«عايزين رئيس مننا»، تتردد تلك العبارة بين سكان المناطق الشعبية والعشوائية في مصر، الذين ينظر إليهم المرشحون للرئاسة المصرية على أنهم كتلة تصويتية ضخمة، حيث وصلت نسبة الفقر في مصر إلى أكثر من 25% من مجموع السكان، حسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. ويرى العديد من سكان تلك المناطق، أن الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية، هي موسم للاسترزاق من أموال المرشحين مقابل التصويت لهم.
يصعب تحديد المرشح المفضل لدى المناطق الشعبية والعشوائية في مصر. إلا أنّ من الواضح انقسام تلك المناطق بين أربعة مرشحين: أحمد شفيق، عمرو موسى، حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح. ويُكَنّ لمرشح جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي بغض شديد في معظم المناطق الشعبية. وفي جولة «للأخبار» في عدد من تلك المناطق، كان السواد الأعظم من الناخبين يرفضون اختيار مرسي، «هما عايزين يكوشوا على البلد كلها»، يقول الشاب محمد زعتر ابن منطقة الدويقة، غرب القاهرة، عن جماعة الإخوان المسلمين، مضيفاً: «الإخوان يريدون مصلحتهم فقط، وكذبوا عندما أعلنوا أنهم لن يكون لهم مرشح للرئاسة». يبدو زعتر، صاحب الـ27 عاماً، محتاراً بين انتخاب حمدين صباحي وعمرو موسى، ليحسم أمره لاحقاً، «صوتي لحمدين إن شاء الله عايزين وجوه جديدة». رأي زعتر في مرشح الإخوان المسلمين منتشر وسط تلك المناطق. بالمقابل، ثمة فريق آخر يرى أن الإخوان «ظُلموا كثيراً على مدار تاريخهم، ولهم الحق في ترشيح رئيس جمهورية يعبّر عنهم»، يروي ممدوح مصطفى. ويضيف ابن منطقة عين شمس الشعبية: «هناك تخوف كبير من أن يأتي رئيس من الفلول ويصدر قراراً بحلّ مجلس الشعب ويرمي الإخوان في السجون مرة أخرى. الرئيس الإخواني على الأقل سيحافظ على الاستقرار ولن يصطدم بالبرلمان».
تنتشر في حي المرج الشعبي، شمال القاهرة، الصور الانتخابية لمرشح الإخوان بكمية ضخمة، بينما يتحدث رواد المقاهي عن تفضيلهم عمرو موسى أو أحمد شفيق. يتحكم في هذه المنطقة النظام العائلي، حيث يلتزم، في الغالب، أفراد كل عائلة قرار كبيرهم.
خلال جولة «الأخبار» في عدد من المناطق العشوائية بالقاهرة، يتردد اسم حمدين صباحي وأحمد شفيق كثيراً. بدا واضحاً أن الهجوم الذي تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة خلال الفترة الماضية «لسوء أدائهما في البرلمان»، استفاد منه بصورة كبيرة مرشحا «الفلول»، أحمد شفيق وعمرو موسى، وبنحو أقل عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي. في حي السيدة زينب، ينتشر العديد من مؤيدي أحمد شفيق. يقول إبراهيم حسن، صاحب متجر، إنّ «شفيق هيرجع الأمن، كفاية مظاهرات واعتصامات». كذلك تنتشر دعاية قوية لمرشح «الإخوان»، محمد مرسي، أرجعها عدد من سكان المنطقة إلى وجود عدد كبير من المنتمين إلى الجماعة فيها.
في حي الحسين، تختلف الدعاية، وتختلف الاتجاهات أيضاً؛ فهناك توجّه عند جزء من الناخبين، يؤكد أنهم سيمنحون المرشح الإسلامي عبد المنعم أبو الفتوح صوتهم في الانتخابات؛ «لأنه سيحافظ على التوازن بين كل التيارات السياسية في المجتمع»، يقول محمد أحمد، أحد شباب المنطقة. «أبو الفتوح راجل إسلامي، وعلاقته كويسه بكل الناس، وإحنا محتاجين رئيس يكون متفق مع كل التيارات»، يضيف أحمد. في الحيّ ذاته، تدعم شريحة واسعة من أهالي الحسين، حمدين صباحي. أحدهم، بائع المفروشات، شعبان عبد الرحمن، الذي يقول: «حمدين شبهنا.. وكلامه يدخل الدماغ».
وتوحي القدرة التنظيمية للإخوان المسلمين أن كل المناطق الشعبية تؤيد مرشحهم؛ إذ لا يوجد شارع، في تلك المناطق، تغيب عنه ملصقات ولافتات الدعم لمحمد مرسي. هذه القدرة «الظاهرية» لم تؤثر فعليّاً في سكان تلك المناطق، حيث مُزِّق معظم هذه الملصقات، أو كتبت عليها عبارات مناهضة للإخوان كـ«الإخوان الكاذبون»، وفي أحيان كثيرة يكتب المواطنون على تلك اللافتات ألفاظاً نابية.
يلخّص ناصر عبد التواب، المقيم في حيّ منشأة ناصر، غرب القاهرة، مطالب سكان المنطقة الشعبية والعشوائية بـ«مسكن ووظيفة محترمة»، ويضيف: «الناس هنا غلابة محتاجين سقف يحميهم من البرد والحر»، حيث يعاني أغلب سكان المناطق الشعبية تهالك مساكنهم، بالإضافة إلى أن معظم سكانها يقيمون في منازل من الصفيح والخشب. أما «الوظيفة المحترمة»، فيراها ناصر «تلك الوظيفة التي تضمن دخلاً محترماً، وبالتالي يستطيع كل مواطن تعليم أبنائه وعلاجهم».