القاهرة | صحيح أن محمد مرسي أصبح رئيساً للجمهورية، لكن يبدو أن عدداً كبيراً من أعضاء حزب الحرية والعدالة، الإخواني، لم تصل إليهم تلك المعلومة بعد، ويتعاملون على أساس أن مرسي لا يزال مقيماً بالمقطم، حيث المقر الرئيسي لحزب الحرية والعدالة، ولم ينتقل بعد إلى مصر الجديدة، حيث القصر الذي سيدير منه الرئيس الجديد شؤون الرئاسة. ويتجاهل هؤلاء أن مرسي أصبح بذلك رئيساً لكل المصريين، لا لحزب أو فصيل بعينه.
فرغم التأكيدات التي أطلقها مرسي منذ إعلان فوزه بالمنصب الرفيع، بأنه خلع رداءه الحزبي، لا تزال قيادات في جماعة الإخوان المسلمين وأعضاء بحزبها يتحدثون عن خط سير الرئيس، سواء بالمقابلات التي سيجريها أو مكان أداء مرسي اليمين الدستورية، وحتى تشكيل الحكومة الجديدة. والأخيرة يراها الكثيرون الاختبار الأول والحقيقي لتعهدات الإخوان المسلمين للقوى الليبرالية والثورية، ومدى التزام الجماعة باقي التعهدات التي أقرتها قبل فوزها بالرئاسة. وانتشرت تقارير صحافية خلال الأيام الماضية، تفيد بأن مرسي قد يعرض على الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية، محمد البرادعي، تشكيل الحكومة الجديدة. إلاّ أن مصادر مقربة من البرادعي، أكدت أنه اعتذر عن عدم قبول المنصب، مكتفياً بالدور السياسي الذي يؤديه بين شباب الثورة، والحزب السياسي الذي يعكف ومعه آخرون على تأسيسه حالياً.
وجرى التداول في عدد من الأسماء الأخرى، التي قيل إن مرسي عرض عليها تشكيل الحكومة الجديدة، لكنها تظل جميعها في دائرة التكهنات مع غياب المعلومات المؤكدة من مؤسسة الرئاسة. أما الأحزاب الإسلامية، التي ساندت مرسي في سباق الرئاسة، فتنتظر ردّ الجميل من جانب الرئيس، حيث تسعى إلى أن يكون لها ممثلون في الحكومة الجديدة، ولا سيما أن تلك الأحزاب حصلت على ثاني أكبر نسبة مقاعد في مجلس الشعب، الذي صدر قرار قضائي بحله، وفي مجلس الشورى القائم حتى الآن. ويكثف مرسي اتصالاته مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة وبعض الشخصيات العامة، لإنجاز هذا الملف سريعاً.
وقال القيادي في حزب «الحرية والعدالة»، صبحي صالح، إن حزبه «يتلقى اقتراحات الأحزاب بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، إلا أنه حتى الآن لم تتضح أي مؤشرات عن الشخصيات التي ستتولى الحقائب الوزارية الجديدة». وقالت البوابة الإلكترونية لصحيفة «الوفد» المصرية، إن مصادر مقربة من الرئيس توقعت أن يُعلن اليوم اسم رئيس الحكومة الجديدة واسمي نائبي الرئيس. وأكدت المصادر أن «رئيس الجمهورية فرض السرية على المشاورات الجارية بهدف الدقة وحسن الاختيار بعيداً عن أي تدخلات، وبما يصبّ في مصلحة مصر».
أما عن اختيار نواب الرئيس، فأكد المستشار السياسي للرئيس المنتخب، أحمد ضيف، أنه سيُعيَّن نائبان للرئيس، أحدهما قبطي والآخر سيدة. وأضاف في تصريح لـشبكة «سي أن أن»: «لأول مرة في تاريخ مصر، ستُعيَّن سيدة في هذا المنصب، حيث لن يكون المنصب مجرد لقب، بل سيتمتع منصب نائب الرئيس بصلاحيات ونفوذ». وساق ضيف مزيداً من الطمأنة بقوله: «لم ندع إلى إقامة جمهورية إسلامية في مصر، وكان الدكتور مرسي واضحاً لدرجة عالية في هذا الخصوص، حيث أكد أننا نرغب بدولة دستورية ومدنية، بالإضافة إلى أنها حضارية وقائمة على احترام الثقافات والمبادئ والأديان».
وعلى الدرجة نفسها من الأهمية، لا تزال قضية الجهة التي سيقف أمامها الرئيس المنتخب، ليؤدي اليمين الدستورية، وسط استمرار الجدل حول ما إذا كان سيؤديها أمام الجمعية العمومية لقضاة المحكمة الدستورية العليا، كما ينص الإعلان الدستوري المكمل، الذي أصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة أخيراً، أو سيؤدي يمينه أمام مجلس الشعب «المنحل»، كما أعلنت الحملة الانتخابية لمحمد مرسي، أو سيلقي اليمين في ميدان التحرير أمام الجماهير التي أتت به إلى منصبه.
وتحدث القيادي في حزب «الحرية والعدالة»، صبحي صالح، عن وجود ثلاث طرق لحل أزمة اليمين الدستورية، أولها أن يحلف الرئيس اليمين أمام مجلس الشورى. والثاني أن يحلف أمام البرلمان باستثناء ثلث نواب المجلس، الذين كانوا الأساس في بطلان قانون انتخابات مجلس الشعب وحل البرلمان. أما السيناريو الأخير، فهو أن يوافق الدكتور مرسي على حلف اليمين أمام المحكمة الدستورية، حسب الإعلان الدستوري المكمل. لكن القائم بأعمال المتحدث الإعلامي باسم الرئيس، ياسر علي، أفاد بأن مرسي «لا يزال يجري مشاورات في هذا الشأن»، وأنه يجرى التشاور والحوار مع القوى الوطنية للتوصل إلى الشكل الأمثل لأداء اليمين الدستورية بما يتفق مع احترام صحيح القانون ورغبة القوى الوطنية.
في هذه الأثناء، بدأ الرئيس الجديد أنشطته أمس. واستقبل مرسي في قصر الرئاسة عدداً من ممثلي أسر شهداء الثورة ومصابيها، وأكد لهم حسب المتحدث باسم أسر الشهداء بمحافظة السويس، علي الجنيدي، إعادة محاكمة قتلة الثوار والعمل على جمع الأدلة القانونية.
كذلك، استقبل الرئيس المنتخب أمس شيخ الأزهر أحمد الطيب، ومفتي الجمهورية علي جمعة والقائم مقام بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الأنبا باخوميوس، إلى جانب رئيس مجلس الشعب «المنحل» محمد سعد الكتاتني، ورئيس مجلس الشورى أحمد فهمي.
أما المرشح الخاسر، الفريق أحمد شفيق، فتبين أنه غادر القاهرة أول من أمس متجهاً إلى دولة الإمارات. ووفقاً لبيان صادر عن المكتب السياسي لشفيق، غادر الأخير القاهرة «متوجهاً إلى الإمارات والسعودية، وسيعود خلال أيام بعد أن يؤدي فريضة العمرة إلى جانب اثنتين من بناته عقب زيارة خاصة يقوم بها الآن إلى أبو ظبي». وأعلن المكتب أن الفريق سيسعى إلى تشكيل حزب سياسي عقب عودته إلى البلاد مرة أخرى. وجاء سفر شفيق بعد يوم من إحالة النائب العام عبد المجيد محمود قضايا الفساد المرفوعة على المرشح الخاسر إلى قاضي التحقيقات.
على الجانب القضائي، قررت محكمة القضاء الإداري أمس وقف العمل بقرار وزير العدل المصري، عادل عبد الحميد، بمنح الضبطية القضائية لأفراد الشرطة العسكرية والاستخبارات الحربية، لتوقيف غير العسكريين. في المقابل، أجلت المحكمة نفسها الحكم في بطلان قرار حل مجلس الشعب إلى جلسة أخرى، إلى جانب تأجيلها الحكم في الدعوى المقامة لحل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور.