نواكشوط ــ باريس | أكّدت تقارير أن «مجاهدي» حركة أنصار الدين تمكنوا، أمس، من بسط سيطرتهم على كل مدينة غاوه، وطردوا منها عناصر الحركة الوطنية لتحرير أزواد، وذلك بعد معارك نشبت على أثر مقتل مدير مدرسة ابتدائية. وقال المتحدث باسم الحركة أبو داوود إن «المعارك أمس كانت عنيفة وسط المدينة»، وإن مقاتلي أنصار الدين والجماعات المتحالفة معها، بسطوا سيطرتهم على كل المدينة، وعلى مقر الحكومة المؤقتة التي أعلنت عنها الحركة الوطنية من جانب واحد. وأضاف أن عدد القتلى في صفوف الحركة الوطنية بلغ العشرات، ومن بينهم ضابط برتبة عقيد يدعى بونا آغ الطيب آغ كيو، وهو عقيد سابق في الجيش المالي.وأكد أبو داوود «نحن نتقدم إلى منطقة المطار حيث تتركز القوة العسكرية للحركة الوطنية لتحرير أزواد»، قبل أن ينهي الاتصال مع «الأخبار» بقوله «أنا أسمع تكبيرات الإخوة في المقدمة مع إطلاق النار مما يدل على أن الاشتباك في المطار قد بدأ. قواتنا تقصف حالياً المطار بصواريخ غراد والراجمات المضادة للدبابات».
كذلك أشار متحدث آخر باسم جماعة أنصار الدين الى أن مقاتلي الجماعة طردوا نهائياً مقاتلي الحركة الأزوادية الى خارج المدينة، واعتقلوا ما يزيد على عشرين منهم. وهو ما أكده مصدر تحدث باسم الجبهة الوطنية لتحرير الأزواد لـ«الأخبار»، قائلا إن «جميع مقاتلي حركتنا أصبحوا فعلاً خارج مدينة غاوه، لكننا لا نزال نسيطر على المطار». وتابع «جميع فصائل «القاعدة» شاركوا في المعارك الى جانب أنصار الدين، لكن حركتنا تعيد حاليا تجميع قواتها على مشارف المدينة، وتنتظر إمدادات تحركت من كيدال في اتجاه مدينة غاوه لاستعادة السيطرة على المدينة وطرد المسلحين الإسلاميين منها».
ووصف المصدر أجواء الرعب التي تشهدها المدينة، حيث الشوارع تعج بالقتلى، لكنه من الصعب تحديد انتمائهم لأي من الطرفين. لكنه رفض نفي أو تأكيد الأنباء التي تحدثت عن إصابة الرئيس المؤقت لحكومة الحركة الوطنية، بلال آغ شريف، مكتفياً بالقول إن «المنطقة مشتعلة للغاية، ولا تقتصر المواجهات بين الفصائل الأزوادية والجماعات الجهادية، بل هناك مخاوف جدية من أن يتحول الصراع أيضاً إلى مواجهات ذات طابع عرقي بين العرب والطوارق».
وكانت الاشتباكات قد نشبت إثر مقتل مدير مدرسة ابتدائية في غاوه يدعى أدريس عمرو ميغا. وقال رئيس مركز الشرطة الاسلامية في غاوه إن تظاهرات ومواجهات اندلعت بسبب اتهام عناصر من الحركة الوطنية لتحرير أزواد بقتل مدير المدرسة، وذلك لقرب المكان الذي قتل فيه من مركز تابع للحركة.
بدوره، اتهم عضو مجلس فقهاء غاوه، أحمد الموفق، عناصر من جماعة التوحيد والجهاد بتدبير تلك التظاهرات، تمهيداً لتفجير الأوضاع، مشيراً إلى أن عناصر الحركة الوطنية لتحرير أزواد اكتفوا بإطلاق النار في الهواء وتم تفريق المتظاهرين.
أما العقيد أدغيمر، وهو ضابط في الجناح العسكري للحركة الوطنية لتحرير أزواد، فقد اتهم جماعة التوحيد والجهاد بأنها « تقوم بتحريض الشعب ودفعه للتظاهر ضدّ الحركة الأزوادية». وقال «نحن حرصنا على الوقوف أمام التظاهرات إلى أن تفرقت من دون أن يصاب أحد بأذى». وأكد أن «الجميع في غاوه يعرف أن مدير المدرسة المقتول توجد عداوة وثأر قديم بينه وبين أحد أقاربه»، نافيا أن يكون هنالك أي دليل على تورط عناصر من الحركة الأزوادية في مقتله. وكان مسؤول من منظمة الصليب الأحمر الدولي قد غادر غاوه أول من أمس، قائلاً قبيل مغادرته «نحن الآن نغادر غاوه متجهين إلى النيجر، فالمدينة أصبحت ممتلئة بسيارات الجماعات الإسلامية». وأضاف «الحرب أصبحت غير مفهومة. تبدو وكأنها تحولت الى حرب بين السونغاي والعرب المدعومين من قبل الجماعات الإسلامية من جهة، والطوارق من جهة أخرى».