يبدو أن الأوضاع السائدة في ليبيا حتى الآن منعت المفوضية العليا للانتخابات من التمسك بموعد 19 حزيران لإجراء هذا الاستحقاق الذي ينتظره الليبيون على أحرّ من الجمر، فيما لا تزال السلطة الرسمية غير قادرة على ضبط الأمور تماماً. وتزامن إعلان أعضاء في المفوضية العليا للانتخابات الليبية أول من أمس تأجيل انتخابات المجلس التأسيسي إلى شهر تموز وربما آب «لأسباب لوجستية»، مع خبر اعتقال المحامية الأوسترالية ميلندا تايلور، بعدما ضبط مقاتلو الزنتان معها وسائل تجسس وأوراقاً هرّبتها إلى نجل العقيد الراحل معمر القذافي، سيف الإسلام، من أمينه الخاص محمد إسماعيل.
وفي ملف الانتخابات التي كانت مقررة في 19 الشهر الحالي، قال عضو في المفوضية، رفض كشف هويته، إن قرار إرجاء الانتخابات اتّخذ خصوصاً لفسح المجال أمام المرشحين الذين رفضت ترشيحاتهم لتقديم طعون. وأوضح عضو في المفوضية أن قرار الإرجاء اتخذ بالتشاور مع خبراء في الأمم المتحدة يعملون مع المفوضية، وقد «اقترحوا علينا أن نختار موعداً خلال الأسبوع الأول من تموز». إلا أنه أضاف: «لكن إذا كنا غير جاهزين في هذا الموعد، فإن الانتخابات سترجأ مجدداً إلى شهر آب، إلى ما بعد رمضان».
من جهة ثانية، أعلن قائد مجموعة ثوار الزنتان التي أسرت سيف الإسلام القذافي، العجمي العطيري، أول من أمس اعتقال جميع أفراد بعثة المحكمة الجنائية الدولية الذين قابلوا نجل الزعيم الراحل، والمعتقل في الزنتان غربي طرابلس، بعد ضبط معدات تجسس وتصوير معهم، وذلك بناءً على أوامر من النائب العام الليبي. ولفت العطيري إلى أن رئيس المجلس الانتقالي مصطفى عبد الجليل، طالب بالإفراج الفوري عن أعضاء وفد المحكمة لترحيلهم إلى هولندا. لكنه أضاف أن المحامية الأوسترالية أوقفت عقب تسليمها سيف الإسلام وثائق خاصة من أمينه الخاص، الذي فرّ من البلاد عقب ثورة 17 شباط، ويقيم حالياً في مصر. وأضاف العطيري أن الميليشيا اكتشفت أن المحامية كانت تحمل رسالة بالإنكليزية تريد من سيف الإسلام توقيعها، وتقول إن ليبيا ليس فيها قانون وتطالب بنقله إلى المحكمة الجنائية. وعرض العطيري وثيقتين، قال إن احداهما رسالة من إسماعيل بدأت بعنوان يقول: «سيف الإسلام صانع البهجة». وقال القائد الزنتاني: «لقد أخرجتُ شخصياً بعض الأوراق من تحت ملابس سيف، فيما رفضت تايلور أن تخضع للتفتيش، حيث استُعين بشرطية وأخرجت من تحت ملابسها رسالة موجهة إلى محمد إسماعيل».
وقال المحامي الليبي أحمد الجهني، الذي يعد همزة الوصل بين الحكومة الليبية والمحكمة الجنائية في لاهاي، إن تايلور ليست في السجن، لكنها محتجزة في دار ضيافة ومعها زملاؤها. وأوضح الجهني أنه عُثر معهم على قلم مزود بكاميرا وساعة مزودة بجهاز تسجيل.
وقال النائب العام الليبي المسؤول عن ملف سيف الإسلام، ميلاد عبد النبي، إن القضية قضية أمن داخلي ليبي وإن المحامية كان يجب أن تقدم المواد التي تحملها لمكتب النائب العام قبل أن تحملها إلى نجل القذافي.
بدوره، رأى وكيل وزارة الخارجية الليبية محمد عبد العزيز، أنّ ما أقدمت عليه المحامية الأوسترالية يعرّض أمن بلاده القومي للخطر، مشدداً على أن الحكومة الليبية تتعامل مع هذا الأمر بكل جدية.
في المقابل، أكد وزير الخارجية الأوسترالي بوب كار، أن تايلور «أوقفت مع ثلاثة آخرين ليسوا أوستراليين». أما رئيس المحكمة الجنائية الدولية، القاضي سانغ _ هيوم سونغ، فقال إن أعضاء الفريق الأربعة محتجزون منذ يوم الخميس الماضي، وطالب بالإفراج الفوري عنهم.
في غضون ذلك، رأت رئاسة أركان الجيش الليبي أن الاعتداء على قواتها في مدينة الكفرة (جنوب شرق)، يُعدّ اعتداءً على الدولة الليبية، وأقرت بوقوع أربعة جرحى من قوة درع ليبيا التابعة لها في الاشتباكات التي شهدتها المدينة منذ يوم السبت الماضي، بين قوات تابعة لها ومسلحين من قبيلة التبو.
(أ ف ب، يو بي آي)