رام الله | لم تكد الحكومة الفلسطينية الجديدة، برئاسة سلام فياض، تنتهي من عقد جلسة التعارف بعد أدائها اليمين الدستورية أمام الرئيس محمود عباس، حتى فوجئ الشارع الفلسطيني باتفاق جديد بين حركتي «فتح» و«حماس» أُعلن من القاهرة، وهو ما دعا الشارع الى إبداء الاستغراب الشديد وطرح الأسئلة حول مضمونه وتوقيته، والأهم من كل ذلك، هو إمكان تنفيذه على الأرض، طالما سبقه اتفاقات كثيرة لم تنفذ.
وتحدث البروفيسور عبد الستار قاسم لـ«الأخبار» عن هذا الاتفاق، مؤكّداً أنّ التعامل معه يجب أن يكون بتفاؤل، لكن بحذر شديد، ذلك أن اتفاقات عدّة وُقّعت بين الحركتين ولم تنفّذ، ما يدعو الى التساؤل حول تنفيذ هذا الاتفاق الآن؟ ويضيف «نأمل ذلك، لكن نأخذ بعين الاعتبار عدم تغيّر الظروف على الساحة الفلسطينية، ما يجعل الأمر صعباً».
وبخصوص الإعلان عن الاتفاق بعد أقل من أسبوع على إعلان الحكومة الجديدة، برئاسة فياض، رأى قاسم أن «السلطة لا تجرؤ على محاصرة فياض، إلا إذا قررت أن تخرج من المظلة الأميركية، وهو أمر مستبعد». لكنه يجزم بأنّ «من يعتقد بأن القرار فلسطيني بحت فهو مخطئ، لأن هناك قوى خارجية تؤثر في القرار، لا بل هي التي تتخذ القرار، ولهذا السبب، أكرر أن علينا التعامل مع الاتفاق بحذر شديد مع قليل من التفاؤل، لأننا نريد أن ينفذ».
الشارع كان أشدّ قساوة، وبحكم التجربة المرّة مع حركاته، تعامل مع الاتفاق بسخرية، وقال حسام عزّ من رام الله إن «الإعلان عن الحكومة الجديدة هو ما دفع الى التعجيل بإعلان جديد لتنفيذ المصالحة، ما يعني أن الاتفاق الجديد يأتي من أجل إحباط الحكومة الجديدة». لكن محمد حسن ردّ على حسام بتساؤل مشروع «ماذا عن الحكومة التي أقسمت اليمين منذ يومين؟ هل ستصبح احتياطاً؟ يبدو أن بلدنا سيصبح بلد المليون وزير».
رأي اتفق معه علي بالقول «يا جماعة، لو بقيت الأمور على هذه الحال لفترة ليست بالطويلة، وكل عدة أيام تعلن حكومة جديدة فسيصبح 90 في المئة من الشعب وزراء سابقين». أما هاني فقال «للمرة الألف، حركتا «حماس» و«فتح» توقعان اتفاقاً لتطبيق المصالحة برعاية مصرية»، قبل أن يضيف ساخراً «أوّل مرّة تم توقيع اتفاقية في مكّة، ثم في اليمن، فمصر، ثم في قطر، ثم في موزمبيق، ثم في زيمبابوي، ثم في كوستاريكا، ثم في القطب المتجمد، وغير المتوحد الشمالي، والجنوبي والغربي والشرقي، والله زهقنا». أما فداء فاكتفت بالقول «سوف ندخل كتاب غينيس للأرقام القياسية في عدد اتفاقات المصالحة بين فتح وحماس، الله بعين».
بدورها، دعت الفصائل الفلسطينية الحركتين الى الالتزام بتنفيذ الاتفاق الذي وقّعتاه في القاهرة في إطار التطبيق الكامل لاتفاق المصالحة الوطنية الموقع في القاهرة في 4 أيار الماضي. وقالت عقب اجتماع في غزة إنها «قررت البدء بدراسة السبل لحماية اتفاق المصالحة وضمان تنفيذه بشراكة وطنية كاملة».
وبدا الاتفاق الجديد، وفق ما أعلن عنه القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق، كأنه متعلق بقضية الانتخابات بشكل رئيسي، ومرتبط بتاريخ 27 أيار الحالي بشكل غريب. إذ نص على أن تبدأ لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة اعتباراً من 27 أيار الحالي، وأن يلتقى وفدا «حماس» و«فتح» لبدء مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة فور بدء لجنة الانتخابات المركزية عملها في قطاع غزة، وأن تختتم مشاورات تشكيل الحكومة خلال مدة لا تتجاوز 10 أيام للإعلان عن الحكومة الجديدة، وأن تستأنف لجنة الانتخابات المكلفة بإعداد قانون انتخابات المجلس الوطني عملها اعتباراً من 27 أيار.
وأشار الاتفاق أيضاً الى أن يجري تحديد موعد إجراء الانتخابات بالتوافق بين كل الفصائل والقوى الفلسطينية في ضوء إنجاز عمل لجنة الانتخابات المركزية، على أن تحدد مدّة عمل الحكومة التي سيتم تشكيلها بفترة لا تزيد على 6 أشهر لتنفيذ المهمات المتفق عليها، بما في ذلك إجراء الانتخابات والبدء في إعادة إعمار غزّة.
وقال الاتفاق إنه في حال تعذر إجراء الانتخابات في الموعد المتفق عليه نتيجة أيّ سبب خارج عن إرادة الأطراف، يلتقي الطرفان لبحث إمكان تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة، يتم التوافق عليها.
كما نص على «تهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات»، وأن «تقوم مصر بالمراقبة والإشراف على تنفيذ كل طرف لالتزاماته».