بدأت العملية العسكرية الكبرى فاشتعلت سوريا. انطلقت العمليات الأمنية في معظم المناطق السورية. التاسعة من مساء السبت كانت بمثابة الساعة الصفر لقوات النظام السوري، بالتزامن مع إعلان مراقبي الامم المتحدة تعليق مهمتهم في سوريا بسبب «التصعيد في أعمال العنف». افتُتحت المواجهات في ريف الشام حيث تتحصّن قوى المعارضة المسلّحة، لكنها لم تلبث أن توسعت لتطاول معظم المناطق السورية من الحدود إلى الحدود. بداية دخلت قوات الأمن، معززة بقصف عنيف، معظم بلدات ريف الشام. فسقطت تباعاً معظم مناطق الغوطة الشرقية، زملكا وعربين وحمورية وسقبا ومسرابة.
وأشيعت معلومات عن سقوط حرستا والقابون وبرزة. وفي هذا المحور، تمكنت قوات النظام السوري من السيطرة على جزء كبير من دوما فوصلت منطقة الشيفونية حيث تدور مواجهات عنيفة، علماً بأن دوما تعدّ المعقل الرئيسي للمجموعات الإسلامية المتشددة.
إضافة إلى ذلك، فإن دوما تحوي مركزاً فيه مخارط تُصنّع فيها طلقات سلاح الكلاشنيكوف. وفي هذا السياق، أكّد شهود عيان لـ«الأخبار»، عبر اتصال بواسطة السكايب، أنّ القتلى بين عناصر المجموعات المسلّحة يسقطون بالعشرات. في موازاة ذلك، علمت «الأخبار» أن المواجهات اشتعلت على أكثر من جبهة. فقد شنّت هجمات متزامنة في حمص. وأشارت المعلومات إلى أن جميع بلدات حمص باتت محاصرة. وتتخوّف مصادر المعارضة السورية من تكتيك يقوم به النظام لحصر المسلّحين في منطقة الرستن تمهيداً للقضاء عليهم فيها. وفي الشق نفسه، تشير إلى أن القتلى يسقطون بالمئات، متحدثة عن «إبادة بدأها النظام السوري». وذكرت المصادر نفسها أن قوات النظام قامت بتصفية أفراد مجموعات رغم أنهم ألقوا سلاحهم.
في الجهة المقابلة، تدور منذ يومين معارك ضارية في محافظة إدلب بين قوات المعارضة المسلّحة وبين قوات النظام. وتتحدث مصادر من ساحة الميدان السوري أن كلا الطرفين يتكبدان خسائر كبيرة، لكنها تلفت إلى أن النظام تمكن من محاصرة عدد من المجموعات المسلّحة بشكل كامل. وفي سياق مواز، علمت «الأخبار» أن قوات النظام تمكنت من اكتشاف مستودع أسلحة ضخم في حلب يحتوي على سلاح نوعي.
في هذا الوقت، قال المرصد السوري لحقوق الانسان، في بيان، إنه في مدينة حمص «ما زال القصف مستمراً على حي الخالدية من القوات النظامية السورية التي تحاول اقتحام الحي». وأشار المصدر الى سقوط مقاتلين معارضين للنظام، في اشتباكات مع القوات النظامية السورية في منطقة القصير في ريف حمص. وأضاف أن ثلاثة قتلوا في مدينة الرستن في المحافظة ذاتها «التي تتعرض للقصف ومحاولة اقتحام». وقتل رقيب أول منشق في بلدة القصير خلال اشتباكات مع القوات النظامية.
وفي محافظة ريف دمشق تتعرض قرية هريرة لحملة واسعة من قبل القوات النظامية حيث تم قصف القرية واقتحامها بعدد كبير من المدرعات والجنود، بحسب المرصد. وقتل ستة في مدينة دوما في ريف دمشق، والتي تعرضت للقصف.
وفي محافظة درعا، أفاد المرصد عن مقتل مواطن في بلدة طفس إثر إطلاق نار وقصف من القوات النظامية السورية «التي اقتحمت البلدة». كذلك شهدت بلدة بصرى الشام ليلاً مقتل مواطن نتيجة القصف الذي استمر حتى ساعات الفجر الأولى. وفي محافظة حماة، قتل ثلاثة مواطنين جراء القصف الذي تعرضت له بلدة قلعة المضيق بريف حماة عند منتصف ليل الأحد الاثنين، إضافة إلى مقتل مواطن من قرية لطمين.
وفي محافظة دير الزور، سمع صوت انفجار شديد في مدينة الزور، كما سمع صوت إطلاق رصاص في عدة مناطق بالمدينة وتنتشر الدبابات في محيط المراكز الأمنية في بعض الشوارع، بحسب المرصد. كذلك قتل ثلاثة مواطنين إثر إطلاق نار من قبل القوات النظامية السورية في مدينة دير الزور «منهم قائد كتيبة مقاتلة ثائرة»، إضافة الى أربعة آخرين إثر انفجار في بلدة موحسن بينهم «قائد كتيبة مقاتلة ثائرة»، بحسب المرصد.
وتتعرض بلدات عندان وبيانون والأتارب بريف حلب لقصف من قبل القوات النظامية السورية التي تحاول السيطرة على الريف، بحسب المرصد.
وفي محافظة اللاذقية، أفاد المرصد السوري عن تعرض بلدات عدة في جبل الأكراد لقصف «استمر أكثر من سبع ساعات».
وذكرت صحيفة «الوطن» السورية أمس أن مئات من «الإرهابيين المدجّجين بالسلاح» قتلوا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أثناء محاولتهم دخول دمشق، مشيرة الى استمرار المعارك بين «الإرهابيين» وبين الجيش النظامي. وقالت الصحيفة شبه الرسمية إن «المعارك لا تزال مستمرة بين الجيش العربي السوري وإرهابيين سوّلت لهم أنفسهم محاولة دخول دمشق»، مشيرة إلى «مقتل مئات الإرهابيين وجرح عدد كبير واعتقال عدد آخر خلال الأسابيع الثلاثة الماضية».
ونقلت الصحيفة عن الأهالي قولهم إنهم سمعوا «الإرهابيين» يتحدثون عن استعدادهم لما سمّوه «معركة دمشق الكبرى»، مشيرة إلى أن الهجوم كان يفترض أن يبدأ قبل عشرة أيام، «قبل أن يفاجأوا بردّ مزلزل من الأجهزة الحكومية». وكشفت صحيفة «ديلي ستار صندي» الأحد أن أقماراً صناعية بريطانية وأميركية تلتقط صوراً لتحركات القوات السورية وتمررها لقادة المعارضة السورية من خلال جهاز الأمن الخارجي البريطاني (أم آي 6) ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه). وقالت الصحيفة «إن المعلومات ساعدت قوات المعارضة (...) في إطار عملية قرصنة جديدة كانت جزءاً من نظام منسّق على المستوى العالمي تم إنشاؤه لمراقبة الكتلة الشيوعية خلال الحرب الباردة.
وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز أمن التنصت البريطاني المعروف باسم «مركز قيادة الاتصالات الحكومية» ووكالة الأمن القومي الأميركية، يتحكمان في عملية القرصنة على تحركات القوات السورية بواسطة أقمار صناعية متطورة قادرة على التعرف إلى القادة والقوات من خلال الاتصالات. ونسبت إلى مصدر عسكري بريطاني وصفته بالبارز أن «مناقشات تجري حالياً بشأن إقامة منطقة حظر الطيران في سوريا على غرار المنطقة التي تم فرضها في العراق، لوقف الهجمات».
(الأخبار، سانا، رويترز،
أ ف ب، يو بي آي)