القاهرة | الإسكندرية | «الفاتحة ترحماً على شهداء الثورة، فلولاهم لما وقفنا في هذا الطابور ننتخب رئيسنا»، قالتها سيدة خمسينية تقف في طابور طويل، أمام مدرسة التوفيقية الحديثة بحي مصر الجديدة، قبل دخولها للإدلاء بصوتها، في أول انتخابات رئاسية مصرية بعد الثورة وإطاحة الرئيس السابق حسني مبارك.
وتوجه الآلاف من الناخبين المصريين على مستوى الجمهورية إلى اللجان الانتخابية، منذ الساعات الأولى من صباح أمس، واصطفوا في طوابير طويلة أمامها انتظاراً لبدء عملية التصويت، التي يشارك فيها حسب إحصائيات اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات أكثر من 50 مليون ناخب داخل مصر، وهو ما استدعى تجهيز 351 لجنة عامة للانتخاب، بينما وصل عدد المراكز الفرعية إلى 13 ألفاً و97 مركزاً، وتم انتداب 13 ألفاً و97 قاضياً.
وفيما اشتكى عدد من الناخبين من تأخر فتح اللجان وتأخر وصول القضاة، نفى رئيس اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات الرئاسية المستشار فاروق سلطان حدوث هذا الأمر. وأكد خلال مؤتمر صحافي أمس أن جميع اللجان فتحت أبوابها في الثامنة صباحاً، باستثناء 3 لجان فقط. وعزا السبب إلى تأخر وصول القضاة إلى لجانهم، مؤكداً أنه تم العمل على فتحها فور حضور القضاة. وأشار سلطان إلى أن اللجنة قررت تمديد التصويت حتى التاسعة مساءً بدلاً من الثامنة، بسبب ما قال إنه «زحام على اللجان». كما تحدث عن إحالة اللجنة عدداً من المخالفات قام بها أنصار كل من المرشحين أحمد شفيق ومحمد مرسي وعبد المنعم أبو الفتوح لكسرهم فترة الصمت الانتخابي والدعاية لمرشحيهم أمام اللجان الانتخابية.
وبينما كان الناخبون يدلون بأصواتهم، تفقد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، المشير حسين طنطاوي، عدداً من اللجان الانتخابية بمحافظة القاهرة، فيما تفقد اللواء محمد العصار عضو المجلس عدداً من اللجان في منطقة مدينة نصر. وأكد خلال جولته في تصريحات للصحافيين، «أن القوات المسلحة والشرطة ملتزمتان بتأمين العملية الانتخابية حتى الانتهاء منها». وطالب الناخبين «بالحرص على الإدلاء باصواتهم والإبلاغ فوراً عن أي تجاوزات».
أما باقي أعضاء المجلس العسكري فتوزعوا على عدد من المحافظات، وقاموا بجولات على اللجان الانتخابية للاطمئنان على سير الاقتراع، فيما عاونت القوات المسلحة وزارة الداخلية في تأمين المقار الانتخابية. وأعلنت عن استعدادها بـ 150 ألف فرد من قواتها وما يزيد على 11 ألف مركبة، وهو ما بدا واضحاً أمس مع انتشار مدرعات القوات المسلحة مرة أخرى أمام لجان الانتخاب وفي الشوارع. كما حلقت في سماء مصر طائرات هيلكوبتر لرصد ومراقبة العملية الانتخابية والإبلاغ عن أي أحداث عنف قد تحدث، وأيضاً الإبلاغ عن أي تجاوزات قد تضر بسير العملية الانتخابية.
من جهته، حرص رئيس مجلس الشعب محمد سعد الكتاتني، على الإدلاء بصوته في الانتخابات. وقال عضو حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، إن الشعب المصري لديه إصرار على أن تمر الانتخابات الرئاسية في أجواء من النزاهة والشفافية «لذا خرجوا جميعهم ووقفوا في طوابير طويلة في انتظار دورهم للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات رئاسية، رغم ظروف الطقس الحار». وأشار إلى أن الفائز نتيجة هذه الانتخابات، أياً كان اسمه، سيكون تعبيراً حقيقياً عن إرادة الشعب المصري، وعلى الجميع احترام نتيجة الصندوق الانتخابي.
أما رئيس الوزراء، كمال الجنزوري، فدعا في تصريح له عقب إدلائه بصوته، أمس، الشعب المصري الى المشاركة في هذه الانتخابات و«عدم التخلف عن المشاركة في هذا اليوم التاريخي الذي لا ينسى».
وفيما يصعب تحديد الفائز مع تزايد حالة الاستقطاب بين المرشحين كافة للرئاسة، أجمع المراقبون على أن هوية الفائز من الصعب أن تحسم من الجولة الأولى. ومن المتوقع أن تتم الإعادة بين اثنين من المرشحين الخمسة، أصحاب الحظوظ الأوفر في الشارع، وهم: عبد المنعم أبو الفتوح، حمدين صباحي، عمرو موسى، أحمد شفيق ومحمد مرسي، فيما يزداد القلق في الشارع السياسي المصري من تمكن أتباع النظام المخلوع من العودة إلى رأس النظام مرة أخرى عن طريق الانتخابات.
وفي موازاة الإقبال الكثيف الذي شهدته القاهرة، خلت العديد من اللجان في الإسكندرية، خلال ساعات الصباح الأولى، من الطوابير الطويلة التي شهدتها الجولات الأولى من انتخابات مجلس الشعب. إلا أن وتيرة الإقبال ارتفعت في الساعات الأولى من منتصف الظهيرة، بينما أرجع مراقبون ضعف الإقبال إلى عددٍ من الأسباب، بينها الخوف من الزحام في أول يوم وقلة عدد القضاة المشرفين بما يؤدي إلى وجود طوابير تقف في حرارة الظهيرة، الأمر الذي جعل الكثيرين يرحلون بعدما جاؤوا إلى لجانهم، فضلاً عن أن اليوم هو عطلة رسمية وليس أمس.
وقد تأخرت مجموعة من اللجان في فتح أبوابها بسبب تأخر بعض القضاة في إعداد التجهيزات اللوجستية كإرشادات الناخبين وإثبات المندوبين، ما أدى إلى تأخر فتح بعض أبواب اللجان لمدة تصل إلى 45 دقيقة.
كذلك سجل التزام المحافظة على الصمت الانتخابي إلا في بعض الأماكن المتفرقة، حيث اشتكت المواطنة سناء وحيد من وجود سلفيين من أنصار أبو الفتوح وإخوان من أنصار مرسي يجلسون بأجهزة كومبيوتر محمولة عند مدرسة عقبة بن نافع الإعدادية بمنطقة طوسون ويوجّهون الناخبين، بالرغم من أن اللجنة الانتخابية قامت بتعليق أسماء الناخبين ولجانهم على أسوار المدارس الخارجية في كشوفات لمنع تدخل أي من أنصار المرشحين في توجيه الناخبين.
في المقابل، اشتكى حزب الحرية والعدالة من حملة عمرو موسى، متهماً إياها بأنها تدخل وجبات من أحد المحال الشهيرة لمندوبيها وأنصارها في اللجان، فيما ألقت عناصر الشرطة البحرية القبض على شاب أمام مدرسة طه حسين الثانوية بدعوى إخلاله بالنظام وقامت بالاعتداء عليه ضرباً بدعوى السيطرة عليه، قبل أن تصحبه إلى قسم الشرطة.



لجنة مبارك مغلقة

للمرة الأولى منذ سنوات، أغلقت مدرسة مصر الجديدة النموذجية الإعدادية الثانوية للبنات أبوابها في وجه الانتخابات بعدما بدا أنه لا داعي لتعطيل العمل فيها، ولا سيما أن الضرورة القصوى التي كانت تقتضي فتحها للاقتراع قد ولت، فالرئيس المخلوع وزوجته سوزان ونجليه علاء وجمال لن يأتوا هذا العام للإدلاء بأصواتهم.
العاملون في المدرسة، أوضحوا لـ«الأخبار» أن الاستفتاء على تعديل الدستور بعد الثورة وانتخابات مجلسي الشعب والشورى أجريت في المدرسة، إلا أنها تمت في أجواء تختلف تماماً عما اعتادوه قبل الثورة. فقد كانت المرة الأولى التي يشاهدون فيها «ناخبين حقيقيين من أهل المنطقة» بحسب تعبيرهم.
وقال أحدهم، مشترطاً عدم ذكر اسمه، إنه كان يضطر إلى العمل ثلاثة أيام بلا توقف ولا مكافأة في تفتيش المدرسة مع قوات الأمن الخاصة قبل أي انتخابات. كما كشف أن البطاقات الشخصية لكل العاملين كانت ترسل إلى جهاز مباحث أمن الدولة قبل الانتخابات بعدة أيام للتحقق منها. أما يوم الاقتراع نفسه، فقد كانت المدرسة تغلق أبوابها في وجه كل العاملين فيها، باستثناء قلة.
(الأخبار)