فيما طالب ناشطون سياسيون ليبيون سكان عاصمتهم طرابلس، أمس، بالخروج في تظاهرة مليونية للمشاركة بتشييع جنازة عضو في اللجنة الأمنية العليا الليبية قُتل بهجوم مسلح على مقر الحكومة، تمكّنت قوات أمنية ليبية، من فك حصار ضربته مجموعة مسلحة على مقر إحدى أكبر شركات النفط في مدينة بنغازي (شرق)، منعت خلاله الموظفين من مزاولة أعمالهم.وطالب الناشطون الليبيون عبر مختلف وسائل الإعلام المتاحة، وبينها شبكات التواصل الاجتماعي، سكان طرابلس بالتظاهر، بعدما انتقد عدد من قيادات جبل نفوسة (غرب) بشدة اقتحام مجموعة من المحسوبين على ثوار الجبل أول من أمس، مقر الحكومة في وسط طرابلس وإطلاق الرصاص باتجاهها، ما أدى إلى مقتل أحد حراسها وإصابة 4 آخرين بجراح مختلفة. وجاء ذلك على أثر مطالبتهم بمستحقات مالية كانوا قد فاوضوا عليها وزير الدفاع أسامة جويلي.
أما الحكومة الليبية، فقد أعلنت أنها ستستخدم القوة للتصدي لميليشيات من الثوار السابقين «الخارجين على القانون» والمدججين بالسلاح، ما يضع مؤسساتها الأمنية والدفاعية الفتية على المحك.
وبعد بضع ساعات من مقتل عضو في اللجنة الأمنية العليا التابعة لوزارة الداخلية، حذر رئيس الوزراء عبد الرحيم الكيب، من أن الحكومة «لن ترضخ للابتزاز والخارجين على القانون، ولن تتفاوض تحت تهديد السلاح». وحمّل الكيب، الذي تحدث لأول مرة بلهجة قوية، تلك المجموعة «مسؤولية الدماء التي سالت دفاعاً عن الدولة»، ووصفهم «بالمخربين الخارجين عن القانون». ودعا الليبيين إلى المشاركة بتشييع جنازة الحارس الذي قُتل من الأمن العام أمام مقر حكومته والتظاهر سلمياً لدعم جهود الحكومة بإنهاء مظاهر التسلح غير المشروعة.
بدوره أكد وزير الداخلية فوزي عبد العال، أن الحكومة «لن تتهاون في تطبيق القانون وحماية مقارّ الدولة ومؤسساتها بكل الوسائل المتاحة، بما فيها استخدام القوة عند الحاجة». وقال «إن الوزارة ستحمي مباني الدولة ومؤسساتها بشتى السبل، بما في ذلك استخدام القوة، إن كان هناك ضرورة».
وهذا التحذير ترجم على الفور إلى أفعال؛ إذ أكد مسؤولون أمنيون أن القوات الحكومية تمكنت من القبض على عدد من أفراد المجموعة التي أطلقت النار على مقر الحكومة وصادرت الأسلحة والآليات التي كانت بحوزتها، فيما هرب آخرون.
وأدت هذه الحادثة إلى حملة استنكار واسعة في صفوف المواطنين الذين ارتفعت دعواتهم إلى طرد المسلحين الآتين من خارج عاصمتهم وعدم السماح لهم بالدخول إليها. ووصف القائد الميداني في منطقة جادو، سالم غيد، ما قام به ثوار الجبل بـ«الخيانة لدماء شهداء هذا الجبل الذي ناضل من أجل تحرير ليبيا من الطاغية القذافي». وقال: «نحن ضد الاعتصامات المسلحة. إن زمن رفع السلاح انتهى بسقوط القذافي»، مضيفاً: «نحن مع الاعتصامات السلمية ومع إقامة الدولة المدنية دولة الحضارة».
من جهته، رأى نائب الرئيس السابق للمجلس المحلي لمدينة غريان المرشح الحالي للمؤتمر الوطني العام، وحيد برشان، أن من قاموا بهذا العمل «لا يمثلون إلا أنفسهم؛ لأنهم مجموعة خارجة عن القانون». وأرجع برشان سبب اقتحام تلك المجموعة لمقر الحكومة إلى ما وصفه بالقرار «الأحمق» الذي منح مكافآت للثوار، وقال: «إن هذا القرار حوّل الثوار إلى مرتزقة»، داعياً من أسهم في إصداره وإقراره إلى تقديم استقالته، مطالباً المجلسين العسكري والمحلي للعاصمة طرابلس بتقديم «استقالتهما لفشلهما في تأمين مقر رئاسة الحكومة».
وكانت الحكومة قد أصدرت قراراً بوقف صرف المنح المقررة للثوار، بعد التلاعب والسرقات التي شابتها، إلى حين إعادة تنظيم عملية صرفها.
من جهة ثانية، أبلغ المتحدث الرسمي باسم شركة «الخليج العربي للنفط» عبد الجليل معيوف، وكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، بأن قوات من اللجنة الأمنية العليا وتجمّع لسرايا الثوار، دهموا المسلحين فجر أمس ونجحوا في فكّ الحصار المضروب على مداخل الشركة التي تنتج قرابة ربع الإنتاج الليبي من النفط الخام، منذ 17 يوماً. وقال معيوف إن عملية الدهم لم تنتج منها خسائر بشرية ولا مادية، مؤكداً أن «قوات الثوار التي قامت بتأمين مقر الشركة الرئيسي بعد طرد المسلحين لا تزال تقوم بتأمينه بطوق أمني في محيطها».
إلى ذلك، أجرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً عن التجاوزات التي يقوم بها مسلّحون ليبيون بحق مؤيدي الزعيم الراحل معمر القذافي. وكتب روبرت وورث من طرابلس تقريراً تضمن إفادات وشهادات حيّة من ضحايا التعذيب في سجون المسلحين وخصوصاً الأشخاص الذين خطفوا على أيدي عناصر الثوار. وعنون الكاتب تقريره بـ«ليبيا: الخاطف يصبح مخطوفاً»، مسلّطاً الضوء على التجاوزات التي يرتكبها عناصر قوى الأمر الواقع في الهضبة الأفريقية.
(يو بي آي، الأخبار)