بقدر الارتياح السائد في العاصمة الإيرانية طهران، يسود قدر من الاستياء في تل أبيب، ازاء التقديرات المتزايدة حول امكانية التوصل إلى تفاهم ما بين الجمهورية الإسلامية ومجموعة دول «5+1» لما يمثل ذلك من إقرار دولي بواقع تحول ايران إلى دولة نووية. وفي مقابل التوجه الغربي والأميركي نحو اتفاق مع إيران النووية، ومع الأجواء الايجابية التي رافقت زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانو لطهران، عمدت تل أبيب إلى رفع مستوى الضغوط على عواصم القرار الدولي، على ألسنة قادتها عبر التشكيك الدائم بنوايا ايران والتحذير من استراتيجية الخداع التي تتبعها، فضلاً عن مواقفها المعلنة بـ«إزالة إسرائيل».
ضمن هذا الإطار، دعا رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الدول العظمى إلى إبداء القوة والتصميم «وليس الضعف»، إزاء إيران، مشدداً على ضرورة عدم تقديم التنازلات بل «مطالب قاطعة لا لبس فيها». وفيما كرر نتنياهو المطالب الإسرائيلية الرسمية، حول ضرورة إيقاف كل أعمال التخصيب وإخراج كل المواد المخصّبة وتفكيك المنشأة النووية المحصّنة بالقرب من مدينة قم، شدّد أيضاً على ان هذا موقف إسرائيل، «لا ولن يتغير». وفي محاولة للاستدلال على أن إيران تريد تطوير أسلحة نووية، استشهد نتنياهو بالمواقف الرسمية الإيرانية الداعية إلى إزالة إسرائيل.
وبإزاء الحديث عن الاتفاق بين إيران ووكالة الطاقة بعد زيارة يوكيا لطهران، رأى وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أن الإيرانيين «يحاولون التوصل إلى اتفاق تقني للإظهار كما لو أن هناك تقدماً في المحادثات من أجل إزالة الضغوط الدولية عنها، تمهيداً للمحادثات في بغداد وتأجيل فرض العقوبات».
وكرّر باراك المواقف التي أدلى بها نتنياهو إزاء أي اتفاق، محذّراً الدول الغربية من تقديم أي نوع من التنازلات. ورأى انه حتى لو تمت الموافقة على احتفاظ ايران بكميات رمزية من مئات الكيلوغرامات من المواد المخصبة بنسبة 3,5 في المئة، ينبغي ابقاؤها تحت رقابة دولية مشددة، والتأكد من عدم وجود أي كميات تكفي لمواصلة السير باتجاه النووي العسكري. ولفت إلى أن من يحتاج إلى ايضاحات كيف يفكر الإيراني فإني أوصيه بقراءة تصريحات قائد الجيش الايراني عطا الله صالحي، عن المستقبل الذي يعده لدولة إسرائيل.
وامتداداً للخط الذي تلتزمه القيادة السياسية في تل أبيب، شدّد رئيس وحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية، العميد ايتي بارون، أمام لجنة الخارجية والامن، على ان ايران «تواصل التمركز على الحافة النووية التي تسمح لها بأن تكون أكثر عدوانية في سياستها الإقليمية».
وفي محاولة للتسويق لجدوى زيادة معدل الضغوط على إيران، أضاف بارون أن «الضغط الدولي والعقوبات والوضع الداخلي تقلق النظام في طهران وتدفعه إلى إجراء محادثات مع المجتمع الدولي». لكنه عاد وأقرّ بأن الضغط العام لم يؤدّ إلى تغيير سياستها في ما يتعلق بتطوير برنامجها النووي، خصوصاً أنها تواصل تخصيب اليورانيوم وتشغيل المواقع النووية بالقرب من مدينة قم وبوشهر.
وحذّر بارون من أن الكميّات المخصبة بنسبة 20 في المئة الموجودة بحوزة إيران تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة إذا ما تم مواصلة التخصيب إلى نسبة 95 في المئة، رغم انها لا تنوي مواصلة ذلك في هذه المرحلة.
وفي محاولة للحفاظ على سياسة التلويح، كجزء من ممارسة الضغوط على الأطراف المتفاوضة، قال مصدر سياسي رفيع المستوى انه حتى لو تحقق اتفاق في هذه المحادثات، فإن نتنياهو لن يسمح بالتأثير على حرية عمل إسرائيل، مشيراً إلى انه حتى لو تحقق اتفاق في هذه المحادثات فإن معناه، في أقصى الأحوال، إرجاء البرنامج النووي وليس وقفه التام.
أيضاً، نقلت محافل سياسية عن رئيس مجلس الأمن القومي، يعقوب عميدرور، قوله لجهات روسية ان إسرائيل ستضطر إلى العمل العسكري لوقف البرنامج النووي إذا لم تعط المساعي الدبلوماسية ثمارها في غضون وقت محدد.
إلى ذلك، دعا رئيس مجلس الأمن القومي عوزي أراد، الولايات المتحدة إلى التوضيح لإيران بأن أي محاولة خرق للاتفاق ستمنحها شرعية العمل بوسائل أخرى ضدها. وركز أراد، خلال مؤتمر عقد لمناقشة التحديات التي يواجهها سلاح الجو الإسرائيلي، في معهد «فيشر» في هرتسيليا، على البعد الدعائي لإبقاء الخيار العسكري على الطاولة، معبّراً عن أمله بألّا تتصرف واشنطن بنحو انهزامي ازاء ايران.