أعلن رئيس بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة في سوريا، الجنرال روبرت مود، أمس، أنه إذا كان تنظيم القاعدة هو المسؤول عن هجوم دمشق، الذي أدى إلى مقتل العشرات، فسيكون هذا «تطوراً مثيراً للقلق». وقال، في مؤتمر صحافي: «من الواضح أنه يستحيل في هذه المرحلة معرفة من أين جاء هذا النوع من العنف ومن الذي قام به».
جاءت تصريحات مود رداً على تعليقات من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، أول من أمس، أشار فيها إلى أنه يعتقد أن تنظيم القاعدة مسؤول عن الهجومين الانتحاريين بسيارتين ملغومتين، اللذين أديا إلى مقتل 55 شخصاً في دمشق قبل أسبوع. وأكد مود أن «المراقبين، مهما ارتفع عددهم، لا يمكنهم وحدهم وضع حد لأعمال العنف، ما لم يكن هناك التزام حقيقي من كل الأطراف بعملية السلام».
وأشار إلى «مستوى متقدم من التعاون» من جانب السلطات السورية مع المراقبين الذين وصل عددهم إلى 260 من أصل ثلاثمئة هو العدد الذي قرره مجلس الأمن. وهم ينتمون إلى ستين بلداً.
وكان الجنرال مود قد اجتمع أمس بالسفير الإيراني في دمشق محمد رضا شيباني حيث بحثا التطورات.
وفي سياق مرتبط بمهمة بعثة المراقبين، وصل إلى العاصمة السورية دمشق أمس، الجنرال السنغالي بابا كار غاي، المستشار العسكري للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. وقال المتحدث باسم فريق المراقبين الدوليين، حسن سقلاوي، إن «زيارة غاي ستستمر 3 أيام، يلتقي خلالها رئيس بعثة المراقبين، ويطلع على أوضاع البعثة بنحو كامل».
وسيتوجه وسيط الأمم المتحدة كوفي أنان «قريباً» إلى سوريا، على ما أعلن المتحدث باسمه أحمد فوزي. وقال فوزي، في لقاء صحافي في جنيف: «يمكننا توقع زيارة قريباً». من جهة أخرى، أعلن فوزي أن أحد مساعدي أنان سيتوجه إلى سوريا كذلك. ولم يرغب المتحدث في تقديم تفاصيل خطة سفره «لدواع أمنية».
ورداً على سؤال عن تصريحات بان بشأن القاعدة، رفض فوزي التعليق. غير أنه أعلن أن أنان سبق أن تحدث عن وجود «عنصر ثالث» في سوريا. وأكد أنه «تعذّر علينا التحقق من ماهية هذا العنصر. ونحن نفعل ذلك».
بدوره، حض رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأمم المتحدة على إرسال مزيد من المراقبين إلى سوريا، مشيراً إلى أن المراقبين الـ300 المنتشرين حالياً في هذا البلد لا يشكلون عدداً كافياً.
وقال أردوغان، خلال اجتماع ثلاثي على ساحل البحر الأسود ضمه إلى نظيريه القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني والبلغاري بويكو بوريسوف: «ينبغي تغطية الأراضي السورية برمتها ببعثات مراقبين لكي يعلم العالم أجمع ماذا يحصل». ورأى رئيس الوزراء القطري أن «الوضع في سوريا محبط»، مجدداً دعوته إلى وقف «حمام الدم»، وقال: «ننتظر أن نرى كيفية تطبيق أنان
لخطته».
من جهة ثانية، أعلن ناطق باسم وزارة الخارجية الروسية أن موسكو قلقة من دعوات رئيس «المجلس الوطني السوري» المعارض برهان غليون بعض الدول إلى تسليح ما يعرف بـ«الجيش السوري الحر».
ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن الناطق الرسمي باسم الوزارة، ألكسندر لوكاشيفيتش، قوله للصحافيين «إن غليون دعم علناً جهود تسليح الجيش السوري الحر».
وفي السياق، تلقت قيادة سفينة الخفر «سمتليفي» (المتقد) التابعة لأسطول البحر الأسود الروسي أمراً ينص على تمديد مهمة المناوبة القتالية قرب السواحل السورية.
ميدانياً، خرجت أمس تظاهرات مناهضة للنظام السوري هي الأكبر في مدينة حلب، بحسب ما أفاد ناشطون والمرصد السوري لحقوق الإنسان. وذكر المرصد في بيان أن عدداً من المتظاهرين أُصيبوا برصاص الأمن في حي صلاح الدين، حيث كان المتظاهرون يرددون «الشعب يريد تسليح الجيش الحر»، بحسب مقطع بثه ناشطون على الإنترنت. ودعت المعارضة إلى التظاهر أمس تحت شعار «جمعة أبطال جامعة حلب» التي تشهد تحركاً احتجاجياً متصاعداً منذ أشهر.
وذكر تقرير أن قسماً من العائلات المسيحية التي هجّرها «مسلحون تكفيريون» من قرية قسطل البرج في محافظة حماه وسط سورية، عادوا أمس إلى قريتهم بعد تمركز قوى حفظ النظام قربها.
واجتمع أهالي القرية مع قرى الجوار المسلمين الذين استنكروا الحادث الذي قال كاهن القرية جورج حوش إن من نفذه «مسلحون غرباء جاؤوا من تركيا، وهم من تنظيم القاعدة».
وقتل ستة أشخاص وجرح آخرون، مدنيون وعسكريون، أمس في انفجارات عبوات ناسفة في مدن سورية مختلفة، بحسب ما أفاد الإعلام الرسمي السوري. وذكر التلفزيون السوري أن «انفجاراً وقع قرب جامع العباس في حي برزة» في العاصمة السورية، ما أدى إلى وقوع جرحى. وأوضح التلفزيون أن العبوة التي انفجرت كانت مزروعة في كشك هاتف عمومي «سببت إصابة عدد من المارة، بينهم نساء وأطفال».
في حماة، أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) بأن «عنصراً من قوات النظام استشهد وأُصيب ضابطان وعدد آخر من العناصر في انفجار عدة عبوات ناسفة زرعتها مجموعات إرهابية، أثناء محاولة تفكيكها بين دواري البحرة والأعلاف».
في حلب، ذكرت الوكالة أن «إرهابيين فجروا عبوة ناسفة قرب دوار الشعار عن بعد خلال قيام عناصر من الهندسة بتفكيكها، ما أدى إلى استشهاد المساعد أول حسن حسين الحاضري وإصابة عدد من عناصر حفظ النظام بينهم ضابط أُسعفوا إلى المشفى العسكري في المدينة».
وفي دير الزور، أحبطت الجهات المختصة محاولة تفجير سيارة مفخخة وألقت القبض على المتورطين، بحسب الوكالة.
في ريف دمشق، أشارت الوكالة إلى أن «الجهات المختصة ضبطت سيارة مفخخة بنحو 600 كيلوغرام من المتفجرات في منطقة الملحية».
في المقابل، قتل سبعة أشخاص، بينهم طفلان، في أعمال عنف في مناطق سورية عدة، بحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال المرصد إن مواطنين اثنين قتلا في حي التضامن في مدينة دمشق في إطلاق رصاص من القوات النظامية التي كانت تلاحق متظاهرين بعد تفرق التظاهرة.
وفي محافظة درعا، قتلت طفلة واعتقل أفراد أسرتها، وذلك في عملية دهم نفذتها قوات نظامية لمنزل العائلة تخللها إطلاق رصاص في مدينة جاسم، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي أشار إلى أن القوى الأمنية أحرقت منازل بعض المواطنين خلال حملتها. كذلك قتلت فتاة إثر إصابتها برصاص قناصة في بلدة الجيزة في
درعا.
وقتل طفل في حي طريق حلب في مدينة حماة، حيث سمع قبل الظهر صوت انفجار تبعه صوت إطلاق رصاص كثيف.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن نشطاء أن الطفل قتل إثر إطلاق نار من رشاشات ثقيلة من القوات النظامية بعد التفجير. وقتلت امراة في الحي نفسه بإطلاق الرصاص أثناء وجودها داخل منزلها.
وأعلنت الرابطة السورية للدفاع عن حقوق الإنسان أن القضاء السوري أصدر حكماً بالإعدام بحق الناشط محمد عبد المولى الحريري، المعتقل منذ 16 نيسان، بعد تجريمه بجناية «الخيانة العظمى»، معتبرة الحكم «باطلاً» لاستناده إلى اعترافات انتزعت منه «تحت التعذيب الوحشي». وطالبت الرابطة السلطات السورية بوقف تنفيذ هذا الحكم «الجائر»، محملة إياها «المسؤولية الكاملة عن سلامة الحريري».
إلى ذلك، اعترف وزير الداخلية التونسي علي العريض بوجود تونسيين في صفوف المعارضة السورية المسلحة «الجيش السوري الحر»، ولكنه لم يستنكر هذا العمل.
واكتفى بالقول: «يؤسفنا قيام بعض الشبان التونسيين بمغامرات غير محسوبة العواقب عبر السفر إلى سوريا».
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)