مع أن خطر الجيوش العربية المحيطة بدولة إسرائيل قد تم تحييده لفترة زمنية غير منظورة، تواصل واشنطن تزويد إسرائيل بالمزيد من الأسلحة النوعية عامة وأكثر طائراتها الحربية تطوراً. وتتشارك مع تل أبيب في استشراف تنامي الاخطار المحدقة بالكيان الاسرائيلي، خاصة أن وجهة المتغيرات الاقليمية غير واضحة الآفاق، وتحديداً بعد الاتفاق النووي مع إيران التي تواصل تزويد حزب الله بالاسلحة والصواريخ المتطورة.
انطلاقاً من هذه الرؤية، حذّر رئيس أركان سلاح الجو الإسرائيلي العميد طال كلمن من أن سباق التسلح لدى دول المنطقة يمكن أن يؤدي الى تقويض التفوق النوعي للجيش الاسرائيلي وسلاح الجو. وأضاف خلال كلمة له في مؤتمر الأمن لـ«معهد فيشر» و«إسرائيل ديفنس»، أن «سباق التسلح تعاظم» بين دول المنطقة. ونتيجة ذلك تتسلح هذه الدول «بأسلحة متطورة بمئات المليارات»، من ضمنها «طائرات وصواريخ أرض ــ جو، وأسلحة باليستية». لكن نتيجة الحذر الحاضر بقوة في تل أبيب إزاء ما قد تنطوي عليه سرعة المتغيرات في المنطقة، من مفاعيل سلبية على الامن القومي الاسرائيلي وتوازنات القوى في المنطقة، رأى كلمن أن «صديق اليوم يمكن أن يكون عدو الغد».
وكما في كل محطاتها التاريخية، تبقى الولايات المتحدة الحاضن الأول لإسرائيل، الذي يوفر لها كامل مقومات الدعم في مواجهة شعوب المنطقة ودولها، ويأتي التأكيد الاميركي المتواصل على ضرورة تمتع إسرائيل بتفوّق نوعي إزاء دول المنطقة، على المستوى العسكري عامة، وسلاح جوّها خاصة. وضمن هذا الإطار، لفت كلمن الى استيعاب طائرات «ف ــ 35»، التي رأى أنها تهدف إلى المحافظة على التفوّق النوعي للجيش الاسرائيلي، وتشكل «عنصراً مهماً في قوة ردع دولة إسرائيل». وعلى هذه الخلفية، كشف أيضاً عن أن أول طائرتين من هذا النوع ستصلان الى إسرائيل منتصف شهر كانون الاول المقبل، ووفقاً لخطة سلاح الجو، سيكون لدى الجيش في عام 2017 قدرة تنفيذية في استخدام هذه الطائرات.
وتطرق رئيس أركان سلاح الجو الى التهديد الذي تمثله إيران في المنطقة على إسرائيل، موضحاً أن «الاتفاق النووي أبعد من دون شك التهديد النووي»، لكنه استدرك بالتأكيد على أن الجمهورية الاسلامية «تضخ الى داخل الشرق الاوسط الكثير جداً من السلاح الى المنظمات الذي توجهه الى دولة إسرائيل». وفي ما يتعلق بنشاط الولايات المتحدة وروسيا في سوريا وبمقاتلة «داعش»، رأى العميد كلمن أن نشاطات التحالف في المنطقة «تفرض علينا المحافظة على مصالح دولة إسرائيل عبر التنسيق وبما يتلاءم».
وردّ رئيس أركان سلاح الجو على بعض ما نشر حول أداء الطائرة وكلفتها المرتفعة. وأوضح «أنا أسمع الكثير من الادعاءات، هنا وهناك، حول طائرة ف ــ 35، وبشكل أساسي في الاعلام». واعتبر هذا الكلام بعيداً عن الواقع، مضيفاً أن هناك من يتحدث عن عمليات تأخير ومشاكل عملياتية للطائرة. وتابع معترضاً على الكلام الذي يتحدث عن الكلفة المرتفعة للطائرة بالتأكيد أنها «أرخص من كثير من الطائرات الأخرى الموجودة في السوق، وأن ثمنها في حالة تراجع». مع ذلك، عاد كلمن وأكد أن الحديث يدور عن مشروع كبير ومعقّد، من دون أن ينفي وجود أخطار كامنة في مثل هذا المشروع. لكنه حاول احتواء هذا المفهوم بالقول «مثل كل مشروع تطوير، تتم إدارة الاخطار». وكانت صحيفة «كلكليست» قد كشفت عن تفاصيل جديدة عن مشاكل الطائرة التي انكشفت خلال عمليات تطويرها.
وتعقيباً على كلام العميد كلمن، ذكرت صحيفة «هآرتس» أنه قبل حوالى ستة أشهر، قال مسؤول أمني أميركي رفيع إن وزير الدفاع ومسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى، عبّروا عن معارضتهم بيع منظومات أسلحة أميركية متطورة الى دول الخليج في أعقاب الاتفاق مع إيران. وتناولت الصحيفة أيضاً ما نقلته عن أحد كبار المسؤولين قوله إن الاسرائيليين لا يريدون أن تمتلك هذه الدول قدرات «مفتاحية» عسكرية، وإن هذا الموقف كان قائماً قبل التوصل الى الاتفاق النووي مع إيران. لكن بعد الاتفاق بادر الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى دعوة قادة دول الخليج من أجل مناقشتهم في زيادة المساعدات الاميركية لهم.