القاهرة ــ الأخبار بمشاركة نحو 250 شخصية من أطياف المعارضة السورية، من الداخل والخارج، وبحضور عدد من وزراء خارجية عدد من الدول العربية والأجنبية، ركّزت كلمات المشاركين في افتتاح مؤتمر المعارضة السورية على بلورة رؤية موحدة لهذه المعارضة. وحفلت الكلمات الافتتاحية بمواقف عديدة، لعل أبرزها للرئيس المصري محمد مرسي، الذي ألقاها بالنيابة عنه وزير الخارجية محمد كامل عمرو. البارز في كلمة مرسي كان إعلان دعمه «الكامل لكفاح الشعب السوري»، داعياً مؤتمر المعارضة السورية الذي عقد في القاهرة إلى التوحد وبلورة برؤية موحدة لسوريا الجديدة الديموقراطية التي تطمئن كل أطياف الشعب السوري. وقال مرسي: «إن سوريا لمصر هي امتداد للأمن القومي المصري والعكس، فاستقرار سوريا وحرية شعبها في قلب اهتمامات مصر»، مشيراً إلى أن مصر وسوريا كانتا معاً دولة واحدة وشعباً واحداً. وأضاف أن «الشعب السوري يناضل ببسالة مبهرة ويدفع الثمن في مواجهة آلة قمع لا تستثني طفلاً ولا امرأة، وذلك للمطالبة بالحرية والديموقراطية»، مؤكداً أن وقفة الشعب المصري إلى جانب الشعب السوري هي واجب وليست فقط مسألة أمن قومي.

وشدّد على «الرفض القاطع للقمع الوحشي». وأكد «ضرورة وأهمية الحفاظ على الوحدة والسلامة الإقليمية للدول السورية وتجنب سقوطها في هوية التقسيم أو صدام طائفي»، مشيراً إلى أن وحدة سوريا خط أحمر لا يقبل المساومة، مضيفاً في الوقت نفسه أن «مصر لا تقبل استمرار حمام الدم في سوريا، واستمرار القمع والوحشي للمدنيين، بمن فيهم النساء، ولا تقبل أن يرتبط الوضع في سوريا بحسابات قوى دولية تسجل نقاطاً في مواجهة قوى أخرى». وأشار الرئيس محمد مرسي، في رسالته إلى المؤتمر، إلى أن «الطريق لحل الأزمة السورية يمر عبر محطات أساسية، أولاها توفير الدعم الكامل غير المنقوص لمبادرة المبعوث الأممى العربي المشترك كوفي أنان، بغية وقف العنف وتمكين الشعب السوري، وتأمين حق كل سوري في التعبير عن حريته بمأمن عن آلة القمع الوحشية». وأضاف أن «المحطة الأخرى هي بناء موقف دولي جامع وحاسم يرفض العدوان والقمع، ويتخذ كل ما يلزم من إجراءات لوقف نزف الدم في سوريا الشقيقة».
وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي، في كلمته للمؤتمر، ضرورة عدم إضاعة الفرصة الحالية لتوحيد صفوف المعارضة السورية، «فتضحيات الشعب السوري أكبر منا جميعاً وأغلى من أي خلافات أو مصالح فئوية، ولا يجوز بعد اليوم إعطاء فرصة للمشككين بقدرة المعارضة السورية على تحمل مسؤوليتها».
وقال العربي إن «مجلس الجامعة العربية يسعى إلى التوجه بخطة النقاط الست التي وضعها المبعوث الأممي العربي المشترك بشأن سوريا كوفي أنان إلى مجلس الأمن لاتخاذ قرار ملزم بها»، مؤكداً أن «الجامعة العربية منحازة إلى خيارات الشعب السوري في الحرية والتغيير السلمي، والحفاظ على وحدة سوريا».
من جهته، أطلق وزير خارجية العراق هوشيار زيباري، الذي ترأس بلاده القمة العربية، مواقف مفاجئة، لجهة ما هو معروف من سياسة حكومته تجاه الأزمة السورية، وقال إن «المعارضة السورية تمرّ في مرحلة صعبة ودقيقة من تاريخها بعد مرور ما يقارب خمسة عشر شهراً من كفاح مستمر ومن دون هوادة في التعبير عن آمال الشعب السوري وطموحاته من أجل التخلص من نظام شمولي لم يتوان عن استخدام كل وسائل القمع لمجابهة التظاهرات والاحتجاجات السلمية، ولم يتورع عن ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وأخيراً دك المدن بالأسلحة الثقيلة والطائرات من دون أي اكتراث بحياة السكان الأبرياء، ولا سيما النساء والأطفال، وخاصة ما حصل في الحولة وغيرها».
وقال زيباري، المعروف أنه يغرّد خارج سرب رئيس الحكومة نوري المالكي، وخاصة في ظل الصراع المرير الذي يقوده الأخير مع مسعود البرزاني الذي يتبع له زيباري: «لم يكن الشعب السوري في انتفاضته وثورته المستمرة بعيداً عمّا حصل في العالم العربي من تمرد على الظلم والطغيان وهدر كرامة الإنسان أسقطت فيها الشعوب العربية حكامها وأنظمتها الديكتاتورية، وهي تسعى إلى بناء أنظمتها الديموقراطية بإرادتها». ودعا زيباري، الذي يبدو واضحاً أن مواقفه تتناقض مع المواقف الرسمية المعلنة لحكومة بغداد ورئيسها ورئيس جمهوريتها، إلى «توحيد الجهود والعمل على أن تكون المعارضة السورية ممثلة تمثيلاً شاملاً لكل مكونات الشعب السوري وأطيافه من دون تهميش أو إقصاء لأية فئة لتتمكن من أن تقدم نفسها بديلاً ذا صدقية يحمل تصوراً كاملاً لبناء دولة سوريا الحديثة».
ولفت زيباري إلى أن «موقف العراق لم يكن محايداً بين المعارضة والنظام كما تصور البعض، بل كان دائماً مع تطلعات الشعب السوري وحقه في التعبير عن نفسه وإرادته وبناء مستقبله على غرار مواقفنا السابقة من التحولات السياسية التي جرت في دول أخرى في العالم العربي». وشدد على أن العراق «لم يكن ضد المعارضة والثورة السورية، لكننا نقول إن الشعب السوري هو الذي يقرر مصيره بملء إرادته، لافتاً إلى أنه ستُبذل كل الجهود حتى يكون هناك تحول سلمي للسلطة يتسلم فيه ممثلو الشعب السوري قيادة عمليتهم السياسية وبناء الدولة السورية الحديثة من دون أي تدخل عسكري خارجي وإراقة مزيد من الدماء». وأضاف أن «هذا يتطلب الشروع الفوري في حوار وطني يضم جميع الأطراف في عملية سياسية انتقالية لتحقيق تطلعات الشعب السوري نحو الديموقراطية ولتقرير مصيره بنفسه».
من جهته، قال وزير الخارجية التركي، أحمد داوود أوغلو، إن بلاده أكدت منذ بداية الأزمة السورية أن حلها يجب أن يكون من خلال الصبغة الإقليمية ومن قلب جامعة الدول العربية، مشيراً إلى أن أنقرة تؤيد جهود الجامعة العربية وتنسق معها لبلورة رؤية مشتركة. ورأى أن «ما تمر به سوريا عمل من أعمال الإرهاب وأن عملية التغيير ليست عملية سهلة ولا بد من المثابرة والكفاح»، مؤكداً أن «الكفاح خلال عام يصل إلى المعجزة». وطالب المعارضة «بتوحيد مواقفها وأن تتحدث بصوت واحد»، مؤكداً أن «نتائج الاجتماع ستعرض على مؤتمر باريس فى اجتماع الجمعة المقبل».
وأكد نائب المبعوث الأممي العربي المشترك للأزمة السورية كوفي أنان، الدكتور ناصر القدوة، ضرورة أن تحقق المعارضة وحدتها. وقال إن إنجاز ذلك ليس خياراً، بل ضرورة حتمية لكي تزيد المعارضة من الدعم الدولي لها وتفرض نفسها في المعادلة، قائلاً: «إننا نثق بقدرتكم على تحقيقها».