انطلقت الانتخابات الرئاسية في مصر وسط حشد كل مرشح لأنصاره وللكتلة التصويتية التي يرى أنها تميل إلى مصلحته وركز في خطابه عليها. وقد تباينت استطلاعات الرأي في ما بينها في نسبة المصريين الذين حددوا مرشحهم الرئاسي وحسموا أمرهم. وتوزعت هذه النسبة على المرشحين للسباق الانتخابي. إلا أن أياً من هذه الاستطلاعات لم يبين بدقة الخلفيات الفكرية التي تنتمي إليها شرائح الناخبين. لكن المؤكد أن الكتلة التصويتية للإسلاميين ومناصريهم ومحبيهم هي النسبة الأكبر من بين شرائح الناخبين المتماسكة والمؤدلجة، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين وحزبها «الحرية والعدالة»، اللذان دفعا محمد مرسي مرشحاً للرئاسة.
كذلك توجد الدعوة السلفية ـــ مدرسة الإسكندرية وحزبها النور، اللذان أعلنا تأييدهما للقيادي الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح، وبالتالي ستصب النسبة الأكبر من أصوات الإسلاميين لمرسي وأبو الفتوح نظراً إلى ضعف فرص حظوظ المرشح الثالث صاحب الخلفية الإسلامية محمد سليم العوا.
وما يؤكد ذلك، هو نتائج انتخابات مجلس الشعب الماضية التي شهدت أكبر نسبة حضور وتصويت من الناخبين في تاريخ مصر. فوفقاً للجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب، حصل حزب الحرية والعدالة _ الذراع السياسية للإخوان المسلمين _ على 127 مقعداً بنسبة 46 في المئة من المقاعد، بإجمالي أصوات 10 ملايين و138 ألفاً و134 صوتاً بنسبة 40 في المئة من الأصوات. أما حزب النور، فحصل على 96 مقعداً بنسبة 24 في المئة من مقاعد مجلس الشعب بإجمالي أصوات سبعة ملايين و 534 ألفاً و 266 صوتاً، بنسبة 26 في المئة من الأصوات تقريباً. أما بقية الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، فقد كانت مشاركة في تحالف مع حزب الحرية والعدالة والنور، ما عدا حزب الوسط، الذي دخل في تحالف مع حزبي النهضة والريادة، وهما تحت التأسيس، وحصد 10 مقاعد فقط في مجلس الشعب.
وعلى الرغم من مرور قرابة 4 أشهر على هذه الانتخابات، وحدوث تراجع نسبي للإسلاميين وسط شرائح اجتماعية عديدة، إلا أن أصوات الإسلاميين ما زالت تمثّل فرس رهان لمن يحصدها. ويتركز التنافس الانتخابي لهذه الكتلة بين جماعة الإخوان المسلمين، التي أعلنت فقط الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح ودعوة أهل السنة والجماعة، تأييدها لمرشح الإخوان محمد مرسي من جهة، وبين أغلبية الهيئات ذات المرجعية الإسلامية من جهة، حيث أعلنت جماعة الجهاد والجماعة الإسلامية والدعوة السلفية، مدرسة الإسكندرية، وأحزاب الوسط والنهضة والريادة وداعمي حازم صلاح أبو إسماعيل تأييدهم لأبو الفتوح.
إلا أن هذا الاصطفاف إلى جانب أبو الفتوح لا يعني حصده الغالبية العظمى من أصوات الإسلاميين ومؤيديهم؛ فجميع هذه الهيئات والحركات لا تملك قوة تصويتية منظمة توازي قوة جماعة الإخوان في القدرة على الحشد والتنظيم، باستثناء الدعوة السلفية التي تفتقر إلى خبرة جماعة الإخوان، والجماعة الإسلامية في محافظة المنيا وبعض المدن القليلة في محافظات مصر.
وراهن كل طرف، سواء جماعة الإخوان ومناصريها أو أنصار أبو الفتوح، على جذب قطاعات من الشباب لدى الطرف الآخر؛ إذ دارت حرب نفسية كان وقودها بعض الشخصيات الكبيرة من الطرفين، أعلنت دعمها للطرف الثاني. كذلك شهدت الحملات الانتخابية الترويج لصور بعض الشباب. فمن جهتهم، روج أنصار أبو الفتوح كثيراً لدعم القيادي السابق في جماعة الإخوان في أوروبا، كمال الهلباوي، لأبو الفتوح، وكذلك الشيخ يوسف القرضاوي، المرجع الأهم للجماعة ورئيس الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، والقيادي بحزب الحرية والعدالة الدكتور مصطفى رسلان. أما جماعة الإخوان فروجت لتأييد القيادي التاريخي بالدعوة السلفية، سعيد عبد العظيم، لمرسي، وكذلك الشيخ أحمد المحلاوي الذي يعد أحد آباء الحركة الإسلامية منذ السبعينيات، وبعض شيوخ سلفية القاهرة وعدد من المحافظات وبعض كوادر الدعوة السلفية في الإسكندرية.
وقد اتخذت كل حركة أو جماعة مجموعة من التدابير في مواجهة هذه الأصوات المتسربة، ولا سيما في أوساط الشباب، حيث أعلنت جماعة الإخوان المسلمين فصلها كل من يعلن دعمه لعبد المنعم أبو الفتوح بعد مراجعته، فيما دشنت الدعوة السلفية مجموعة من المؤتمرات لتعلن عدم خروج شبابها عن التزام رأي الشورى. ووفقاً لإعلان مجلس شورى الدعوة السلفية، سينال مرسي دعم «الدعوة» حال دخوله الإعادة مع أي مرشح آخر غير أبو الفتوح، بينما لم تعلن بقية القوى ذات المرجعية الإسلامية موقفها في حال عدم نجاح المرشح الذي تدعمه.