يحاول المسؤولون الإسرائيليون أن يتعاملوا مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، المرتقبة اليوم لتل أبيب، كما لو أنها تنطوي على فرصة كامنة للتأثير في السياسة الروسية تجاه إيران وسوريا، وتحديداً في ظل التطورات الإقليمية التي تشهدها المنطقة. والأدوات الأساسية المفترض توظيفها لهذا الهدف تتمثل بـ«إغراء الروس بتكنولوجيا الطائرات من دون طيار، وإشراكهم في عمليات تنقيب الغاز».
وفي ما يتعلق بخلفية الزيارة الروسية للمنطقة، تعتقد جهات في المؤسسة السياسية الأمنية أن بوتين يريد إظهار حضور روسيا في الشرق الأوسط بأسرع ما يمكن على خلفية ما يجري في سوريا، فيما يرى آخرون أن ذلك يعود الى الثناء الذي أغدقه عليه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال محادثة هاتفية بينهما لتهنئته على فوزه في الانتخابات، وإلى الأداء الإيجابي لوزير الخارجية أفيغدور ليبرمان تجاه الانتخابات الروسية الأخيرة.
رغم هذا التباين في تحليل خلفية الزيارة الروسية وأهدافها، يتفق الجميع على أن الزيارة تعتبر أمراً هاماً، وتحديداً في ظل الظروف الحالية، هذا مع الإشارة الى أن آخر زيارة لبوتين لإسرائيل كانت في عام 2005، حيث تطورت العلاقات بين البلدين على المستويات التجارية والسياحية ومجالات أخرى. ولفتت صحيفة «هآرتس» الى أن الأداء الروسي في الشرق الأوسط يمس أكثر من أي وقت مضى بالمصالح الأمنية والسياسية الإسرائيلية، وأن وزارة الخارجية تقر بأن هذا الواقع لا يزال بعيداً عن التغير في المدى القريب، وأن المسألة تتعلق بمسار طويل.
وبحسب مصدر رفيع المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية، «للروس موقع مفتاحي في ما يتعلق بالموضوعين الحاسمين بالنسبة إلى إسرائيل، والأحداث في سوريا، ومن هنا تنبع الأهمية الكبيرة للزيارة التي ستشكل فرصة لتبادل الآراء ومحاولة التأثير على الموقف الروسي في هذه القضايا».
لكن «هآرتس» تساءلت عن حقيقة القدرة الإسرائيلية في التأثير على الروس، وأكد أن ليبرمان ووزير الدفاع إيهود باراك يعتقدان بأن الطريق الوحيد لحل الأزمة في سوريا وممارسة ضغط على الإيرانيين يمر عبر الكرملين. وأن هذا ما أدليا به على مسامع وزراء الخارجية الأوروبيين ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال زيارتهما الأخيرة لواشنطن. لكن تقارير إعلامية أخرى أكدت أن الاهتمام الإسرائيلي في هذه المرحلة موجه أساساً الى البرنامج النووي الإيراني، رغم أهمية ما يجري في سوريا. وأن نتنياهو لن يفوت فرصة عرض معلومات استخبارية حساسة، أمام الرئيس الروسي، إزاء المخطط الإيراني للوصول الى القنبلة.
بموازاة ذلك، أشارت «هآرتس» الى أنه في الوقت الذي تتحفظ فيه إسرائيل على الدعم الذي يقدمه الروس للرئيس السوري بشار الأسد، إلا أنه لا يوجد تناقض مطلق بين مصالح الدولتين إزاء سوريا، لأن موسكو وتل أبيب مهتمتان بمنع حصول فوضى أو سيطرة القاعدة على الدولة وتحويلها الى أفغانستان جديدة والتأكد من اليوم الذي يلي، ومنع انهيار مؤسسات النظام كما حصل في العراق بعد إسقاط صدام حسين.
ورغم الأدوات المحدودة التي يمكن من خلالها لإسرائيل أن «تؤثر إيجاباً على الموقف الروسي» من كل من إيران وسوريا، إلا أنهم في وزارة الخارجية يدرسون السبل التي تمكنهم من القيام بهذه المهمة. وفي هذا السياق، رأت هآرتس أن «الرافعة» الأولى التي بحوزة إسرائيل هي تزويد روسيا بتكنولوجيا عسكرية. في المقابل، يدرك الروس أن تعاونهم الأمني مع إسرائيل سيبقى ضمن قيود، وأنه سيتواصل ما دام الأميركيون لا يضعون قيوداً عليه. لكن في هذه المرحلة، لا يُظهر الأميركيون أية معارضة في هذا المجال.