بالرغم من اللغة الهادئة التي تحرص عليها القيادة السياسيّة الإسرائيليّة إزاء انتخاب مرشح الإخوان المسلمين، محمد مرسي، رئيساً لمصر، والتقديرات غير التشاؤمية في ما يتعلق بمستقبل العلاقات بين مصر وإسرائيل في المدى المنظور، وصولاً إلى الحديث عن مصلحة إسرائيلية مصرية مشتركة في الحفاظ على اتفاقية السلام، إلا أن للجيش الإسرائيلي منطقاً وتقديرات مغايرة، إزاء التحولات التي شهدتها الساحة المصرية، دفعته إلى مطالبة حكومته بزيادة موازنته بـ 15 مليار شيكل ستخصص كلها للجبهة الجنوبية.
وذكرت صحيفة «معاريف» أن الجيش وجد نفسه مضطراً إلى إعادة التفكير بشكل معمق بوضع الجارة الجنوبية، وتغيير سياسته واستراتيجيته تجاهها بعد التطورات الأخيرة، بعدما كان قد ركز خلال العقود الأخيرة، منذ اتفاقية السلام الإسرائيلية المصرية، اهتمامه وتدريباته على الجبهة الشمالية مقابل سوريا ولبنان، وعلى الجبهة الفلسطينية في قطاع غزة، ولمواجهة تحديات بعيدة، في إشارة إلى إيران.
وكشفت الصحيفة عن نقاشات جرت داخل الجيش، قبل الانتخابات المصرية، تم خلالها بحث الأبعاد والتأثيرات الاقتصادية لإعادة استعداد الجيش لمواجهة التحديات الجديدة، وأن دخول رجل «الإخوان المسلمين» الى قصر الرئاسة رفع من الحاجة إلى هذه الاستعدادات، فيما حذرت جهات أمنية إسرائيلية في الأيام الأخيرة من أن أيّ تأجيل في بحث هذا الموضوع قد يمسّ بجهوزية الجيش الإسرائيلي.
ولفتت الصحيفة الى أن نتائج الانتخابات المصرية أثارت قلقاً شديداً في صفوف الجيش الإسرائيلي، الذي بدأ مؤخراً بدراسة سبل التزود بعتاد وأسلحة جديدة مع إعادة تنظيم انتشاره على الحدود المصرية الإسرائيلية، مع إجراء تغييرات داخلية في طرق انتشار القوات الإسرائيلية عند الحدود المصرية مع احتمالات عودة ما أطلق عليه «الجبهة المصرية».
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية قولها إنه بالإضافة إلى إقرار جميع الجهات بأهمية بناء السياج الحدودي بين الدولتين، إلا أنه يتعين إدخال تغييرات أساسية في المنطقة الحدودية مع مصر، بما في ذلك بنى تحتية جديدة، والتزود بوسائل قتالية جديدة ونشر أجهزة استخبارية.
ويقدرون في المؤسسة الأمنية أن مشكلة الاستعدادات على الجبهة الجنوبية ستطرح خلال مناقشة الموازنة المقبلة، ومن المتوقع أن يطرح كبار قادة الجيش أنه بدون 15 مليار شيكل المقدرة، بالإضافة إلى ثلاثة مليارات في السنة، لن يكون بالإمكان تنفيذ الخطة.
من جهة أخرى، رأى السفير الإسرائيلي السابق في الأردن، الباحث في مركز أبحاث الأمن القومي، عوديد عيران، أن أحداث الأيام الأخيرة في مصر تشير إلى بداية عهد الاضطراب وانعدام اليقين في هذه الدولة، ما يضع إسرائيل أمام معضلات أمنية وسياسية صعبة. وأضاف إن السؤال الآن هو إن كانت الإدارة الأميركية واصلت مساعيها للوصول إلى تفاهم مع الإخوان المسلمين ومع الرئيس الجديد، انطلاقاً من أن أيّ حوار أميركي مباشر ستكون له أهمية شديدة في الفترة المقبلة، لجهة دوره في تصميم أنماط العلاقات بين الجيش المصري والحكم المدني الجديد وأنماط العمل المصرية في المسائل الإقليمية.
ورأى عيران أن انعدام الوضوح القائم بالنسبة إلى مصدر الصلاحيات، ولا سيما في مواضيع الأمن، من شأنه أن يستمر لزمن طويل ويبقي إسرائيل في حوار مع الجيش المصري فقط، دون قدرته على التواصل مع القيادة المدنية، في حين أن أي رد إسرائيلي منضبط في هذه المرحلة الحساسة من التطورات الداخلية المصرية، سيوفر فرصة ما للحوار مع الساحة السياسية الجديدة في مصر، وإن كانت المؤشرات الأولية على ذلك ليست مشجعة. وأكّد عيران ضرورة ألا تنجرّ إسرائيل إلى الاستفزازات، ولا سيما من جانب جهات فلسطينية في غزة، بهدف جرّها إلى ردٍ عسكري داخل أراضي سيناء، مشدداً على ضرورة أن تستخدم الخط الذي لا يزال مفتوحاً مع الجهات الأمنية المصرية والإدارة والكونغرس الأميركيين.