لماذا يشهر الجميع «فزاعة» التوطين عندما تطرح أي مشكلة من المشاكل التي تصيب الفلسطينيين في هذا البلد؟ لماذا يستثني الجميع الفلسطينيين عندما يتحدثون عن الحقوق الواجب منحها للمقيمين في لبنان؟ لماذا يستثنى الفلسطينييون من تعديل قانون الجنسية الذي «قد» يمنح الأم اللبنانية المتزوجة من غير لبناني الحق في إعطاء جنسيتها لأولادها دون المتزوجة من فلسطيني؟
فخامة السيدة الأولى، لا أنكر إعجابي بكِ لمجرد إقدامك مرة أُخرى على طرح موضوع منح الجنسية لأولاد الأم اللبنانية من خلال الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية التي تترأسينها، بعدما باءت محاولات غيرك بالفشل. قد تكون أجمل عيدية تمنحها السيدة الأولى لنساء لبنان المحرومات من أبسط حقوقهن مع ان عيدي الام والمرأة مضيا منذ فترة. لكن العيدية تصنع احيانا العيد.
وماذا إذاً سيدتي عن اللبنانية المتزوجة من فلسطيني؟ الا تبقى لبنانية؟ أم أن حقوقها المدنية تسقط لزواجها من فلسطيني! وماذا تعني تلك البطاقة الخضراء المقترحة بكل الأحوال؟ بطاقة علمنا أنها ستمنح الفلسطينيين أولاد اللبنانية حقوقاً باستثناء تلك السياسية وحق التملك، على أن يتقدموا بطلب الجنسية بعد عام من بلوغهم 18 من العمر، ماذا ستمنحهم هذه البطاقة؟ حقوقا مدنية؟ حق عمل؟ ألم يُرفض المشروع المُقدم من قبل وزير العمل السابق شربل نحاس الذي قضى بمنح إجازات عمل للفلسطينيين مؤخراً؟ أسيمنح الفلسطينيون حقاً ما في تعديل قانون ما، ليُؤخذ منهم في تعديل قانون آخر؟ ماذا تعني البطاقة الخضراء؟ أهي تشبه البطاقة الزرقاء التي منحت الفلسطيني صفة اللاجئ إلى الأبد؟ أم أنها تشبه البطاقة البيضاء التي منحتها الأنروا له ليستفيد من الحق بالطبابة لاحقاً؟ كم بطاقة سيحمل الفلسطيني في هذا البلد، سيدتي، ثلاث بطاقات؟ عظيم، أوراقنا ملوّنة وحياتنا سوداء!
السيدة وفاء سليمان، ربما لا تعلمين ككثير من اللبنانيين أن المادة 59 من الدستور الفلسطيني الصادر عام 1922 كانت قد حددت أن «اللبناني لا يعتبر أجنبياً في فلسطين، بل يُعامل كالمواطن الفلسطيني»، وقد بقيت هذه المادة فاعلة حتى احتلال فلسطين عام 1948. ولذلك أقول إننا لا نريد جنسية، كل ما نريده حقوق مدنية واجتماعية تنصفنا في هذا البلد الذي احتضن الفلسطينيين لأكثر من ستين عاماً. نريد حقوقاً في العمل والتملك، تلك الحقوق التي ستنعش لبنان اقتصادياً وتفك عنّا الحزام المشدود اكثر فأكثر. نحن نحب لبنان بلدنا الثاني، ولكننا نحب فلسطين، بلدنا الاول أكثر. نخاف التوطين أكثر منكم، ونريد أن نعود إلى بلدنا، أعطوننا حقوقنا كاملة وخذوا جنسيتكم، هكذا سيخرج الكل «مبسوطاً»!