تونس | صدر أخيراً كتاب ليلى بن علي، «حاكمة قرطاج» السابقة، بعنوان «حقيقتي» (Ma Vérité)، في باريس، الذي كتبه الصحافي الفرنسي إيف درعي، على شكل حوار مطول أجراه معها عبر موقع «سكايب». وقال درعي، أول من أمس، في حديث لإذاعة «شمس أف أم»، التي كانت تملكها ابنة الرئيس السابق سيرين بن علي قبل أن تؤممها الدولة بعد الثورة، إن الكتاب طبع في 10 آلاف نسخة، ستخصص ثلاثة آلاف منها للتوزيع في السوق التونسية. وأكد أن ليلى بن علي لم تتقاضَ أيّ مبلغ مالي مقابل حقوق التأليف، وأن مداخيل الكتاب ستخصص لتمويل مشاريع خيرية.
الكتاب، الذي قالت عنه مديرة مكتبة «الكتاب» (واحدة من أشهر المكتبات في العاصمة تونس)، سلمى جباس، إنّه لن يطرح للعرض في المكتبة لأنه «نسيج من الأكاذيب»، بدأ بإثارة الجدل في الشارع التونسي، فحاكمة قرطاج السابقة يعتبرها الجزء الأكبر من التونسيين أنها خلف الخراب الذي حلّ بتونس، وأن دخولها الرسمي في حياة الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بعد طلاقه من زوجته الأولى، قد فتح الباب لتوغل الفساد والاستبداد. وسعت ليلى الطرابلسي، في كتابها، الى تصفية حساباتها مع مجموعة من الشخصيات، منهم مدير الأمن الرئاسي الجنرال علي السرياطي، الذي اتهمته بتدبير الانقلاب ضد زوجها، بالتعاون مع صهر بن علي، رجل الأعمال مروان المبروك، الذي اتهمته بالضلوع في الانقلاب بالتعاون مع الاستخبارات الفرنسية ورجل الأعمال، صديق بن علي سابقاً، كمال لطيف، الذي كان يعارض زواج بن علي بها. ورَوَت المراحل التي سبقت إطاحة زوجها، والتي لخصتها في «حشد الجموع وتوزيع المال في الأحياء الفقيرة (للقيام بأعمال عنف) وانتداب القناصة وتأجيج الاحتجاجات عبر تنفيذ عمليات قتل، وحرق منازل».
ورغم التناقضات التي تحملها روايتها، حمل الكتاب طابع «المرافعة الدفاعية»، وأرادت الطرابلسي، من خلاله، تمرير رسائل عن التهم والقضايا المتعلقة بها في المحاكم التونسية، حيث أعلنت أنها مستعدة للمثول أمام العدالة، إذا توافرت ضمانات بإجراء محاكمة عادلة لها. ونفت تورط زوجها في إصدار أوامر بالقتل أو إطلاق الرصاص على المتظاهرين، معترفة بتجاوزات عائلتها التي ارتكبت في عهد بن علي، لكنها قللت من قيمتها. وقالت «ساعدت عائلتي على أن تعيش براحة، لكن بعض أقاربي بالغوا، وخاصة الصغار منهم، الذين انغمسوا في شهوة الربح، ولم يسلموا بوجود حدود»، مضيفة «لقد كنا نقطة ضعف الرئيس»، كما روت عن حياتها اليومية في السعودية، وقالت «أقضي معظم وقتي في رعاية زوجي وأبنائي، نادراً ما أخرج، لا أخالط أحداً وأعيش على وقع الصلاة». وأفادت صحف تونسية أن الوزير عبد الرحمن الأدغم، المكلف بمكافحة الفساد، قال إنه سيمنع توزيع الكتاب في تونس، حتى لا تمنح ليلى بن علي فرصة أخرى لسرقة مال التونسيين، لكن الوزير سرعان ما نفى ما نقل عن لسانه، بينما لفت الصحافي جمال العرفاوي أن الجمارك حجزت النسخة الوحيدة، التي حملها معه من باريس في المطار، وهو ما يطرح سؤالاً جدياً عن نية الحكومة في منع الكتاب من التوزيع.
وتأتي هذه الأنباء، بعد تأكيد بعض الطلبة، الذين يدرسون في فرنسا والعائدين لقضاء عطلة الصيف في تونس، أنهم سئلوا، عند إدارات الحدود، إن كانوا يحملون الكتاب، «لأنه ممنوع من المرور»، فيما انتشرت على الشبكة العنكبوتية روابط إلكترونية تُعنى بتحميل الكتاب.