بيت لحم | رغم الضغوط الكبيرة التي مورست، نجح ملف مدينة بيت لحم، المسمى «المدينة القديمة وكنيسة المهد وطريق الحجاج»، بالدخول إلى قائمة «التراث العالمي»، التابعة لليونسكو. وبحسب مصادر «الأخبار»، فقد حصل الملف على موافقة 13 عضواً من أصل 21، فيما عارضه 6 أعضاء وامتنع عضوان عن التصويت. وهذا يعني أن بيت لحم القديمة قد دخلت قائمة التراث العالمي، كمدينة فلسطينية تحظى بوصف أن فيها «معلماً تراثياً عالمياً».واعتبر جريس قمصية، المتحدث الإعلامي باسم وزيرة السياحة في بيت لحم، في حديث مع «الأخبار»، أن تصويت اليونسكو «نجاح كبير لفلسطين على كافة الأصعدة». وسياسياً، أكّد التصويت الحق الفلسطيني في تسجيل مواقعه الأثرية والتراثية، كبقية دول العالم، كما أنه أسهم في مزيد من الترويج السياحي للمدينة المقدسة خاصة، ولفلسطين على نحو عام، يضيف قمصية.
أما في ما يخص مدينة بيت لحم، فيشير قمصية إلى أن القرار «يساعد على الحفاظ على هذه الأمكنة وحمايتها، وأكثر من ذلك على استقطاب المزيد من الدول المانحة والأموال للعمل على ترميمها بما يليق بمكانتها». وتحدث قمصية عن الطلب الفلسطيني، مؤكّداً أنه قدّم على أنه «طلب مستعجل»، وجرت الموافقة على عقد اجتماع والتصويت عليه، وهو ما جرى بالفعل، وبغالبية الأصوات، رغم حملة الضغط الشديدة ضد إقراره، «إلا أن الطلب نجح في نهاية الأمر، وحصلنا على ما نريد».
من جهته، رحّب رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بقرار لجنة التراث العالمي، في دورتها السادسة والثلاثين، إدراج مدينة بيت لحم على لائحة التراث العالمي. ورأى فياض أن هذا القرار يؤكد الأهمية العالمية لهذه المدينة الفلسطينية المقدسة، ومكانتها لدى شعوب العالم والتراث والحضارة الإنسانية، «وهو يعطي الأمل والثقة لشعبنا بحتمية انتصار قضيته العادلة». وأضاف «لقد آن الأوان لمنظمات الأمم المتحدة ومؤسساتها المختلفة في أن تتحمل مسؤولياتها السياسية والقانونية والثقافية والأخلاقية، لوضع حدّ لما يتعرض له شعبنا الفلسطيني، وتراثه الثقافي وإرثه الحضاري الإنساني، من مخاطر جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي».
ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ايغال بالمور «إن ما شهدناه في اليونسكو هو دراما عبثية، والإجراءات التي قام بها الفلسطينيون كانت إجراءات سياسية بحتة داخل هذه المؤسسة». بينما أعرب السفير الاميركي لدى المنظمة ديفيد كيليون عن «خيبة أمل كبيرة»، مشيراً إلى أن القرار «مسيس».
وكان وزير الخارجية رياض المالكي قد قال، خلال كلمته أمام اجتماع لجنة التراث العالمي، «إن التراثين الثقافي والطبيعي الفلسطينيين مهددان بخطر التدمير من قبل آلة الحرب الإسرائيلية، ومن سياسة الاحتلال المتبعة في بناء المستوطنات، وجدار الضم والفصل العنصري، إضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية الممنهجة لطمس الهوية الثقافية والتاريخية، والوجود الفلسطيني على أرض فلسطين التاريخية، وممارسات المستوطنين الإرهابية، التي تضع التراث والإنسان الفلسطيني تحت خطر الموت والاندثار». ودعا المالكي الدول الأعضاء، في اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي لعام 1972، الى حماية فلسطين من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد الأماكن التراثية والمقدسات الفلسطينية.
داخل مدينة بيت لحم، يستطيع المرء أن يلحظ الفرحة بين المواطنين، قبل المسؤولين، على اعتبار أن مدينتهم، أو جزءاً منها، أصبحت معلماً تراثياً دولياً، وخاصةً لما قد يكون له من مردود اقتصادي عليهم في المدى المنظور والبعيد.
في هذا السياق، يؤكد صاحب المكتب السياحي ميشيل عوض لـ«الأخبار» أن «أهمية القرار بالنسبة إلينا من شقين، الأول هو أن هناك جزءاً من فلسطين أدرج رسمياً كموقع تراثي دولي، والثاني، وهو الأهم، أنه يزيد الوعي لدى السياح بأن بيت لحم هي جزء من فلسطين وموجودة فيها، لأن هناك نسبة كبيرة من السياح يزورون بيت لحم، ولا يعرفون أنهم زاروا فلسطين، وهو أمر مخجل بالفعل».
فيما عبّرت مارينا مكركر، بنت بيت لحم، عن فرحتها بالقرار، معتقدة أن هذا القرار «سيزيد من حجم السياحة في المدينة المقدسة، كما أنه سيسهم في تطور المدينة وازدهارها».
لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى كارول صنصور، التي قالت لـ«الأخبار»، كنا في مرحلة سابقة «نوافق على مسايرة الامل، وكان لدينا أمل بأنظمة عالمية ترفض الاستغلال وتصنيف الدول، لكن بعد كل ما يدور في فلسطين اليوم وفي العالم العربي، يأتي قرار اليونسكو «مثل الكريما في حوض دم»، لا فائدة منه». وتساءلت صنصور «باختصار ما فائدة الحفاظ على الحجر بينما الشعب يموت، ولماذا اختزلت الشعوب بدينها وموروثها التراثي والثقافي، بينما واقعها وحلمها واحتياجاتها الآنية مهملة».