رام الله | في خيمة الاعتصام المقامة أمام مسجد البيرة الكبير في الضفة الغربية، يواصل أكثر من 17 شاباً وشابة فلسطينية من الأسرى المحررين، إضرابهم عن الطعام لليوم الثامن على التوالي، رغم نقل عدد منهم إلى المستشفيات أثر تدهور حالتهم الصحية. في الوقت الذي رفض فيه الأسرى طرحاً من إدارة سجون الاحتلال لا يحقق مطالبهم بل جزءاً منها. هؤلاء الشباب نجحوا في نقل ظاهرة الإضراب عن الطعام من سجون الاحتلال الى الشارع في حركة تضامنية مع مئات الأسرى المضربين منذ أكثر من 60 يوماً. محمد معلا، الأسير المحرر، هو أحد هؤلاء الشباب، يتحدث لـ«الأخبار» عن كيفية نجاح هذه الظاهرة في الانتقال إلى خارج حدود السجن، وهو ما أحدث التفافاً جماهيرياً كبيراً للقضية في الشارع. ويروي يوميات التضامن في خيمة الاعتصام والفراش الذي فيها، وكيف جعلوها مطابقة لسجون الاحتلال، وحياة الأسرى، كي يشارك كل الشارع الهم الأكبر، وهو الأسرى المضربون عن الطعام داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وأعرب معلا عن ثقته بقرب رضوخ سلطات السجون لمطالب الأسرى العادلة، لأنه «لو استشهد أي من الأسرى بسبب الإضراب عن الطعام فستكون عواقب ذلك وخيمة على إسرائيل وهي تعلم ذلك، ولن تستطيع السيطرة على الوضع بعدها»، وهو ما قاله أيضا الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، عندما زار خيمة الاعتصام في البيرة.
ويستطرد معلا «تخيل أن يجبروك على النهوض من فراشك في منتصف الليل، للتفتيش العاري المذل، أو أن تكون معزولاً في زنزانة انفرادية لسنوات طويلة». ويضيف أن مطالب الأسرى عادية وبسيطة للمطالبة بمعاملتهم كبشر، ويتساءل «لماذا عندما كان الجندي الإسرائيلي شاليط مأسوراً في غزة طالبت كل دول العالم بالإفراج عنه، بينما لم يطالب أحد إسرائيل ليس بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ولكن لتحسين ظروف اعتقالهم ومعاملتهم كبشر»؟
البيرة في رام الله، ليست المكان الوحيد المتضامن مع الأسرى، فالحال نفسها في الخليل، نابلس، طولكرم، وكافة محافظات الضفة الغربية. لكن قرية الولجة في بيت لحم، أرادت أن تكون متميزة في نصرة الأسرى وقضيتهم العادلة في ذكرى النكبة. إلى الولجة، وصلت 12حافلة من المتظاهرين آتية من شمال الضفة الغربية، فيما تمكن المواطنون في الخليل ونابلس ورام الله وبيت لحم وأريحا والقدس وفي فلسطين المحتلة عام 48 من الوصول إلى القرية، التي حاصرها جيش الاحتلال من كافة مداخلها وبالقرب من مسجد النور، حيث مركز الحدث.
وتحدثت الناشطة شيرين الأعرج لـ«الأخبار» عن تواجد أكثر من 1000 مواطن تجمعوا لإحياء ذكرى النكبة، وتحويلها ليوم دعم وانتصار للأسرى. جوامع بيت لحم ومدنها وقراها ومخيماتها، تقول شيرين، كانت تنادي سكان المحافظة للتوجه إلى الولجة، وخصوصاً أن قوات الاحتلال انتشرت بشكل كثيف وحوّلت القرية ومحيطها إلى ثكنة.
ووقف المتظاهرون في أقرب نقطة تواصل فيها قوات الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري، على أراضي القرية التي قُسمت الى نصفين ما بين الولجة المحتلة في العام 1948، وشقيقتها الأخرى التي أمست من الضفة الغربية.
الحراك في الشارع يأتي على وقع الرسالة التي سُرّبت من قيادة إضراب الأسرى في سجون الاحتلال، وجاء فيها أن «الأسرى لن يقبلوا أي حلول جزئية لا تضمن الحد الأدنى من مطالبهم والمتمثلة في إنهاء العزل الانفرادي والسماح لأهالي أسرى غزة بزيارة أبنائهم والممنوعين من الزيارة بشكل عام، وعودة شروط الحياة في السجون كافة إلى ما كانت عليه قبل عام 2000».
ورغم اجتماع عقدته قيادة مصلحة السجون الإسرائيلية في سجن نفحة الصحراوي مع اللجنة المركزية للإضراب، والذي قيل إنه حقق بعض التقدّم، قرّر الأسرى الامتناع عن تناول الفيتامينات ومقاطعة عيادة السجن، مؤكّدين أنهم في طريقهم لاتخاذ خطوات جادة وجريئة رغم خطورتها. وذكرت الرسالة أن «الساعات والأيام القليلة المقبلة ستشهد تطورات غير مسبوقة ستعلن عنها في حينه»، فيما جرت الإشارة إلى أن «مصلحة السجون تحاول من خلال المراوغة والمماطلة والتسوية الضغط على الأسرى من أجل فك الإضراب مقابل وعود». وأكدت الرسالة أن «الأسرى يعيشون حالة نضالية نخبوية استثنائية يتحقق من خلالها اجماع عنيد على المضي في الإضراب المستمر منذ 25 يوماً مهما كلف الثمن وصولاً إلى تحقيق مطالبهم، وأنهم على أعلى درجات الجهوزية والاستعداد للتضحية في سبيل ذلك».
وكانت قيادة الأسرى قد رفضت عرضاً لإدارة سجون الاحتلال بإنهاء عزل 16 من بين 19 أسيراً، بحيث تبقي 3 أسرى قيد العزل هم القائد السابق لـ«كتائب القسام» في الضفة الغربية إبراهيم حامد، والقياديان في الكتائب عبد الله البرغوثي وحسن سلامة.
لكن وزير شؤون الأسرى الفلسطيني عيسى قراقع أعلن أن السلطات الاسرائيلية أنهت أمس العزل الانفرادي لأسيرين فلسطينيين أمضيا أعواماً في العزل هما عميد الأسرى محمود عيسى، الذي أمضى نحو 12 عاماً في العزل، ووليد علي، الذي أمضى أربعة أعوام في العزل.
وأعلن الأسرى التصعيد لنيل مطالبهم في وقت يواجه فيه سبعة منهم «خطر الموت»، وفق ما اكد المحامي جواد بولص، مشيراً الى أن «طبيب السجن عبر لي مساء أمس عن خشيته الحقيقية على حياة الاسرى السبعة الذين توقفوا عن تناول السوائل وباتوا يواجهون خطر الموت».
من جهة ثانية، أعلن رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أن القاهرة كثفت اتصالاتها مع إسرائيل «لتفعيل بنود صفقة تبادل الأسرى التي أنجزت في شهر تشرين الأول من العام الماضي». وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها في خيمة التضامن مع الأسرى المضربين في غزة «هناك حراك إيجابي واتصالات ولقاءات رسمية بين القيادة المصرية والاحتلال الإسرائيلي من أجل إلزام الأخير بتنفيذ بنود صفقة التبادل».