القاهرة | دستورية قانون العزل السياسي وتطبيقه على أحمد شفيق من عدمه. تصويت ضباط وأفراد الشرطة في الانتخابات. عدم تنقية كشوف الناخبين من أسماء المتوفين. تجنّس نجلي المرشح الإخواني محمد مرسي بالجنسية الأميركية. جميعها عثرات وعقبات قانونية تهدد ببطلان نتيجة الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية وتأجيل جولة الإعادة المحددة في 16 و17 حزيران المقبل إلى أجل غير مسمى، لتحيط الشكوك والشبهات القانونية بعملية انتخاب أول رئيس لمصر بعد حسني مبارك.
وبعدما أعلنت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية أمس النتيجة الرسمية للجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، مؤكدةً انحصار المنافسة في جولة الإعادة بين مرسي وشفيق، مع رفض كافة الطعون المقامة من المرشحين المستبعدين بسبب التجاوزات والأخطاء القانونية التي شابت الاقتراع، تلقت محكمة القضاء الإداري أمس ما يزيد على 50 دعوى قضائية تطعن في نتيجة الانتخابات. وتطالب الدعاوى القضاء بإلزام اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تأجيل جولة الإعادة لعدة أسباب، منها عدم فصل المحكمة الدستورية العليا في مدى دستورية قانون العزل السياسي من عدمه، إضافةً إلى استبعاد شفيق من جولة الإعادة وكذلك مرسي بسبب تجنس نجليه بالجنسية الأميركية. وهو ما تزامن مع بدء نيابة شمال الجيزة التحقيق في البلاغ الذي قدمه أحد المحامين للنائب العام يتهم فيه وزارة الداخلية باستخراج 900 ألف بطاقة هوية لأفراد الشرطة والمجندين المحرومين التصويت بنص القانون والإعلان الدستوري، بهدف التصويت للمرشح العسكري أحمد شفيق خلال الجولة الأولى من الانتخابات، وهو ما سبق وتظلم منه المرشحان عمرو موسى وحمدين صباحي في طعونهما للجنة العليا للانتخابات الرئاسية. إلا أن اللجنة رفضت الاستجابة وعدّته أمراً لا يرقى إلى تعطيل مسار الديموقراطية التي جاءت بمرسي وشفيق على رأس المرشحين الرئاسيين الثلاثة عشر. النيابة لم تلتزم قرار العليا للرئاسة، بل سارعت إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة حيال البلاغ. واستمعت أمس على مدار ثلاث ساعات إلى أقوال مقدم البلاغ المحامي سمير صبري، الذي أكد وجود تزوير في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية لمصلحة الفريق أحمد شفيق، المرشح المحسوب على كل من النظام السابق والمجلس العسكري. ودلّ صبري على ذلك باعتراف عدد من ضباط الشرطة، بينهم ضابط يعمل في قوات الأمن المركزي يدعى عبد الرحمن منصور، باستخراج بطاقات شخصية لمجندين وأمناء شرطة بوظائف مختلفة للتصويت لشفيق.
وأوضح صبري لـ«الأخبار» أن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية شابها الكثير من العوار والشبهات، إلاّ أن ظاهرة تصويت أفراد الشرطة هي الأبرز. وفي حال ثبوتها ستبطل نتيجة الانتخابات وستعاد إجراءات الانتخابات برمتها، لافتاً إلى أن المرشح حمدين صباحي، سبق أن أكد أن هناك 117 ألف فرد شرطة أدلوا بأصواتهم في الانتخابات. وطالب صبري النيابة بانتداب لجنة للانتقال إلى مصلحة الأحوال المدنية لإحضار بيانات عن بطاقات الهوية التي غُيِّرَت خلال ستة أشهر مع التحفظ على كافة الصناديق الانتخابية لحين انتهاء التحقيقات.
واستكمالاً لقائمة الأخطاء القانونية التي تحيط بالجولة الأولى للانتخابات، من المقرر أن تفصل إحدى المحاكم المصرية اليوم في عدة دعاوى قضائية تطعن في نتيجة الجولة الأولى بسبب عدم تنقية كشوف الناخبين من أسماء المتوفين، إضافةً إلى المطلب الدائم لكثير من القانونيين بوقف الانتخابات الرئاسية بسبب التشكيك في حيادية أعضاء اللجنة العليا للانتخابات. ويوجه المراقبون أصابع الاتهام إلى كل من رئيس اللجنة المستشار فاروق سلطان، إضافةً إلى المستشار عبد المعز إبراهيم، عضو اللجنة، صاحب الواقعة الشهيرة بسفر الأميركيين المتهمين في قضية تمويل منظمات المجتمع المدني، وهو الأمر الذي لم يحسم قضائياً أيضاً.
وبالرغم من كثرة الألغام القانونية التي تحيط بالانتخابات الرئاسية في مصر، إلا أنه من الناحية الواقعية يظل عدم حسم مدى دستورية قانون العزل السياسي من عدمه أبرز العقبات التي من شأنها قلب العملية السياسية في مصر رأساً على عقب وإجبار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية التي تتمتع بصلاحيات مطلقة على تأجيل جولة الإعادة وإبعاد شفيق منها. ووفقاً لعضو الاتحاد الدولي للمحامين، خالد أبو بكر، سببت نتيجة الجولة الأولى وانحصار الإعادة بين مرسي وشفيق أزمة قانونية، وحدها المحكمة الدستورية العليا قادرة على إخراج مصر منها بسرعة الفصل في مدى دستورية القانون قبل جولة الإعادة. وتساءل أبو بكر: «ماذا لو صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بدستورية القانون وتطبيقه على شفيق بعد أن يحلف رئيس الجمهورية اليمين ؟». وأضاف: «سيصبح أمامنا رئيس جمهورية شرعي، إلا أنه محروم ممارسة الحياة السياسية، وبالتالي يجب عزله».
إلا أن المراقبين قللوا من أهمية تلك الرؤية، مبررين بأن رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية المستشار فاروق سلطان هو نفسه رئيس المحكمة الدستورية العليا التي تنظر في مدى دستورية قانون العزل السياسي الآن. ويرى المراقبون أن سلطان لن يتخذ أي قرار قد يرتب آثاراً سلبية على قراراته كرئيس للجنة العليا للانتخابات الرئاسية. وأشاروا إلى أن المحكمة الدستورية العليا للوقت الحالي لم تعدّ تقرير هيئة المفوضين الخاص بمدى دستورية القانون من عدمه، وهي خطوة تمهيدية تسبق عرض القانون على المحكمة. وهو ما ينذر بأن المحكمة لن تصدر حكماً في هذا القانون قبل شهرين كاملين من الآن، رغم التصريحات غير الرسمية التي خرجت من مصادر داخل المحكمة الدستورية العليا بأن المحكمة ستصدر حكمها في مدى دستورية قانون العزل من عدمه في جلسة 11 حزيران المقبل.
إلا أن مصدراً في الدستورية العليا، نفى في تصريح لـ«الأخبار» الأمر، وأكد أن المحكمة تمارس عملها بعيداً عن أي ضغوط.