التقى وزراء خارجية عدد من دول «مجموعة أصدقاء سوريا»، من بينهم الوزيرة الأميركية هيلاري كلينتون مساء أمس في اسطنبول «لبحث الوضع في سوريا وتبادل وجهات النظر»، على ما أفادت مصادر دبلوماسية تركية. وشارك في الاجتماع وزراء خارجية بريطانيا وليام هيغ وفرنسا لوران فابيوس وألمانيا غيدو فسترفيله والاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، ووزراء من إيطاليا وإسبانيا والأردن ومصر والكويت والإمارات العربية المتحدة وتونس والمغرب وقطر والسعودية، كما ذكرت مصادر دبلوماسية متطابقة.
ووصلت كلينتون الى تركيا مساء في أعقاب جولة على الدول الاسكندينافية والقوقاز، للمشاركة في المنتدى الوزاري لمكافحة الإرهاب المقرر عقده اليوم في اسطنبول. وقالت كلينتون في بيان قبل الاجتماع «علينا أن نواصل إغلاق القنوات الاقتصادية الحيوية للنظام (السوري) وتوسيع دائرة الدول التي تطبق العقوبات بصورة حازمة ومنع الحكومة السورية من الالتفاف عليها».
وأضافت «نحن نرحب بوجهات نظر الدول الأخرى المتعلقة بالتدابير التي قد تكون فاعلة».
وأوضح دبلوماسي تركي أن «الدول التي ستشارك في منتدى مكافحة الإرهاب كانت تسألنا منذ عدة أيام إن كان من المفيد بحث المسألة السورية قبل ذلك من أجل تقريب وجهات نظرها، وهذا ما نعتزم القيام به». وقال متحدث بريطاني إن الغاية من الاجتماع هي «البحث ... عن وسائل زيادة الضغط على نظام الأسد لحمله على تطبيق وعوده المتعلقة بخطة أنان» للخروج من الأزمة. وأضاف المصدر «نشكك كثيراً في نيات الرئيس الأسد وقف العنف إذا لم تمارس ضغوط إضافية عليه».
واتفق وزراء خارجية الدول الـ 16 المشاركة على تشكيل «مجموعة تنسيق» لدعم المعارضة السورية، وفق بيان صادر عن الدولة المضيفة تركيا. وناقش المجتمعون «الخطوات الإضافية» المطلوب اتخاذها ضد النظام السوري، ومن ضمنها التنسيق من أجل مرحلة انتقالية ذات صدقية وفعالية لفترة التحول الديموقراطي لما بعد حكم الأسد.
كذلك اتفق المجتمعون على إرسال مبعوث لحضور اجتماع للتنسيق بين كل أطياف المعارضة السورية في 15 و16 حزيران الجاري.
ويتزامن انعقاد اجتماع اسطنبول مع إعلان الولايات المتحدة استعدادها لتأييد تحرك ملزم في الأمم المتحدة ضد سوريا، في إطار الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كما طالبت بذلك الجامعة العربية. وأيدت الولايات المتحدة أمس فرض عقوبات دولية قاسية على سوريا، تحت الفصل السابع «إذا لزم الأمر» دعماً لطلب قدمته الجامعة العربية الأسبوع الماضي بهذا الشأن. وقال وزير الخزانة الأميركي تيموثي غايتنر إن «الولايات المتحدة تأمل أن تنضم جميع البلدان المسؤولة قريباً الى اتخاذ إجراءات مناسبة ضد النظام السوري، بما فيها القيام بتحرك في مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع إذا لزم الأمر.
وحذر غايتنر سوريا يوم أمس الأربعاء من أن أكثر من 55 دولة ستسعى إلى فرض «أقصى ضغط مالي» على حكومة الرئيس بشار الأسد في مسعى لوقف عنف نظامه ضد الشعب.
وقال غايتنر في اجتماع مجموعة العمل الخاصة بالعقوبات التابعة لمجموعة أصدقاء سوريا، حيث تجمع ممثلو أكثر من 55 دولة في واشنطن لبحث سبل زيادة العقوبات الاقتصادية ضد حكومة الأسد «نظراً إلى عدم الامتثال بشكل جاد من جانب النظام لخطة أنان ... هذا هو الاتجاه الذي سنسلكه قريباً».
بدوره، جدد حلف شمالي الأطلسي (الناتو) أمس عدم وجود نية لديه للتدخل العسكري في سوريا، لأن مثل هذا الأمر لن يساهم في تسوية الأزمة السورية، مضيفاً في الوقت نفسه إن الحلف قدم الضمانات الضرورية لروسيا بأن الدرع الصاروخية لا تستهدف قواتها الاستراتيجية.
وأوضح الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن، خلال حوار عبر الفيديو بين موسكو وبروكسل نظمته وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي»، «لا أظن بأن التدخل العسكري سيساعد على حل المشكلة».
من جهته، حذر وزير الخارجية الايطالي جوليو تيرزي أمام لجنة برلمانية من ان «استراتيجية دمشق قد تفضي الى ابادة في حال عدم التدخل سريعاً». وشدد وزير الخارجية الأردني ناصر جودة ونظيره الهولندي يوري روزنتال في عمان على أهمية وقف إراقة الدماء في سوريا.
وفي تطور لافت، أعلنت المعارضة السورية أمس من الدوحة عن إطلاق ذراعها المالية، تحت مسمى «المنتدى السوري للأعمال»، مع الإعلان عن صندوق دعم قيمته 300 مليون دولار أميركي بمساهمة رجال أعمال سوريين.
وقال رئيس المنتدى مصطفى الصباغ، وهو يتلو البيان الرسمي، «يعلن المنتدى عن إنشاء صندوق (سوريا الأمل) بقيمة أولية مقدارها 300 مليون دولار وذلك بهدف مأسسة عمليات الدعم والإسناد للثورة السورية».
ودعا البيان الرسمي للمنتدى، الذي عقد أمس اجتماعه التأسيسي في الدوحة بمشاركة نحو مئة رجل أعمال سوري في الخارج، «جميع رجال الأعمال وأنصار الثورة في كل مكان إلى المشاركة في هذا الصندوق». كما أعلن رئيس المنتدى أنه «لا مانع من استقبال الهبات من أصدقاء سوريا». وأضاف قائلاً إن «في نيتنا زيارة عدد من الدول الداعمة للثورة، بدءاً من دول الخليج ودول أصدقاء سوريا».
من جانبه، قال رجل الأعمال السوري خالد خوجة في المؤتمر الصحافي، الذي تلا الإعلان عن المنتدى، إن «دعم المنتدى للجيش السوري الحر يتم ضمن إعادة تنظيم هذا الجيش وجعله مكافئاً للجيش النظامي».
ويضم الجيش السوري الحر عناصر منشقين عن الجيش النظامي ومدنيين معارضين للنظام انضموا إليه. وطلب المجلس الوطني السوري المعارض من مجموعة أصدقاء سوريا تسليح الجيش الحر في آخر اجتماع للمجموعة في اسطنبول في أبريل.
وأضاف خوجة قائلاً «سيتم دعم الجيش الحر بمواد طبية وأخرى تكنولوجية ليستطيع التواصل بين المدن».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان قد تم بالفعل دعم الجيش الحر من أموال صندوق «سوريا الأمل»، قال مصطفى الصباغ خلال المؤتمر الصحافي «لقد تم صرف 150 مليون دولار على الثورة».
وأضاف إن «المنتدى تأسس منذ أعوام، وقبل الثورة كمؤسسة مجتمع مدني، لكن، هناك الآن تحول في أهدافه.
(ا ف ب، رويترز، يو بي آي، ا ب)