دمشق | هيئة التنسيق، أبرز تيارات معارضة الداخل، تعتبر أن المؤتمر ضروري اليوم، أكثر من أي وقت مضى، وهو ما يعبر عنه المنسق العام للهيئة، حسن عبد العظيم، في حديثه لـ«الأخبار». عبد العظيم يرى أن وحدة المعارضة شرط ضروري لتعزيز موقفها السياسي ولتعزيز الثورة الشعبية، وضمان وحدتها ونصرتها، لافتاً إلى أن هيئة التنسيق شكلت لهدف وحدة أطياف المعارضة في الداخل والخارج.
وأضاف «عندما تشكل المجلس الوطني السوري رحبنا بتشكيله لتوحيده المعارضة في الخارج، فيما قمنا نحن بتوحيد أطياف الداخل، واعتبرناه خطوة لتوحيد المعارضة، لكنهم عمدوا إلى اتخاذ موقف سلبي قررنا تجاوزه، وقد أخبرت السيد كوفي أنان، أنه من العيب أن لا تتحد المعارضة». وشدد على «أن هذا مطلب شعبي وإقليمي ودولي، وما جرى في اسطنبول وما يجري في بروكسل، ليست مؤتمرات بقدر ما هي لقاءات، بهدف ترتيب لمؤتمر المعارضة الموحد».
وأضاف عبد العظيم «أرسلنا للجامعة العربية مذكرة تقول إنه لا يجوز عقد مؤتمر بلا لجنة تحضيرية، تضم ممثلين عن الهيئة والمجلس الوطني والمنبر الوطني وممثلين عن المجلس الكردي وباقي القوى المعارضة. وتضع هذه اللجنة رؤية سياسية مشتركة. وينبثق من المؤتمر لجنة عمل وطني مشترك توحد كل الجهود السياسية، ويكون المؤتمر بذلك مؤتمر انجاز وليس تكريساً للانقسامات». وأكد «أن كل الترتيبات التي تجرى اليوم، هي تمهيد لهذا المؤتمر المزمع عقده في آخر هذا الشهر، ونحن طرف أساسي معنيّ بالمشاركة في هذه التحضيرات».
الدور الروسي المرتقب
بالحديث عن الدور الروسي، يقول عبد العظيم «عندما التقينا المسؤولين الروس في موسكو خلال زيارتنا لهم مؤخراً، أبدوا جدية في عملية إنهاء الأزمة، وأن من يعطل تنفيذ مبادرة كوفي أنان هو النظام بالدرجة الأولى، وبعض أطراف المعارضة الخارجية التي تدّعي التسليح». وأضاف «هم يرون أن مبادرة أنان هي الفرصة الأخيرة لحل الأزمة، ونصحوا النظام مراراً بالإصلاحات الجدية، لكنه لم يستجب لهم، واستمرار الأزمة اليوم بسبب عدم التزام النظام وإن تظاهر بقبولها. العنف والاعتقالات لا تزال مستمرة بوتيرة عالية. وهناك بعض الأطراف الأخرى ذات الارتباط الإقليمي والدولي، لم ترد لهذه الخطة النجاح. ومن الواضح التوافق الدولي لم يكتمل بعد، وربما بعد اجتماع الرئيسين الروسي (فلاديمير بوتين) والأميركي (باراك أوباما)، بدأ يتشكل ما يشبه الأفق الجديد، من خلال التوافق الأميركي الروسي، بحيث تضغط موسكو على النظام لإيقاف القتل وقصف المدن والقرى، وتضغط واشنطن لوقف التسلح والتمويل ووقف العنف. وبالتالي بدء الانتقال لعملية سياسية توفر على السوريين مزيداً من العنف والدماء والدمار».
ورأى عبد العظيم «أن كل المحاولات التي تجرى لتنظيم مجموعة اتصال بشأن سوريا أو عقد لمؤتمر دولي، تصب في مساعدة ودعم تطبيق خطة كوفي أنان، لكونها المخرج الوحيد لحل الأزمة ولا يوجد أي بدائل أخرى للخطة. لذا فإن الجهود تنصب في ضرورة تطبيق الخطة. ولعل دعوة كل الأطراف عدا النظام، تعني أن المجتمع الدولي أصبح واضحاً لديه أن النظام هو جزء من المشكلة وليس جزءاً من الحل، ولم يلتزم بأي مبادرة». وأضاف «حتى أطراف المعارضة المسلحة التزمت قبل أيام من موعد الخطة بوقف إطلاق النار، فيما النظام لم يتوقف لساعة واحدة عن القصف».
وبالحديث عن الخطوات المقبلة، يرى عبد العظيم أن «عدم التزام النظام بالخطة، يعني أنه لا بد من زيادة عدد المراقبين وتواجد أعداد منهم في المحافظات وتزويدهم بمعدات لوجستية. وفي حال استمرار النظام بالعنف، لا بد من اللجوء لقوات حفظ سلام تحمي المراقبين وتوقف القتل. وهذا احتمال وارد في ضوء تطور الأحداث. فمبادرة أنان هي سلة واحدة من وقف العنف وإطلاق سراح المعتقلين والسماح بالتظاهر السلمي. وهو ما يؤدي بدوره إلى بدء مرحلة المفاوضات بين ممثلي قوى المعارضة، بمن فيهم ممثلو الحراك الثوري وممثلون عن السلطة لم يتلوثوا بالقتل والفساد من أجل الانتقال إلى دولة مدنية ديموقراطية ونظام جمهوري برلماني تعددي، يختاره الشعب بإرادته الحرة».
بين المقاومة والتطرف
يرى المعارض الثمانيني أن «الجيش الحر هو ظاهرة أنتجها النظام بسبب استمرار الجيش النظامي بالعنف واستخدامه في قصف المدن، ما أدى إلى حدوث انشقاقات بسبب رفض عناصر الجيش لإطلاق النار على التظاهرات السلمية. وهذه الظاهرة هي شيء نبيل، وتعبير عن أن هذا الجيش من هذا الشعب، ولا يمكن أن يستخدم لقمعه». كذلك أشار إلى أن «هذه الظاهرة ارتبطت بظواهر أخرى كاضطرار المدنيين لحمل السلاح دفاعاً عن عائلاتهم، وهذا حقهم المشروع». لكنه لم ينكر وجود ظواهر أخرى كدخول مجموعات متطرفة تتسلل من دول عربية وإقليمية وخلايا من القاعدة. وقال «في أجواء الفوضى، تكثر حالات العنف والعنف المضاد. وحينما يوقف النظام آلة القتل ويسحب الدبابات، سيسهل التعامل مع الجانب الآخر، ولا سيما بوجود المراقبين، وينتفي مبرر استعمل السلاح لمن حمله دفاعاً عن النفس وتتوقف الانشقاقات العسكرية. وتبقى الأطراف المسلحة، التي لن يقبل بها الشعب يسهل التعامل معها، ويمكن للمراقبين أن يتعاملوا معها ولكن لا يمكن مقارنة النظام بالمجموعات الأخرى من خلال إمكاناتهم البسيطة. والمبادرة يجب أن تأتي من النظام وتتدخل حينها المعارضة وتخفف من عوامل العنف الأخرى».
وأضاف عبد العظيم أن «استمرار العنف من النظام يبرر للمتدخلين الإقليميين والدوليين الاستمرار بالتسليح، وهو ما يدفع للحرب الأهلية والاقتتال بين المنشقين والجيش النظامي. وتتهدد بذلك الوحدة الوطنية والنسيج المجتمعي ويصيبه الانقسام». وقال إن «المطلوب من حلفاء النظام الدوليين، الضغط عليه لإيقاف العنف، ومن الأطراف الغربية أن تضغط لوقف صب الزيت على النار». ويخلص للقول: «ما دام النظام مستمراً بهذه الحلول العسكرية فسيستمر باب التسليح مفتوحاً، فالعنف يبرر العنف».