القاهرة | تسيطر حرب شائعات قوية على الشارع المصري بعد قرار تأجيل الإعلان الرسمي عن رئيس الجمهورية المقبل، وسط اقتناع الجماعة بأن صراع المجلس العسكري معها لن يحسمه القمع، ما دامت مختبئة خلف الشارع الثوري. أما العسكر فيروجون بأن الرئيس المقبل سيكون أحمد شفيق، وأن الإخوان يحاولون خداع الشارع.
فمنذ إعلان جماعة الإخوان، فوز مرشحها في ساعة متأخرة من ليلة انتهاء التصويت في جولة الإعادة الأحد الماضي، بدأت الحرب الكلامية بين الحملة الانتخابية لمرشح الإخوان محمد مرسي، والمرشح الأقرب لهوى العسكر الفريق أحمد شفيق. جماعة الإخوان أكثر تنظيماً ودقة، فحسمت أمرها ورتبت أوراقها، معلنةً فوز مرسي بمنصب الرئيس. على الجانب الآخر، كانت حملة شفيق أكثر ارتباكاً وتوتراً، وظلت تكرر أن مرشحها هو الفائز.
الشائعات التي انتشرت بصورة كبيرة في الفترة الأخيرة، توحي بأن هناك شيئاً ما يدبر في الخفاء، وأن هناك صراعاً بين طرفين يريد كل منهما الاحتماء بالشارع، الذي يعيش هو الآخر حالة من القلق والتوتر والترقب أيضاً.
الماكينة الإعلامية للعسكر، تروج بأن «الإخوان» تخطط لأعمال عنف، وأن إعلانها نتيجة انتخابات الرئاسة، قبل أن تعلن رسمياً يعني أنها تريد فرض أمر واقع، وشحن الشارع بأنه في حالة فوز شفيق سيكون الأمر قد تم بالتزوير. كذلك تتولى هذه الماكينة الإعلان أن هناك تحركات إسرائيلية على الحدود المصرية، بالإضافة إلى الإعلان المتكرر في الفترة الأخيرة عن ضبط أسلحة ثقيلة مع مواطنين في محافظات مختلفة. وتهدف هذه التسريبات إلى الإيحاء أن هذه الأسلحة لها علاقة بالوضع السياسي في البلد.
على الجانب الآخر، تعمل ماكينة الشائعات الإخوانية على الترويج أن العسكر يريدون خطف السلطة، وأنهم أنزلوا معداتهم الحربية الثقيلة إلى الشوارع مرة أخرى للانقلاب على الشرعية الانتخابية، التي حصل عليها محمد مرسي، وأن فوز شفيق يعني أن المجلس العسكري هو الحاكم الفعلي للبلاد.
ويبقى السبب الرئيسي في هذه الشائعات، تأجيل اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية الإعلان عن نتيجة جولة الإعادة. وأكد عضو اللجنة، المستشار محمد ممتاز متولى، لـ«الأخبار» أن اللجنة لا تزال تستكمل نظر الطعون، وأعضاء اللجنة يجتمعون يومياً من أجل أعمال الفحص والمراجعة. وأوضح أن اللجنة نظرت حتى الآن عدداً قليلاً جداً من الطعون بالمقارنة مع العدد المقدم إليها، لذلك من غير الواضح أمامها موعد محدد لإعلان النتائج النهائية. لكن مصادر داخل اللجنة قالت لـ«الأخبار» إن من المحتمل أن تنتهي عملية فحص الطعون وإعلان النتائج النهائية لجولة الإعادة غداً أو بعد غد.
وتنظر اللجنة في 410 طعون تقدم بها المرشحان اعتراضاً على نتائج عدد من اللجان، لحدوث مخالفات وتجاوزات بها أثناء عملية الاقتراع أو الفرز.
ولا يخفي هذا أن هناك في غرف المغلقة صراعاً آخر بين العسكر والإخوان، حول الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري مؤخراً، ومنح بموجبه العسكر صلاحيات كثيرة في مقابل سحبه صلاحيات أكثر من رئيس الجمهورية. ومن بين الشائعات، أن العسكر ضغطوا لتأجيل نتيجة الانتخابات الرئاسية لحين الاتفاق مع الإخوان حول الإعلان الدستوري المكمل. وعلّق الباحث السياسي، عمار علي حسن، على ما يجري قائلاً إن «الصراع بين الإخوان والعسكر سيؤدي بنا إلى ما لا تحمد عقباه»، مؤكداً أن «مصر لا تتحمل صراعاً مفتوحاً بينهما». وطالب عمار «بتدخل العقلاء من أجل نزع فتيل الأزمة، وأن يفهم العسكر أن الثورة لن تموت وأن أي تلاعب لن يُقبل، وليدرك الإخوان أن مستقبلهم في دمج الجماعة في الوطن وليس في إدخال المجتمع في الجماعة».
وفي إطار هذا الصراع، تنظم القوى السياسية، ولا سيما الإسلامية، تظاهرات اليوم الجمعة، ضمن فعاليات رفض الإعلان الدستوري المكمل، أطلقوا عليها اسم جمعة «عودة الشرعية»، في وقت تواصل فيه مجموعة من القوى الاعتصام في الميدان منذ أيام.
ودعت جماعة الإخوان المسلمين القوى السياسية والمواطنين المصريين إلى المشاركة في المليونية للضغط على المجلس العسكري، حتى يتراجع عن الإعلان الدستوري المكمل، ويلغي قرار حل مجلس الشعب. كذلك سينظم أنصار الجماعة في باقي المحافظات تظاهرات في الميادين الرئيسية.
إلى ذلك، عقد رئيس الوزراء كمال الجنزوري، اجتماعات مكثفة خلال الأيام الماضية لمتابعة الأداء الحكومي والتطورات الراهنة على الصعيد الداخلي. وركزت هذه الاجتماعات على مصير نتائج الانتخابات الرئاسية، وحل البرلمان وتشكيل الجمعية التأسيسية والحالة الأمنية، إلى جانب الاستعدادات التي سيتخدها الوزراء في حال حدوث أي إضرابات أو اعمال عنف اعتراضاً على النتائج.