وصفت مصادر إسرائيلية موافقة القضاء التركي على تقديم لوائح اتهام بحق ضباط إسرائيليين بأنها اغتيال للعلاقات الثنائية، وذلك بعد تقديم النائب العام التركي، أول من أمس، لوائح اتهام رسمية ضد اربعة ضباط اسرائيليين كبار على خلفية مسؤوليتهم عن مقتل 9 نشطاء أتراك في سفينة «مرمرة» بنيران قوات إسرائيلية خاصة اعترضت أسطول الحرية التركي، الذي كان متوجهاً لكسر الحصار عن قطاع غزة في 31 أيار عام 2010.
والضباط الأربعة هم: الرئيس السابق لأركان الجيش غابي اشكنازي، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السابق عاموس يدلين، وقائد سلاح البحرية السابق العيزر ماروم، والرئيس السابق لقسم الاستخبارات في سلاح الجو أفيشاي ليفي.
وطالب المدعي العام في اسطنبول، محمد أكيتشي، بإنزال عقوبة السجن المؤبد تسع مرات بحق كل من الضباط الأربعة.
وإضافة إلى مذكرات توقيف الضباط، وافقت المحكمة التركية على تقديم لوائح اتهام ضد عدد من الجنود الإسرائيليين المجهولي الهوية، تتضمن بنوداً تتهمهم بالقتل، ومحاولة القتل والتسبب بأضرار للسفينة.
وكانت إسرائيل قد رفضت طلباً تركياً بإرسال أسماء الجنود الذين شاركوا في اقتحام السفينة.
وفيما بدا أن أنقرة ماضية في تصعيد الموقف ضد تل أبيب من خلال إعلانها العزم على استصدار مذكرة اعتقال دولية ضد الضباط المتهمين، وفي ظل غياب أي ردّ فعل رسمي من جانب الحكومة الإسرائيلية، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية الإسرائيلية قوله إن «ما أقدمت عليه أنقرة هو التصعيد الأخطر في الأزمة بين إسرائيل»، متهماً رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، «بتنفيذ عملية اغتيال للعلاقات بين الدولتين».
ورأى نائب وزير الخارجية الإسرائيلي، داني أيالون، أن الخطوة التركية خرجت عن إطار التناسب، وتوقّع أن تُمارَس ضغوط دولية على تركيا من أجل إلغاء الدعاوى القضائية بحق الضباط الإسرائيليين. وأفادت صحيفة «معاريف»، أمس، بأن رجل الأعمل التركي اليهودي، جاك كمحي، زار إسرائيل الأسبوع الماضي، والتقى سراً عدداً من المسؤولين، بينهم الرئيس شمعون بيريز. ونقلت الصحيفة، عن جهات مطلعة على أجواء الزيارة، أن كمحي على علاقة تنسيقية مع أردوغان وأن الحكومة التركية استخدمته في الماضي لنقل رسائل مختلفة.
وبحسب الصحيفة، فإن كمحي «توسّل» إلى المسؤولين الإسرائيليين تقديم اعتذار لتركيا على مقتل مواطنيها التسعة ودفع تعويضات لعائلاتهم. من جهته، رأى أشكنازي، في بيان أصدره تعليقاًَ على ملاحقته من قبل القضاء التركي، أن تركيا «دولة مهمة ولديها مصالح مشتركة مع إسرائيل»، معرباً عن اعتقاده أن «الحكمة ستغلب في نهاية
المطاف».
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن أحد المتهمين الأربعة، عاموس يادلين، الذي يشغل حالياً منصب رئيس معهد أبحاث الأمن القومي، كان قد رفض دعوة للمشاركة في يوم دراسي يتناول الشأن الأمني في اسطنبول، خشية اعتقاله.
وقلّل حقوقيون إسرائيليون من فعالية الخطوة التركية على المستوى الدولي، مرجحين عدم تعاون أي من الدول مع طلب تركية اعتقال الضباط أو تسليمهم. ورأى الخبير الإسرائيلي في القانون الدولي، روبي سيفل، أن «القرار التركي حتى الآن هو بالدرجة الأولى إعلاني؛ لأنهم لم يطالبوا بتسليمهم الضباط»، لكنه حذر من أن الحكومة التركية قد تطلب من دول أخرى القيام
بذلك.
ورأى أنه من الناحية الفعلية ليس هناك أية دولة مستعدة لتنفيذ هذا الطلب التركي.
وذكّر سيفل بمحاولات فاشلة عديدة جرت في الماضي، وفي دول مختلفة، لمحاكمة مسؤولين إسرائيليين، ورأى أنّ «من المنطقي الافتراض أن النتيجة هذه المرة ستكون مشابهة».