كشف مصدر سياسي إسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة «هآرتس»، أمس، عن تقديره أن «العلاقات بين المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ونظيرتها المصرية ستبقى، وأن إيران والإرهاب سيبقيان عدواً مشتركا للدولتين، أما غزة وحماس فستبقيان مصدراً لوجع رأس مشترك». واستبعد المصدر إمكان أن يتنكر الرئيس المصري الجديد محمد مرسي لاتفاقات السلام مع إسرائيل. أما لجهة حجم تهريب السلاح إلى سيناء، فأكد المصدر أنهم في إسرائيل لا يتوقعون تغييراً جوهرياً في هذا المجال. لافتاً إلى أن «السلاح يتدفق إلى غزة على أي حال. وبالتأكيد لا نرى تهديداً تقليدياً من الجيش المصري في المستقبل المنظور».
وبخصوص إمكان أن تبادر مصر إلى فتح معبر رفح مع غزة، رأى المصدر في ذلك «فرصة لإسرائيل، إذا كانوا يريدون أن يحصلوا على بضائعهم من ميناء الإسكندرية وليس من أسدود، فليتفضلوا». ورأى أن فوز رجل الإخوان المسلمين «ليس ضربة مصيرية». وأكد المصدر أيضاً أن المؤسسة الأمنية المصرية تتطلع إلى الإبقاء على صلاحيات الخارجية والأمن بيدها، فيما تريد تسليم إدارة الشؤون الاقتصادية إلى الرئيس الجديد، والتي «مآلها إلى الفشل»، الأمر الذي سيؤدي إلى جعل الصراع مع المجلس العسكري «يستمر بقوة أكبر».
وفي الوقت الذي أكدت فيه «هآرتس» أنهم في إسرائيل يؤكدون وصول رسائل تهدئة من مصر إلى إسرائيل في الأيام الأخيرة، أكدت محافل أمنية إسرائيلية أن مصدر القلق الأساسي الآن لا يتعلق بتبدّل السلطة في مصر، بل بالوضع في سيناء. ورأوا أنه كما فشل المجلس العسكري في المحافظة على استقرار الوضع الأمني في سيناء، «من غير المتوقع حدوث تغيير إيجابي هناك بعد انتخاب مرسي رئيساً». وأضافت المحافل نفسها أن الخطر يتعلق باحتدام الوضع القائم في سيناء التي هي الآن أرض سائبة، والذي من شأنه أن يسمح بحرية عمل واسعة لخلايا «الإرهاب الإسلامي»، بمساعدة منظمات فلسطينية من القطاع. وعلى المدى البعيد، قد يؤدي حدوث عمليات انطلاقاً من سيناء إلى تصعيد في العلاقات بين إسرائيل ومصر.
من جهة أخرى، تناولت «يديعوت أحرونوت» التعديلات التي يمكن أن يطالب بها مرسي في اتفاقية كامب ديفيد وما إذا كان هناك في القانون أو العرف الدوليين ما يسمح بالقيام بذلك من دون أن يثير ذلك جلبة عالمية. ونقلت عن المحاضر في قسم الدراسات العربية في جامعة بار إيلان، وفي معهد بيغين السادات للدراسات الاستراتيجية، الدكتور مردخاي كيدار، قوله إن «اتفاقية السلام مع مصر تسمح للمصريين بخرقها بشكل مهذب، بحيث لا يمكن إسرائيل الاعتراض على ذلك». ورأى كيدار أن الاتفاق خاضع لتفسيرات «ليبرالية» تسمح بخرق أجزاء منه، وبالتالي خفض مستوى الالتزام المصري بالسلام مع القول من جهة ثانية إن الاتفاقية لا تزال نافذة. ولفت كيدار إلى أن المصريين سبق أن أعلنوا أخيراً إلغاء اتفاقية الغاز مع إسرائيل «وهم يقولون إن ثمن الغاز لإسرائيل غير منصف لهم، وإن إسرائيل حصلت على هذا السعر عن طريق صفقات غير شرعية مع نظام مبارك وأبنائه». وأشار أيضا إلى أن التزام القاهرة في كامب ديفيد بعدم إدخال قوات مصرية إلى سيناء يعتبر إهانة ومسّاً بالسيادة المصرية، وبالتالي يمكن مصر القول إن عهد السادات ومبارك لم يعد قائماً، ونحن نريد أن ندخل الجيش المصري إلى سيناء، وبإمكان إسرائيل أن تفعل ما تشاء. وهنا ستغضب إسرائيل وتحتج، إلا أنها لن تفعل شيئاً لأنها تريد أن تحافظ على الاتفاقية.
وحذر كيدار من أنه في حال رفضت مصر السماح لسفن إسرائيلية بعبور قناة السويس وهي ترفع العلم الإسرائيلي، «فإن العالم سيسكت، لأنه لا توجد دولة ترغب في تعريض عبورها عبر قناة السويس للخطر». كذلك يمكن مصر أن تثير مشكلة إضافية تتمثل في «اتفاقية إطار السلام في الشرق الأوسط» والتي تتمحور حول القضية الفلسطينية.