أعلن رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا «اليونسميس»، الجنرال روبرت مود (الصورة)، امام مجلس الامن الدولي امس ان العنف في سوريا «يتصاعد»، ما يجعل الوضع خطيراً جداً على المراقبين الدوليين بشكل يمنعهم من العمل، مؤكداً ان المراقبين الدوليين «ملزمون اخلاقيا» بالبقاء في سوريا. وأوضح مود ان المراقبين الدوليين استهدفوا من قبل حشود غاضبة واطلقت عليهم النار مباشرة من مسافات قريبة على الاقل عشر مرات خلال الاسبوع الماضي، ما ادى الى اتخذا قرار بتجميد العمليات. كذلك لفت مود الى مئات حوادث اطلاق نار بنحو غير مباشر ضمن مسافة لا تزيد على 300 - 400 من مكان وجود المراقبين اضافة الى تضرر تسع مركبات تابعة لبعثة المراقبين.
واوضح مود ان الاوضاع متدهورة في سوريا بعد اربعة ايام من تعليقه عمليات البعثة المؤلفة من 300 مراقب غير مسلح، بحسب ما افاد دبلوماسيون مشاركون في اجتماع مغلق للمجلس. ونقل عن مود قوله ان «العنف يتصاعد» ولذلك لا يمكن ان يقوم المراقبون بدورياتهم بامان. الا ان مبعوثاً روسياً في الاجتماع قال انه كان من المفترض ان يستشير مود مجلس الامن قبل تعليق عمليات المراقبين، بحسب دبلوماسيين. وقال ايغور بانكين، نائب السفير الروسي في الامم المتحدة، انه لا يمكن القاء كل اللوم في العنف الدائر على حكومة الرئيس السوري بشار الاسد.
وقال السفير الفرنسي لدى الامم المتحدة، جيرار آرو، للصحافيين ان مود قدم «شرحاً للوضع وما يعتقده هو ممكناً في الايام والاسابيع المقبلة». واضاف آرو انه اذا حصل «تطور بارز جديد» فسيتم حينئذ سحب المراقبين قبل انتهاء مهمتهم في 20 تموز.
وكان مساعد الامين العام للامم المتحدة، اوسكار فرنانديز تارانكو، قد قال امام مجلس الامن الدولي ان الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون يريد من المجلس ان يتحد لممارسة «ضغط متواصل» على الحكومة السورية لتطبيق خطة انان. واضاف امام اجتماع للمجلس حول الشرق الاوسط ان «الوضع في حمص مثير بشكل خاص للقلق». واضاف مسؤول الامم المتحدة ان «الامين العام شدد تكرارا على ان الحكومة السورية تتحمل المسؤولية الاولى لتغيير المسار ولتطبيق خطة انان بالكامل». وقال «قد نصل الى اليوم الذي سيفوت فيه الاوان على وقف خروج الازمة عن السيطرة».
في موسكو، بحثت مستشارة الرئيس السوري بثينة شعبان، مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، المبادرة الروسية لعقد مؤتمر دولي لتسوية الوضع في سوريا. ونقلت قناة «روسيا اليوم» عن بيان لوزارة الخارجية أن بوغدانوف التقى شعبان في موسكو أول من أمس. وقال البيان إن بوغدانوف «عرض بالتفصيل أمام شعبان الجهود الروسية على هذا المسار من بينها المبادرة لعقد مؤتمر حول سوريا لتأمين تنفيذ خطة المبعوث الأممي كوفي أنان». وأشار البيان إلى أن «الجانب السوري أبدى تأييده لهذه الفكرة». وشددت شعبان على سعي دمشق إلى تسوية الوضع في البلاد بأسرع ما يمكن ووقف كافة أنواع العنف وإطلاق حوار بنّاء مع قوى المعارضة.
وقالت وكالة انترفاكس الروسية للانباء ان شعبان نفت تقريراً إعلامياً ذكر أن سوريا ستستضيف قوات عسكرية روسية وصينية وايرانية للقيام بمناورات مشتركة. ونقلت انترفاكس عن شعبان قولها في موسكو امس «لن يحدث شيء كهذا. هذه واحدة من تلك المعلومات الزائفة التي توزع (بشأن سوريا)». ووصفت وزارة الدفاع الروسية مثل هذه التقارير بأنها «تضليل».
ميدانياً، تواصلت الاشتباكات العنيفة واعمال القصف امس في ريف دمشق ومدينة حمص وسط سوريا حيث يحاصر آلاف المدنيين. واكد المرصد السوري لحقوق الانسان في بيان «استمرار القصف المروع على احياء الخالدية وجورة الشياح وأحياء من حمص القديمة والقرابيص في مدينة حمص» حيث قتل شخصان، احدهما مقاتل معارض.
واتهمت دمشق «مجموعة ارهابية مسلحة» بعرقلة خروج المواطنين المحاصرين تحت القصف من حمص، مؤكدة انها بذلت كل مساعيها مع المراقبين الدوليين لاخراجهم الى اماكن آمنة. وافاد بيان صادر عن وزارة الخارجية «جرت اتصالات بهذا الخصوص مع قيادة المراقبين الدوليين بالتعاون مع السلطات السورية المحلية في مدينة حمص من أجل تسهيل خروج هؤلاء المواطنين، لكن مساعي بعثة المراقبين لم تنجح في تحقيق هذا الهدف بسبب عرقلة المجموعات الارهابية المسلحة لجهودها».
وقال مصدر مسؤول في الخارجية ان «المجموعات المسلحة كانت تريد تمرير الوقت لتحقيق مكاسب اعلامية رخيصة وضغط عالمي على سوريا وتوجيه الاتهامات الباطلة الى الحكومة باعاقة خروج هؤلاء المواطنين»، متهمة «المجموعات الارهابية» باستخدام «المواطنين الابرياء دروعا بشرية». واعلنت محافظة حمص فشل جهودها في اخراج المدنيين من الأحياء التي تشهد مواجهات مسلحة بعد رفض المسلحين خروج أي مواطن من أماكن الاشتباكات التي يسيطرون عليها.
ويترافق القصف على حمص مع اشتباكات عنيفة في محيط حي بابا عمرو الذي سيطرت عليه قوات النظام في مطلع آذار بعد شهر من القصف والحصار. كذلك وقعت اشتباكات بعد منتصف الليل في محيط بعض احياء حمص المحاصرة اسفرت عن مقتل جندي من القوات النظامية. وقتل مواطن في مدينة الرستن التي تتعرض «لقصف بالطائرات الحوامة من القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المدينة الخارجة عن سيطرة النظام منذ شهر شباط»، بحسب المرصد.
واتهمت وكالة الانباء السورية الرسمية سانا «مجموعتين ارهابيتين» باستهداف خطي نقل المشتقات النفطية بعبوتين ناسفتين. ونقلت عن مصدر مسؤول في وزارة النفط ان الجهات المعنية «اتخذت الاجراءات اللازمة لاخماد الحريق وازالة التعدي لاستئناف الضخ».
في مدينة حلب، قتل مواطن اثر اصابته باطلاق رصاص عند منتصف ليل الاثنين ــ الثلاثاء اثناء مشاركته في تظاهرة ليلية في حي السكري. وقتل مقاتل معارض في منطقة اعزاز في محافظة حلب اثر اشتباكات مع القوات النظامية. وقتل اثنان من عناصر الهندسة العسكرية وأصيب اثنان آخران بجروح، خلال محاولة تفكيك عبوة ناسفة قرب قسم شرطة العزيزية في مدينة حلب شمال سوريا.
في ريف دمشق، ارتفع عدد القتلى الى خمسة، بينهم طفل، نتيجة القصف العنيف واطلاق النار الذي تشهده احياء عدة في مدينة دوما التي تتعرض للقصف منذ اكثر من ستة ايام. في محافظة ادلب، افيد عن اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين في قرية واقعة على الحدود السورية التركية.
من جهة اخرى، دعا الجيش السوري الحر في الداخل الاكراد السوريين الى الانضمام اليه، للعمل «على تحويل الجيش السوري الحر في الداخل الى المؤسسة العسكرية الوطنية البديلة عن جيش العصابة الحاكمة».
(رويترز، ا ف ب، يو بي آي)