تونس | قرّر أنصار الأمين العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية عبد الرؤوف العيادي الانسحاب من الحزب، الذي ارتبط اسمه بالرئيس التونسي المؤقت محمد المنصف المرزوقي، وتأسيس حزب جديد بنفس المبادئ والأهداف. وأكد المناصرون، خلال لقاءٍ شعبي عقدوه الأحد الماضي بمدينة القيروان، أن الحزب الجديد لن يضم وزراء حزب النهضة، أقوى أحزاب الائتلاف، ولا المستشارين المحيطين بالرئيس.
هذه الخطوة حسمت الجدل الذي عرفته تونس بين الشقين المتصارعين في حزب الرئيس، بين جناح يضمّ الأمين العام عبد الرؤوف العيادي، أحد مؤسسي الحزب مع المرزوقي، وأحد وجوه اليسار التونسي، والثاني يضمّ الوزراء محمد عبو وعبد الوهاب معطر وسليم بن حميدان ومستشار الرئيس سمير بن عمر ومدير ديوانه الرئاسي عماد الدائمي.
باب الخلافات ظهر في الحزب، الذي نشأ في سريّة تامة سنة 2000، بعد تقديم رئيسه المؤسس محمد المنصف المرزوقي استقالته من رئاسة الحزب والتفرغ لمهماته الرئاسية، بعدما كان اسمه هو الضمانة الوحيدة في الحزب وعامل تأثير كبير في استقطاب المناصرين.
الخلاف بين الشقيّن، الذي وصل الى حدّ القطيعة، سببه أساساً الموقف من حركة النهضة وطبيعة التحالف معها، فشق العيادي يتّهم مجموعة «المكتب السياسي» بالتخلّي عن مبادئ الحزب الذي انتخبه الشعب من أجلها والارتماء بلا تحفّظ في اختيارات النهضة. وتوافق رأي المنشقين مع العيادي مع موقف مناصريه الذين نعتوا «المرزوقي بأنه ليس رئيساً، بل ساكن في قصر قرطاج فقط»، في إشارة إلى انعدام صلاحياته، كما اتهموا «المكتب السياسي» بأنه صادر إرادة الحزب لمصلحة النهضة، التي تعمل على إعادة نموذج نظام بن علي نفسه في الاستبداد بالمحافظة على آليات التفكير والممارسة نفسها من خلال الهيمنة على الإدارة والسيطرة على مفاصل الدولة واستهداف الإعلام والحريات.
وكان الصراع بين الشقين قد بلغ أوجه عندما اعتدت مجموعة من الأشخاص على مناضلي الحزب من أنصار العيادي في مدينة قابس، جنوب تونس، وقد اتّهم أنصار العيادي مجموعة المكتب السياسي بتدبير هذا الاعتداء الذي ندّدت به أغلب القوى السياسية. وبانسحاب مجموعة الأمين العام التي تضمّ 14 عضواً من كتلة الحزب في المجلس التأسيسي، تكون حركة النهضة قد خسرت حليفاً قويّاً يضاف الى خسارة عدد من أعضاء حليفها الثاني، التكتّل من أجل العمل والحريّات، الذين انسحبوا من الحزب للسبب نفسه.
فهل تتغيّر المعطيات تحت قبّة قصر باردو الذي يحتضن مداولات المجلس التأسيسي، وبالتالي تغيّر التوازنات السياسية في تونس باتساع دائرة المعارضة، وخاصة بوجود شخصيات اعتبارية قاومت الاستبداد كعبد الرؤوف العيادي وأم زياد وغيرهما؟ أم تنجح النهضة في الاستفادة من تشتت معارضيها؟