غزة | ألقى الانقسام السياسي الفلسطيني بظلاله على إمكان تفاعل الفلسطينيين مع معركة «الأمعاء الخاوية»، التي يخوضها أسراهم في سجون الاحتلال الإسرائيلية، لنيل مطالبهم؛ فخيام الاعتصام لنصرة الأسرى في القطاع تُقام بدعوة من الفصائل للالتحاق بهذه الخيام وإعلان الإضراب عن الطعام تضامناً مع الأسرى، لكن تلك الخيام لا تستقبل أكثر من 100 زائر في اليوم الواحد، ولا ينام فيها سوى عشرة أفراد على الأكثر، وأشهرها خيمة الجندي المجهول. فما هي أسباب عزوف المواطنين عن المشاركة بحماسة في هذه الخيم التضامنية؟ محمد أحمد (37 عاماً) يؤكّد تعاطفه مع الأسرى، ويدعو لهم ليل نهار بأن ينصرهم الله على سجانيهم، ويحقق مرادهم. إلا أن عدم زيارته خيام الاعتصام ليس نكراناً للأسرى، بقدر ما هو جحود على الفصائل الفلسطينية جميعاً، طالما أنها تقام تحت إشرافها، وهي الفصائل «مالهاش شغل غير الكذب والتلاعب بالناس»، يصرخ معبراً عن غضبه من الانقسام الحاصل.
ويضيف محمد «كان الأجدر بنا نحن المواطنين أن نقيم تلك الخيام وأن نعتصم بها، ونظهر أمام العالم يداً واحدة، لكن وجودنا في تلك الخيام هو دعم لقادة الفصائل الذين لم يجلبوا للشعب سوى الويل والهوان والانقسام والاقتتال والألم». ويتابع «دور الفصائل هذه الأيام اقتصر فقط على إقامة خيام الاعتصام والتباكي أمام الكاميرات، وكأن نضالنا ضد الاحتلال انتهى، وأصبحت تتنافس على كراسي الحكم، والدوام للأقوى».
الطالب الجامعي محمود شاهين (20 عاماً) يرى أن صفحات التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب» تساند الأسرى أكثر من خيام الاعتصام، التي تقيمها الفصائل «التي لا جدوى منها»، على حد تعبيره. ويعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي تتيح له فرصة التواصل مع العالم أجمع، وبالتالي إيصال رسالة الأسرى إلى كل الدول العربية والأجنبية، وتستطيع شحذ همم المتضامنين الأجانب الذين يعملون على كشف صورة إسرائيل الحقيقية في بلدانهم.
ويجلس محمود أمام شاشة الكمبيوتر الخاص به لساعات طويلة تصل إلى أكثر من 12 ساعة يومياً منذ بدء الأسرى إضرابهم المفتوح، ويعمل على تداول أخبارهم ساعة بساعة، وهو على اتصال مباشر مع العديد من المتضامنين الأجانب والعرب مع القضية. وبناءً على ذلك، يشير الى أنه بفضل شاشة الكمبيوتر خرج العديد من الأتراك بمسيرة سلمية إلى السفارة الإسرائيلية، يطالبون السفير بضرورة الضغط على حكومتهم لتحقيق مطالب الأسرى.
وكان لتضامن أحلام السيد (38 عاماً) شكل آخر، فهي تضرب عن مشاهدة المسلسلات العربية والتركية التي تتابعها يومياً، ولا تنفك عن تشغيل الأغاني الوطنية التي تدعو إلى الوحدة الوطنية، طوال يومها، وتتابع آخر الأخبار المتعلقة بهم عبر شاشات التلفاز.
وتقول أحلام «لم أجد طريقة أخرى أشارك إخواني الأسرى في معركتهم سوى الامتناع عن قضاء أوقات الفراغ في التسلية، وأن أتابع أخبارهم لحظة بلحظة، لكنني لا أفضل أن أزور الخيام المقامة لهم، لأنني لا أثق بمن هم قائمون عليها، يكفينا الانقسام الذي نعيش فيه بسبب تلك الفصائل، وفي مقدمها حماس وفتح».
أما نضال إبراهيم (21 عاماً)، فهو لا يتابع الأخبار المتعلقة بفلسطين أبداً «لأنها ضاعت منذ أكثر من خمس سنوات». ويفضل متابعة قنوات المصارعة والأفلام الأجنبية عوضاً عن الالتفات إلى قضايا كبيرة، لا يستطيع حل ألغازها أو محاولة فهم ما يدور حوله من أحداث، بداية من القضية الفلسطينية، مروراً بالربيع العربي والثورات، وعدد القتلى والجرحى في العالم بأسره، على حد قوله.