اعربت روسيا امس، بعد محادثات على مستوى رفيع مع المبعوث الاميركي حول سوريا فريد هوف، انه لا علم لديها بأي خطط من قبل الرئيس بشار الاسد للتنحي، ولم توجه اي دعوة رسمية اليه للمغادرة، في وقت افاد فيه دبلوماسيون بأن الدول الغربية ستسعى الى تبني عقوبات «سريعاً» ضد النظام السوري في مجلس الامن الدولي، وأن الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ستعد مشروع قرار بهذا المنحى.
وقال دبلوماسيون رفيعو المستوى، أمس، انهم اطلعوا من المبعوث الاميركي الخاص فريد هوف على ان موسكو مستعدة للموافقة على تعديلات في خطة المبعوث الدولي كوفي انان لحل الازمة السورية من اجل ابقاء تلك المبادرة حيّة. وأرسلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون هوف الى موسكو بعد الموافقة على عدم جعل مغادرة الاسد شرطاً مسبقاً لحل الازمة في البلاد.
وصرح نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف لوكالة انباء ريا نوفوستي، رداً على سؤال عما اذا كان الاسد ينوي التنحي، «لا علم لديّ بأن لدى الرئيس السوري خططاً من هذا القبيل». وقالت وزارة الخارجية الروسية، في بيان صدر بعد اللقاء، ان الطرفين ناقشا «الاوجه العملية لمبادرة روسيا من اجل عقد مؤتمر دولي حول سوريا».
واضاف بوغدانوف ان روسيا مستعدة لدعم «تعديلات» محتملة على خطة انان «لضمان افضل الشروط الممكنة لتطبيقها من كافة الاطراف». ولم يوضح طبيعة هذه التعديلات.
بدوره، قال مستشار بوتين للسياسات الخارجية يوري اوشاكوف، في بيان، ان «الرأي الذي تفرضه دول مهتمة بأن روسيا والصين لديهما وحدهما موقف خاص حيال سوريا لا علاقة له بالواقع».
من جهة ثانية، دعا المبعوث الدولي، كوفي انان، امس الى «زيادة الضغط» على سوريا لتطبيق خطته المؤلفة من ست نقاط، وذلك في بداية لقاء مع وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون. وقال إنه سيتطرق خلال محادثاته مع كلينتون الى سبل «زيادة الضغط على الحكومة وعلى الاطراف لتطبيق خطة الخروج من الازمة». واعلنت فرنسا انها تؤيد مبادرة انان لتشكيل مجموعة دول جديدة موكلة حل الازمة في سوريا على ما اعلن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية بيرنار فاليرو. غير أن باريس لا تزال تعارض مشاركة ايران في المجموعة التي قد تشمل بحسب دبلوماسيين، دول الغرب وقوة اقليمية على غرار تركيا والسعودية الى جانب روسيا والصين.
بدورها، رفضت الصين دعم نداء كوفي انان لمضاعفة الضغط على الحكومة السورية، مكتفية بتأكيد ضرورة التزام النظام ومجموعات المعارضة على حد سواء، بوقف اطلاق النار.
وفي السياق، اعلنت السلطات السويسرية ان سويسرا فرضت سلسلة جديدة من العقوبات على سوريا تستهدف خصوصا قطاعي المال والنفط والمعادن الثمينة.
في هذا الوقت، تواصلت ردود الفعل حول مجزرة القبير، وقال مساعد وزير الخارجية الإيرانية للشؤون العربية والافريقية، حسين أمير عبد اللهيان، في تصريح نقلته وكالة «مهر» للأنباء ان ما حدث في مزرعة القبير «جريمة إرهابية منظمة ضد البشرية». وأدانت رئيسة الحكومة الأسترالية جوليا جيلارد استمرار سفك الدماء في سوريا، وشددت على الالتزام بالعمل مع المجتمع الدولي لوضع حد للعنف. وبحث وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو مع نظيره الصيني يانغ جيتشي في اتصال هاتفي امس، المستجدات في سوريا، وشكره على دعم بكين لقبول أنقرة شريكاً في الحوار بمنظمة شنغهاي للتعاون.
ميدانياً، خرج آلاف المتظاهرين في مناطق سورية عدة امس للمطالبة باسقاط النظام، في ما اطلق عليه اسم جمعة «تجار وثوار يداً بيد حتى الانتصار» في محاولة لحث الطبقة البورجوازية ورجال الاعمال في سوريا على الانضمام للانتفاضة ضد النظام. واطلقت القوى الامنية النار على عدد كبير من التظاهرات في مناطق مختلفة لتفريقها، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان وناشطين، ما ادى الى سقوط اصابات. كما اعتقلت عدداً من المتظاهرين.
ووصل وفد من المراقبين الدوليين امس الى مزرعة القبير حيث وقعت الاربعاء مجزرة قتل فيها 55 شخصاً. وقال ناشط في محافظة حماه ان «15 مراقبا وصلوا الى القبير وعاينوا آثار الدمار والقصف العشوائي». واشار الى أن المراقبين كانوا قد زاروا قبل ذلك قرية معرزاف «وعاينوا مكان دفن جثث ضحايا المجزرة».
من جهتها، قالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر إن القتال الدائر بين القوات الحكومية السورية والمسلحين الذي يجتاح سوريا دفع المزيد من السكان الى النزوح عن ديارهم. وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر، هشام حسن، في افادة صحافية من جنيف، «إن الجرحى والمرضى يجدون صعوبة في الحصول على الخدمات الطبية وشراء الغذاء، وإن الاطعمة، خاصة الخبز، تقل أكثر فأكثر».
إلى ذلك، قالت وكالة سانا ان مجموعة إرهابية مسلحة فجرت امس سيارة مفخخة في شارع الثورة بقدسيا في ريف دمشق. وعلم مندوب سانا أن ثلاثة استشهدوا من قوات حفظ النظام والمدنيين وأصيب عدد آخر من المدنيين وقوات حفظ النظام في تفجير السيارة المفخخة. كذلك فجرت مجموعة إرهابية مسلحة امس سيارة مفخخة بكمية كبيرة من المتفجرات في المنطقة الصناعية بمدينة إدلب، ما أدى إلى استشهاد وجرح عدد من المدنيين وقوات حفظ النظام، بحسب سانا. وأفادت الوكالة ان مجموعة إرهابية مسلحة قتلت أحد المواطنين في قرية كوارو بريف إدلب. كما قتلت امرأة واصيبت أخريات وطفلة بانفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون في مدينة حلب. بحسب سانا.
وأحبطت محاولة تفجير سيارة مفخخة في دوار جمعية المهندسين بحلب. واشتبكت وحدات حماية حقل العمر النفطي في دير الزور مع إرهابيين هاجموا الحقل وقتلت عددا منهم، بحسب سانا، التي افادت ايضاً عن اشتباكات بين القوات النظامية والمجموعات المسلحة في بصرى الشام وقبض على عدد من الإرهابيين في بلدة محجة بريف درعا، وضبط اسلحة في قرية رأس معرة يبرود في ريف دمشق.
في المقابل، افاد المرصد السوري لحقوق الانسان عن تعرض حي الخالدية في حمص «لقصف عنيف من القوات النظامية التي تحاول اقتحامه». وفي دمشق، تدور اشتباكات متقطعة منذ الصباح في كفرسوسة عند اطراف العاصمة، بحسب ما افاد اتحاد تنسيقيات دمشق.
(سانا، ا ف ب، يو بي آي، رويترز)