نيويورك | مارست الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي يرأسها القطري ناصر عبد العزيز النصر، سياسة مواربة لإمرار مشاركة منظمتين صهيونيتين تعملان في الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية المحتلة في مؤتمر التنمية المستدامة «ريو +20»، الذي يعقد الشهر المقبل، بحيث لم تقدم الأمانة العامة قائمة مطبوعة للوفود بأسماء منظمات المجتمع المدني التي ستشارك، واكتفت بإدراج القائمة على موقع المؤتمر الإلكتروني، رغم أنّ مشاركة المنظمتين مخالفة لميثاق الأمم المتحدة وقراراتها.
وهو ما أثار حفيظة بعض الوفود العربية، وفي مقدّمتها الوفد السوري، حيث طلب نائب المندوب الدائم لؤي فلوح شطب المنظمتين. لكن ضعف دبلوماسية المجموعة العربية التي فقدت دعم كتل كبرى مثل مجموعة الـ77، من جهة، والدعم الأوروبي ـــ الأميركي اللامحدود لهذه المنظمات العاملة في أراض محتلة وفقاً للأمم المتحدة نفسها، من جهة ثانية، أفشلا التحرك.
المنظمتان هما «Keren Kayemeth LeIsrael-Jewish National Fund» و«Life and Environment - The Israeli Union of Environmental NGOs»، ولديهما أنشطة في كل من الجولان السوري المحتل والأراضي الفلسطينية المحتلة. وذكرتا على موقعيهما الإلكتروني أن تلك الأنشطة تمارس «في أراض إسرائيلية».
وفي الجلسة الرسمية التي عقدتها الجمعية العامة، الأسبوع الماضي، طلبت سوريا إجراء تعديل شفهي على قائمة المنظمات غير الحكومية المشاركة في المؤتمر، من خلال حذف المنظمتين الإسرائيليتين، فردّ الوفد الإسرائيلي بطلب إجراء تصويت مسجل على التعديلات السورية، وحظي طلبه بدعم من وفود كل من الولايات المتحدة وكندا والدول الأوروبية، وكانت نتيجة هذا التصويت 28 مؤيداً للطلب السوري و 58 ضدّه وامتناع 9 عن التصويت، فيما تغيّبت بعض الدول العربية، وعلى رأسها الأردن، رئيس المجموعة العربية للشهر الحالي.
ولما فشلت المبادرة السورية، عاد لؤي فلّوح وطلب تأجيل بتّ مشروع القرار ليجري استكمال المشاورات بصدده من قبل الأمانة ورئاسة الجمعية العامة ومن قبل الرئيس المشارك. ومرة أخرى قاومت الدول تلك المبادرة وطرحت الطلب السوري على التصويت، رغم أنه يدخل في قواعد الإجراءات المعتادة، فنال الطلب السوري تأييد 34 صوتاً، مقابل 53 صوتاً مضاداً، وامتناع 7 دول عن التصويت وتغيّب بقية الدول.
ووقفت وفود كل من كوبا ونيكاراغوا وبوليفيا ومصر والإكوادور لتدعم الاقتراح السوري مستندة إلى قرارات الأمم المتحدة المتعلقة باحتلال الأراضي وحرمة التصرف بها، لكن الولايات المتحدة وكندا وقفتا بصلابة ضد الاقتراح بتأجيل الاعتماد، معتبرتين أن مشروع القرار «فني وليس جوهرياً، ولا ينبغي تسييسه». وقالتا إن الوفود «سبق أن أُعطيت الوقت اللازم لدراسته ومراجعته».
عندها استند نائب المندوب السوري إلى القاعدة 90 من قواعد إجراءات الجمعية العامة الخاصة، القاضية بأن يعرض اثنان من كل طرف الموضوع قبل التصويت عليه. فاتهمه الوفد الإسرائيلي بأنه «يُضيّع وقت» الجمعية العامة. وقال إن «المؤتمر هو فرصة متاحة للمئات من المنظمات غير الحكومية حول العالم للمشاركة فيه والإدلاء بأصوات المجتمع المدني»، وإن «طلب الوفد السوري ليس إلا تسييساً للمواضيع»، وإن طلب حذف المنظمتين غير الحكوميتين هو فقط «لأنهما إسرائيليتان، وليس بسبب أعمالهما». ورفض مبدأ شطب المنظمتين، وحوّل الأمر إلى اتهام سوريا بدعم الإرهاب، فذكّره نائب المندوب السوري بالجرائم التي ترتكبها إسرائيل يومياً بحق السكان الواقعين تحت الاحتلال في الجولان والأراضي الفلسطينية. وأشار إلى أن الاعتراض السوري على مشاركة المنظمتين غير الحكوميتين ينبع من أن كلتا المنظمتين تخالفان ميثاق الأمم المتحدة وقرارات الأمم المتحدة، من حيث إنهما ذكرتا أن أنشطتهما تشمل الجولان السوري المحتل «كإقليم إسرائيلي»، كذلك سبق أن رفض المجلس الاقتصادي والاجتماعي منحهما الصفة الاستشارية.
ومن أبرز الدول التي أيّدت الاقتراح السوري أيضاً، مصر والسودان والإكوادور وتونس وإيران والجزائر وتركيا وفنزويلا وزيمبابوي وماليزيا والمغرب وباكستان وقطر والعراق والأردن وليبيا والجزائر والبحرين وبوليفيا والصين وكوبا وكوريا الديموقراطية، فيما أدلى ممثلا وفدي السعودية وموريتانيا ببيانات أشارا فيها إلى أنهما كانا غائبين عن التصويت، وطلبا تسجيل موقف وفديهما بالتصويت لمصلحة التعديل السوري.
ولوحظ أن مجموعة من الوفود قدمت بيانات شرح للتصويت، أبرزها الأرجنتين والبرازيل وتشيلي والأوروغواي وإندونيسيا والبيرو والهند، وجميعها إما عارضت الاقتراح السوري أو امتنعت عن التصويت، وقالت إن تصويتها «لا يعني أبداً تغييراً في موقفها الداعم للجولان السوري المحتل، ولكنه يأتي في سياق السماح لمنظمات المجتمع المدني بالمشاركة في المؤتمرات الدولية».