برغم المسافة الطويلة التي تفصلها عن المنطقة، فإن لإسرائيل مصالحها وموقفها من النزاع حول منطقة ناغورني كراباخ. بل بمفهوم معين ترى أنها «لاعب أساسي» في ذلك النزاع، كما عبّر عن ذلك محللون إسرائيليون.
ينبع الاهتمام في النزاع حول ناغورني كراباخ، من علاقات إسرائيل بأذربيجان التي ترى فيها الأولى «مكسباً استراتيجياً»، بالاستناد إلى موقع أذربيجان الجغرافي من إيران، فضلاً عن كونها دولة نامية في مجال الطاقة، وزبوناً دسماً في ما يتعلق بشراء الأسلحة، من ضمنها طائرات دون طيار ومنظومات دفاع جوي. ووفق التقارير الإعلامية الإسرائيلية، فإن علاقات استخبارية وثيقة تربط الطرفين الأذري والإسرائيلي، ما يتيح للأخيرة هامشاً أوسع من العمل في مناطق حساسة.
كذلك تحولت أذربيجان في السنوات الأخيرة إلى مزود النفط الرئيسي لإسرائيل، من خلال أنبوب يمرّ عبر جورجيا وتركيا. وفي أعقاب تدهور العلاقات الإسرائيلية ــ التركية، تزايدت أهمية أذربيجان بالنسبة إلى إسرائيل. ويصف ديبلوماسيون إسرائيليون، أذربيجان، بأنها «شريك استراتيجي»، فضلاً عن كونها «باباً خلفياً» إلى إيران.
في إطار متصل، لفتت التقارير الإسرائيلية إلى أن مسؤولين رفيعي المستوى في باكو لا يخفون التبادل التجاري مع إسرائيل، مشيرين إلى أن أذربيجان تأمل أن تستخدم إسرائيل في المستقبل أنبوب النفط الذي تمتلكه مع تركيا لضخ الغاز الطبيعي الإسرائيلي.
أما عن الموقف والمصالح الإسرائيلية من النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، فتكفلت صحيفة «هآرتس» بالتعبير الصريح عن ذلك، موضحة أن مصلحة إسرائيل «لا تكمن في حل النزاع في ناغورني كراباخ». وأرجعت الصحيفة هذا التقدير إلى أن إسرائيل معنية بأن «لا تفقد زبوناً غنياً لصناعاتها العسكرية وتحافظ على علاقات مع أذربيجان». كذلك قالت بعض التقارير الإسرائيلية إن طائرة شحن عسكرية تابعة لأذربيجان حطّت قبل أيام في إسرائيل قبل أن تعود للإقلاع بعد وقت قصير. ونقلت هذه التقارير إسقاط طائرة دون طيار من إنتاج إسرائيلي تابعة لقوات أذربيجان.
وكانت إسرائيل قد امتنعت عن الاعتراف بإبادة الشعب الأرمني على أيدي الأتراك في أثناء الحرب العالمية الأولى، على خلفية علاقاتها الوثيقة مع باكو، كما لفت إلى ذلك معلقون إسرائيليون. ويشير هذا الأداء إلى حرص المؤسسة الإسرائيلية على الوقوف إلى جانب أذربيجان في نزاعاتها.
وانتقلت العلاقات بين تل أبيب وباكو إلى العلن بعد سنوات من العلاقات البعيدة عن الأضواء، التي بدأت قبل وقت قصير من انهيار الاتحاد السوفياتي. وفي 1993، اقترح عضو الكنيست افرايم سنيه، على رئيس الوزراء آنذاك، إسحاق رابين، إقامة تحالف استراتيجي مع أذربيجان، وتوجه إلى باكو بتكليف منه والتقى الرئيس الأذري. ووفق التقارير الإسرائيلية، حققت تلك الزيارة نجاحات تجاوزت التوقعات.
في 2014، كشف عن التحالف الاستراتيجي بين الدولتين في خلال زيارة وزير الأمن موشيه يعلون، للعاصمة باكو، بمناسبة إقامة معرض للصناعات الأمنية، كان الأول من نوعه في تاريخ هذه الدولة، ويُسمى ADEX. ولفتت تقارير إعلامية في تلك الأيام إلى أن هذه الزيارة ليست الأولى لوزير أمن إسرائيلي، لكنها المرة الأولى العلنية.
وكان لافتاً في ذلك الحين مشاركة أجنحة الشركات الأمنية الكبرى الإسرائيلية في المعرض. مثل «رفائيل» (هيئة تطوير الوسائل القتالية)، والصناعة الجوية، و«إِلبت معراخوت»، وشركة «آيرونوتيك معراخوت» (Areonautic Defence systems)، و«تاعس» (شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية)، فضلاً عن أن «آيرونوتيك» تملك في باكو مصنعاً للطائرات دون طيار بمشاركة الحكومة المحلية.