نفت روسيا، امس، مشاركتها في اي محادثات مع الغرب حول تغييرات سياسية في سوريا تتضمن رحيل الرئيس بشار الاسد. وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف، في مؤتمر صحافي، «قرأت اليوم ان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية فيكتوريا نولاند قالت ان الولايات المتحدة وروسيا تبحثان في تغييرات سياسية في سوريا بعد رحيل بشار الاسد». واضاف «اذا قيل ذلك حقاً، فانه غير صحيح. لم تعقد مثل هذه المحادثات ولا يمكن ان تعقد. هذا يتناقض تماماً مع موقفنا». وأكد «لسنا مشاركين في تغييرات للنظام من خلال مجلس الامن الدولي او مؤامرات سياسية». وكانت نولاند قد صرحت الخميس، على هامش لقاء في كابول، بأن هناك بعض الخلافات بين الولايات المتحدة وروسيا حول سوريا لكن البلدين «يواصلان الحوار حول استراتيجية انتقالية لما بعد الاسد».
وفي السياق، أعلنت فرنسا ايضاً أن روسيا مشاركة في محادثات للتحضير لمرحلة ما بعد بشار الاسد. وصرح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لاذاعة «فرانس انتر» بان «المسؤولين الروس انفسهم ليسوا متمسكين اليوم بشخص الاسد، فهم يدركون انه طاغية وقاتل وان موقفهم سيضعف في حال استمروا في دعمه». واضاف «لكنهم يخشون من سيتولى الحكم في حال الاطاحة بالاسد. المحادثات تدور حول هذه النقطة».
كذلك اثار فابيوس احتمال انعقاد مؤتمر حول سوريا بمشاركة القوى العظمى في جنيف في 30 حزيران، في منبر شبيه بمجلس الامن الدولي لكن دون قيود مجلس الامن، موضحاً ان الامر يتعلق بـ«مجموعة الاتصال» التي اقترحها المبعوث الأممي كوفي انان.
موسكو، بدورها، أعلنت على لسان وزير الخارجية أنها مستعدة للمشاركة في هذا الاجتماع ولكن بشروط. واصر لافروف على حضور ايران الدولة الحليفة لسوريا، المفاوضات لوقف التمرد في سوريا. وقال انه لكي يكون ممكنا عقد اجتماع كهذا في جنيف يجب ان يتجنب الخوض في مسألة المستقبل السياسي لسوريا ويركز على وسائل وقف العنف. واضاف «اذا توفر هذان الشرطان نشارك بدون تردد في مؤتمر من هذا النوع».
وجددت روسيا امس نفيها لما أشيع عن مدها سوريا بمروحيات مقاتلة جديدة، وقالت إنها أعادت إليها مروحيات قديمة أُخضِعت للصيانة، فيما اعلنت مصادر اميركية متطابقة اول من امس ان الولايات المتحدة تقدم «للمعارضة السلمية» في سوريا هواتف تعمل بالاقمار الاصطناعية من خلال نظام «جي بي اس» لتوثيق المعارك العسكرية. كذلك، قالت باريس إنها تفكر في ارسال مساعدات مادية الى المعارضة السورية على هيئة «وسائل اتصال».
واعتبر لافروف في مقال نشر في صحيفة امريكية أن محاولات إطاحة الرئيس السوري وتغيير النظام تشكل جزءاً من «لعبة جيوسياسية» أوسع في المنطقة تستهدف إيران، مشدّداً على ضرورة تفادي اللاعبين الدوليين لهذا السيناريو الذي من شأنه إدخال سوريا في حرب أهلية طويلة الأمد تؤثر على الأمن الإقليمي والدولي.
وفي دمشق، اكد رئيس بعثة المراقبين الدوليين في سوريا، روبرت مود، أن اعمال العنف التي تشهدها البلاد تحد من عمل البعثة المكلفة بالتثبت من وقف اطلاق النار المعلن منذ 12 نيسان والذي لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي. وقال، في مؤتمر صحافي في دمشق، إن «تصاعد وتيرة العنف في الوقت الحالي اعاق قدرتنا على المراقبة والتحقق والابلاغ، وحدّ من القدرة على المساعدة في اقامة حوار بين الاطراف المختلفة وضمان الاستقرار».
واشار رئيس البعثة الى تصاعد وتيرة العنف خلال الايام العشرة الاخيرة «بإرادة الطرفين، ما تسبب بخسائر لدى الجانبين ومخاطر كبيرة على المراقبين». ولفت الى «غياب الرغبة على ما يبدو في البحث عن حل سلمي انتقالي»، مضيفاً «على العكس هناك دفع نحو تقديم المواقف العسكرية».
وشدد مود على اهمية ان تمنح «جميع الاطراف» فرصة للبعثة، وان «يلعب المجتمع الدولي دورا في هذه المهمة ليتسنى لها تحقيق تطلعات وطموح الشعب السوري». ورأى مود ان خطة انان لحل الازمة في سوريا ليست ملكاً له او للبعثة «بل هي ملك للاطراف السورية التي قبلت بها والمجتمع الدولي الذي ايدها»، مشيراً الى انها «لم تطبق كما لا يوجد بديل عنها». ورفض رئيس البعثة وصف اعمال العنف الجارية في سوريا على انها «حرب طائفية»، مكتفياً بالقول ان الوضع في سوريا «معقد».
من جهة ثانية، قال مسؤولون أميركيون إن الجيش الأميركي أنجز تخطيطه الخاص لكيفية قيام قواته بمجموعة متنوعة من العمليات العسكرية ضد سوريا أو لمساعدة الدول المجاورة في حال تلقيه الأوامر بذلك، إلا أنهم أكدوا أن هذا التخطيط هو خطوة احتياطية ولم تصدر أي أوامر للتحرك من البيت الأبيض.
في هذا الوقت، بدأ ممثلون عن مختلف مجموعات المعارضة السورية اجتماعاً يستمر يومين في اسطنبول يهدف الى «توحيد» رؤيتها. وبالاضافة الى المجلس الوطني السوري، يشارك في الاجتماع المجلس الوطني الكردي، فيما تغيب هيئة التنسيق الوطني. وقالت الهيئة ان مشاكل تقنية تمنعها من ارسال ممثلين لها الى اسطنبول.
امنياً، القت السلطات السورية القبض على عنصر في تنظيم «القاعدة» كان ينوي القيام بعملية انتحارية خلال صلاة الجمعة داخل جامع الرفاعي الشهير في وسط دمشق، حسبما ذكرت وكالة سانا. وافادت الوكالة ان «الجهات المختصة القت القبض اول من أمس على الارهابي محمد حسام الصداقي من تنظيم القاعدة جبهة النصرة». ونقلت الوكالة عن الصداقي قوله إن «هناك اشخاصاً آخرين من المفترض أن يفجروا أنفسهم في عدد من جوامع دمشق الجمعة خلال الصلاة».
وذكرت الوكالة في خبر آخر ان «مجموعة ارهابية مسلحة» فجرت عبوتين ناسفتين امام جامع خالد بن الوليد في بصرى الشام التابعة لريف درعا «اسفرتا عن وقوع قتلى وجرحى». وكان المرصد السوري لحقوق الانسان قد اشار الى مقتل ثمانية اشخاص قرب الجامع المذكور نتيجة سقوط قذيفة مصدرها قوات النظام.
وافاد المرصد عن خروج آلاف المتظاهرين في جمعة «الاستعداد التام للنفير العام» في مناطق سورية عدة. واظهر شريط فيديو نشره ناشطون على شبكة الانترنت متظاهرين يجوبون شارعا في جوبر في دمشق. وفي مسلسل اعمال العنف، انفجرت عبوة ناسفة في حي الميدان، واشار المرصد الى وقوع اصابات. وعثر على تسع جثث مساء الخميس لاشخاص «بعضهم قتل ذبحا» في بلدة حمورية في ريف دمشق، بحسب ما افاد المرصد.
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي، ا ب)