أجمعت الحكومة والمعارضة في سوريا، أمس، على رفض إعلان الأمين العام المساعد للأمم المتحدة أن سوريا في حرب أهليّة، فيما أعلنت دمشق «تطهير» منطقة الحفة التي قال «الجيش السوري الحر» إنه انسحب منها «تكتيكياً»، مع تواصل العمليات العسكرية في عدد من المدن السورية. وقالت وزارة الخارجية السورية، أمس، إن تصريحات الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لعمليات حفظ السلام، إيرفيه لادسو، أن سوريا الآن في حرب أهلية «لا تنسجم مع الواقع».
ونقلت «سانا» عن بيان وزارة الخارجية قوله إن «الحديث عن حرب أهلية في سوريا لا ينسجم مع الواقع ويتناقض مع توجهات الشعب السوري؛ لأن ما يجري في سوريا حرب ضد مجموعات مسلحة اختارت الإرهاب طريقاً للوصول إلى أهدافها وتآمرها على حاضر الشعب السوري ومستقبله». وأضافت أن «سوريا لا تشهد حرباً أهلية، بل تشهد كفاحاً لاستئصال آفة الإرهاب ومواجهة القتل والخطف وفرض الفدية والتفجيرات والاعتداء على مؤسسات الدولة وتدمير المنشآت العامة والخاصة وغيرها من الجرائم الوحشية التي تقوم بها المجموعات الإرهابية المسلحة». بدورها، رفضت «الهيئة العامة للثورة السورية» وصف المسؤول في الأمم المتحدة التدهور الأمني في سوريا بأنه «حرب أهلية». ورأت الهيئة، في بيان، أن تصريح لادسو «لا يعبّر عن صورة الأحداث الجارية ولا يعبّر عن الشعب السوري وثورته السلمية».
وكان رئيس عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة، إيرفيه لادسو، قد قال إن «الصراع» الذي بدأ قبل 15 شهراً في سوريا تحول إلى حرب أهلية كاملة تحاول الحكومة فيها استعادة مساحات واسعة من المدن سيطرت عليها المعارضة، وهو ما وصفه دبلوماسي في مجلس الأمن بأنه «شديد الأهمية»، وقد يكون له تأثير على مناقشات المجلس بشأن الخطوات التالية بخصوص الصراع.
في هذا الوقت، أعلن «الجيش السوري الحر» أمس انسحاب عناصره من منطقة الحفة في محافظة اللاذقية التي تعرضت للقصف خلال الأيام الثمانية الماضية، فيما أكدت السلطات السورية «تطهير» المنطقة من «المجموعات الإرهابية». وقال «الجيش السوري الحر»، في بيان أصدره «المجلس العسكري في المنطقة الساحلية»، تنفيذ «انسحاب تكتيكي» من مدينة الحفة وقراها. وأورد البيان الذي حمل توقيع العقيد المنشق عبد العزيز كنعان، أن «الانسحاب جرى بنجاح ونعدكم بجولات قادمة»، معلناً الحفة وريفها «منطقة منكوبة».
في المقابل، أكدت السلطات السورية أنها «طهّرت» منطقة الحفة في محافظة اللاذقية من «المجموعات الإرهابية المسلحة»، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا). ولفتت «سانا» إلى أن السلطات السورية «أعادت الأمن والهدوء إلى منطقة الحفة بعد تطهيرها من المجموعات الإرهابية المسلحة التي روعت المواطنين واعتدت عليهم، وقامت بتخريب عدد من الممتلكات العامة والخاصة وحرقها».
وأضافت الوكالة أن «الجهات المختصة واصلت ملاحقة فلول المجموعات الإرهابية في القرى المحيطة بمنطقة الحفة واشتبكت مع عدد من الإرهابيين، ما أدى إلى مقتل بعضهم وإلقاء القبض على آخرين. كذلك أدت الاشتباكات أيضاً إلى استشهاد وإصابة عدد من عناصر الجهات المختصة»، وصودرت كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة التي استخدمتها «المجموعات الإرهابية في اعتداءاتها وترويعها للأهالي، ومن ضمنها صواريخ كوبرا وقناصة وبنادق آلية وعبوات ناسفة وهاون وقواذف آر بي جي وكمية كبيرة من الذخيرة»، بحسب المصدر نفسه. ونقلت الوكالة عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، لم تسمه، أن الوزارة قامت بدعوة المراقبين الدوليين صباح أمس إلى الذهاب لمدينة الحفة والاطلاع على الأوضاع فيها «بعدما قامت المجموعات الإرهابية بعمليات قتل وترهيب المواطنين الأبرياء وسلب ونهب وحرق الممتلكات العامة والخاصة». وتندرج هذه الدعوة، بحسب المصدر، في إطار مهمة المراقبين المتمثلة «بالتحقق مما يجرى على الأرض ومعاينة ما قامت به تلك المجموعات الإرهابية».
وفي السياق، قال نشطاء من المعارضة السورية إن مئات من أفراد القوات السورية تدعمهم الدبابات توغلوا في مدينة دير الزور الشرقية أمس في ما وصف بأنه هجوم كبير لاجتثاث المعارضين من عاصمة المحافظة المنتجة للنفط الواقعة على الحدود مع العراق. وقال نشطاء إن التقارير الأولية أفادت بأن دبابة تابعة للجيش قتلت ثلاثة أشخاص على الأقل وأصابت عشرات آخرين في أحياء العمال والجبيلة والعرفي بالمدينة الواقعة على نهر الفرات. وأضافوا أن مستشفى النور في وسط دير الزور أصبح يغص بالمصابين. وتابعوا أن صالح الشحاط أحد قادة المعارضة قتل بنيران دبابة. وفي حمص تجدد أمس القصف العنيف على حي الخالدية من قبل القوات السورية التي تحاول اقتحامه منذ أيام.
إلى ذلك، أكدت صحيفة «إندبندنت» البريطانية أن السعودية وقطر تسلحان مقاتلي «الجيش السوري الحر»، في تطور رأت أنه يهدد بتأجيج الصراع على السلطة. وقالت الصحيفة إن مقاتلي الجيش السوري الحر «تسلموا أسلحة من الدولتين الخليجيتين عبر تركيا وبدعم ضمني من جهاز استخباراتها المعروف باسم (إم آي تي). وأضافت «أن المتمردين المعارضين للنظام السوري هرّبوا منذ بداية الانتفاضة كميات صغيرة من الأسلحة جرى شراؤها من السوق السوداء من هاتاي في جنوب تركيا إلى محافظة إدلب السورية، غير أن أعضاء في الجماعات المتمردة المنضوية في الجيش السوري الحر اعترفوا بأنهم حصلوا على شحنات متعددة من الأسلحة، من بينها بنادق كلاشنكوف ورشاشات وأسلحة مضادة للدبابات من دول خليجية، وقامت تركيا بالمساعدة في تسليمها لهم». ونسبت الصحيفة إلى عضو في «الجيش لسوري الحر» يعيش في المنطقة الحدودية بين تركيا وسوريا، قوله «إن الحكومة التركية ساهمت في تسليحنا، وإن الأسلحة وصلت إلى ميناء تركي من طريق سفينة شحن، ثم نُقلت بعد ذلك إلى الحدود من دون أي تدخل من السلطات التركية».
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)