الرباط | يثير قانون الحصانة العسكرية في المغرب جدلاً واسعاً. المسؤولون المغاربة لا يزالون مصرين على تمرير القانون، رغم الجدل الكبير الذي يثيره بند يمنح حصانة مطلقة للعسكر من المتابعة الجنائية خلال العمليات العسكرية الداخلية. ويرى الحقوقي عبد العزيز النويضي أنّ المادة السابعة في القانون تعطي ضمانات مطلقة للعسكريين، وتعفيهم من أي مسؤولية جنائية حين ينخرطون في عمليات عسكرية داخل المغرب، ما يؤدي إلى «التكريس القانوني» للإفلات من العقاب وتهديد سلامة المواطنين. ويلفت النويضي، في حديثه لـ«الأخبار»، إلى أنّ هذه المادة مخالفة للمعايير الدولية لحقوق الإنسان وللنص الدستوري ولتوصيات «هيئة الإنصاف والمصالحة». ويأخذ مجموعة من الحقوقيين على النص أنه جاء بصيغة مطلقة، حيث يحق للعسكريين تنفيذ الأوامر من دون التقيد بقواعد المهنية والمسؤولية، بخاصة التي تعهد إلى العسكر في حماية السكان وقت السلم والحرب. ولم يتطرق القانون، برأي النويضي، إلى مبدأ التناسب الذي يتعيّن على الجنود الأخذ به أثناء استعمال القوة، إذ «يجب أن ينص القانون على أن أي استعمال للأسلحة النارية أو الرصاص من أي نوع لا ينبغي أن يسمح به إلا في الحالات الاستثنائية التي يهدد فيها شخص حياة الآخرين مستعملاً أسلحة خطيرة». ولا يتفق الخبير العسكري المغربي، عبد الرحمن مكاوي، مع النويضي، فهو يدعو إلى عدم تسييس القانون العسكري، حيث يعتبر القانون الجديد جامعاً ومانعاً لكل ما يتصل بالأمور المهنية للعسكريين، «إنه قانون يتطابق مع مقتضيات الدستور نصاً وروحاً وكذلك مع القانون الدولي الإنساني، فلا ينبغي تسييسه ولا شيطنته، فالمشروع لم يأت لشرعنة الجريمة أو تقديسها فلا يجوز تعويمه في مفاهيم عامة تمس الحصانة وإغراقه في التفاصيل الشكلية والسياسية والايديولوجية»، بحسب مكاوي.
بدوره، يرى النائب عن حزب الأصالة، المهدي بن سعيد، أن القانون العسكري يحمل عدداً من المؤشرات الإيجابية، كما أن بقية المواد لا تطرح أي إشكالية، «لكن يجب أن يكون القانون واضحاً، فحتى اللحظة لم نطلب تعديلات لكن وجب إخضاع المادة السابعة لنقاش معمق والمعارضة البرلمانية متوحدة حول هذا الأمر، فالدستور ينص على المحاسبة ولا يمكن منح حصانة بهذا الشكل للعسكريين، كما أن القوانين الدولية واضحة في هذا الباب»، يقول عضو لجنة الخارجية والدفاع الوطني لـ«الأخبار».
من جهتها، ترفض الحكومة اشراك «المجلس الوطني لحقوق الإنسان» في النقاشات. وهذا ما علّق عليه النويضي بالقول: «المجلس خُلق أساساً لهذا الغرض، فمن مهامه تنفيذ توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، والتي من بينها وضع نظام للحد من الإفلات من العقاب».