ديموقراطي مدني تعددي، في مجتمع متعدد القوميات والطوائف». وتابع قائلاً «إن الوضعية معقدة، ونحن نعمل في سبيل تجاوز هذه العقدة». وأضاف إن «النقاشات بناءة بطبيعة الحال، وهناك تباين في الآراء، لكننا توصلنا إلى تشكيل لجنة صياغة لإتمام الوثيقتين، بعدما أدخلنا عليهما بعض التعديلات». وفي ما يتعلق بسبل دعم المؤتمر للجيش السوري الحر، أكد أن «الجيش السوري الحر بالنسبة إلى المجلس الوطني السوري هو ضلع أساسي من أضلاع الثورة، وبالتالي لا بد من دعمه»، لكنه لم يذكر كيف.
وبالنسبة إلى مبادرة المبعوث الدولي، كوفي أنان، طالب سيدا بأن يتم وضعها تحت مظلة الفصل السابع لمجلس الأمن، وعزا ذلك إلى أن استمرارها بوضعها الحالي يعني إعطاء المزيد من فرص القتل للنظام. وأوضح أن هناك بعض التغيرات في الساحة الدولية، وخصوصاً في الموقف اللافت بالنسبة لما حصل في جنيف، من جهة استعداد الروس لمناقشة مرحلة ما بعد بشار الأسد، «لكن الموقف الدولي في نهاية المطاف يستند الى تطورات الوضع الميداني على الأرض». وأشار إلى أنه عند الانتهاء من هاتين الوثيقتين، اللتين تعبران عن رؤية المعارضة لسوريا المستقبل، ستكون هناك لقاءات ومتابعة لما يتم الاتفاق عليه لضمان تنفيذه.
من ناحيته، أكد المستشار السياسي لـ«الجيش السوري الحر»، بسام الدادا، أنه ليس هناك إشكال حول وثيقة «العهد الوطني» بشكل مطلق، «لكننا نطالب بالأهم وهو دعم الجيش الحر ودعم الحراك الثوري، فموضوع الحكومة الانتقالية ليس وقتها الآن، ونحن لا نريد أن نشتري العلف قبل الحصان». وأكد الدادا أن «الجيش الحر لم ينسحب من مؤتمر المعارضة، ومن يتكلم بالداخل من المجالس العسكرية لا يمثل الجيش السوري الحر». وقال الدادا في حديث مع «الأخبار» إنه «لا بد من أن يسقط النظام السوري الحاكم برئاسة بشار الأسد أولاً، ثم نتحدث عن الحكومة الانتقالية». وأوضح أنه يمكن أن نضع الخطوط العامة، لكن لا يجب أن ندخل في التفاصيل، «المهم الآن هو دعم الجيش السوري الحر بشكل مباشر، فهذا هو الأساس. أما الأمور السياسية الجانبية، فلا تهمنا في شيء».
ولفت الدادا إلى أن مبادرة كوفي أنان هي مؤامرة بكل معنى الكلمة على الشعب السوري، وأضاف «أنا قلت لناصر القدوة نائب المبعوث الأممي العربي، إذا كان النظام السوري لا يستقبله، فكيف يفرض عليه أجندة سياسية». وأكد أنّ «الجيش السوري الحر يسيطر على أكثر من 60% من الأراضي السورية، وتصل في مرحلة الليل إلى نحو 90%، والجيش السوري النظامي أصبح كجيش احتلال يفرض وجوده من خلال قوته، فهو يسيطر كاحتلال، لا كدولة، والنظام على أرض الواقع ساقط، والقضاء عليه هي مسألة وقت».
بدوره، قال القيادي في «حزب الأحرار»، غزوان الأكتع، «نحن لدينا بعض التحفظات على وثيقة المرحلة الانتقالية، ونحن قدمنا تلك التحفظات مكتوبة، ووعدت لجنة إعادة الصياغة بأخذها بعين الاعتبار، وتتمثل تحفّظاتنا في أن أي عملية في سوريا لحل الأزمة نهائياً تبدأ بوقف إطلاق النار، ورحيل بشار الأسد، وإطلاق سراح المعتقلين، ومن ثم تشكيل حكومة وحدة وطنية أو انتقالية للإعداد للمرحلة الانتقالية، ونقل سوريا للمرحلة الديموقراطية». وأضاف الأكتع لـ«الأخبار»، إنه «في ما يتعلق بوثيقة العهد الوطني، لدينا عليها أيضاً بعض التحفظات، وهي بالمجمل مقبولة، فهي تتحدث عن دولة ديموقراطية، وعن المساواة بين مكونات الشعب السوري في الحقوق والواجبات، وأن تكون المواطنة هي السقف الأعلى للانتماء للوطن، ونحن اقترحنا أن تنتخب لجنة متابعة لوضع هاتين الوثيقتين قيد التنفيذ». ولفت إلى أنه لو وضعت مبادرة كوفي أنان تحت الفصل السابع منذ البداية وأجبر النظام السوري على تنفيذها، «كان يمكن أن تفيد، أما بالشكل الحالي للأمور فهي ميتة، نحن لا يعنينا ماذا يريد مجلس الأمن، ولا يعنينا ماذا يريد المجتمع الدولي، ما يعنينا هو وقف القتل في بلادنا ورحيل هذا النظام المجرم عنه».
من جهته، رأى نائب المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية صالح محمد، وأحد المشاركين في اللجنة التحضيرية للإعداد للمؤتمر، في تصريحات لـ«الأخبار» أنه «إذا تم الاتفاق على هاتين الوثيقتين بين كل أطياف المعارضة السورية، فإنه يمكن أن يشكل مخرجاً لحلّ الأزمة السورية، فلا بد للنظام من أن يسمع ويستجيب. أما إذا لم تتوحد المعارضة السورية، فبإمكان النظام السوري أن يلعب بشتى الأشكال». وأضاف إنه «إذا كان الرأي العالمي جاداً في حلّ الأزمة السورية، وإذا منعت روسيا والصين الأسلحة عن النظام السوري، والأطراف الأخرى منعت السلاح عن الجماعات المسلحة، فإنّ النظام السوري لن يصمد، ولكن للأسف الشديد الدول الكبرى وأعضاء مجلس الأمن تقول شيئاً وتفعل شيئاً آخر».
في المقابل، قال خالد أبو صلاح، «أحد قادة الثوار في حمص»، إن الشارع السوري بعيد كل البعد عن كل الكلام الذي يحمل أكثر من وجه، مؤكداً أن «مطالب الثورة واضحة، وهي دعم الثوار بالسلاح وفرض منطقة حظر جوي، ولا نريد منطقة عازلة، نحن فرضنا المنطقة العازلة، نطالب بالالتزام بمطالب الشارع السوري». وأضاف «نحن مستمرون في الثورة، سواء اتفقت المعارضة أو لم تتفق، وما نريده من هذه المعارضة هو أن تبلور رؤية واضحة من أجل تخفيف عدد الضحايا السوريين».
ولفت أبو صلاح إلى أنّه «لا نريد أي شيء من الدول العربية، لأنها لم تقدم شيئاً، وإنما نريد من الشعوب العربية أن تتحرك من أجل نجدة السوريين، فالثورة السورية ليست ثورة سوريا وحدها، وإنما هي ثورة الأمة العربية».