بدا أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، دخل رسمياً في مساعي احتواء الأزمة العراقية الخطيرة بشقيها؛ الأزمة بين رئيس الحكومة نوري المالكي ورئيس الإقليم الكردي مسعود البرزاني، التي وصلت بالأخير إلى التلويح أول من أمس، باحتمال تنظيم استفتاء لإعلان استقلال دولة كردستان عن العراق في أيلول المقبل من جهة، ومشكلة المالكي مع «القائمة العراقية» وتلك الناتجة من اتهام نائب الرئيس طارق الهاشمي بالإرهاب من جهة ثانية. وقد بدأ الصدر شبه وساطة أثناء زيارة لأربيل كوسيط في الخلاف الذي بات يهدّد وجود العراق كدولة موحدة، بعدما التقى في وقت سابق كلاً من المالكي ورئيس حكومة الإقليم الكردي نيجيرفان البرزاني في إيران. وقال الصدر، من مطار أربيل، «جئتُ حتى أسمع آراء القيادات الكردية وتوجُّهاتها». وتابع «يجب على الجميع أن ينظروا إلى المصلحة العامة ووحدة الشعب العراقي، وأرجو من الجميع أن يكونوا على قدر من المسؤولية»، داعياً إلى «تقديم مصالح العراق على المصالح الطائفية والعرقية والحزبية». وكانت الأزمة بين الحليفين السابقين، البرزاني والمالكي، قد وصلت إلى ذروتها على خلفية اتهام الزعيم الكردي للمالكي بـ«الديكتاتورية» والتفرد بالسلطة، في مقابل اتهام بغداد أربيل بتهريب النفط من حقولها في الإقليم إلى إيران وأفغانستان وإسرائيل. كل ذلك زاده سوءاً التصريح الذي أطلقه البرزاني يوم الاثنين الماضي والذي عارض فيه بيع الولايات المتحدة طائرات من طراز «أف 16» الى بغداد، طالما ظلّ المالكي في السلطة، وذلك خشية من أن يستخدمها ضد الأكراد، على حد تعبير الزعيم الكردي. كما سبق للصدر أن دعا المالكي في منتصف نيسان الجاري، إلى «العمل لصالح العراق وليس لصالح حزب أو شخص»، معتبراً أن توليه عدة مسؤوليات ووزارات مواقع سيادية أمر «يدعو إلى القلق». وقرأ الصدر أمام الصحافيين في المطار، ورقة تحتوي على 18 نقطة تهدف إلى حلحلة الأزمة السياسية الحالية، أبرزها «إلغاء سياسة التهميش والإقصاء»، بما أن «الأقلية جزء مهم في الساحة العراقية ويجب إشراكها في بناء العراق سياسياً واقتصادياً وأمنياً». وأشار الصدر إلى أن «نفط العراق ملك لشعب العراق، ولا يحق لأحد التصرف به دون الآخر»، معتبراً أن «من الضروري تخفيف اللهجة الإعلامية التصعيدية» بين جميع الأطراف. كما طالب زعيم التيار الصدري بـ«السعي لإنهاء المناصب الأمنية والوزارات والهيئات الشاغرة»، وتحديداً في ما يتعلق بوزارتي الدفاع والداخلية اللتين يرأسهما المالكي. وفي خطّة البنود الـ 18، لفت الصدر إلى ضرورة أن «يحظى العراق بعلاقات طيبة مع دول الجوار، ونرفض التدخل الخارجي من أي دولة كانت». وفي السياق، تضمّنت النقاط التي عدّدها الصدر، مطالبة السلطات العراقية بالوقوف «مع الشعوب العربية المظلومة، ولا سيما في البحرين وسوريا». ولم ينسَ التشديد على الوقوف بحزم ضد أي تهديد داخلي أو خارجي تجاه العراق، وعدّ إسرائيل من ضمن مصادر التهديد. غير أنّ الصدر حاول التنصُّل من تفاصيل الأزمة بين المالكي والبرزاني، إذ قال «أنا مجرد ضيف لا دخل لي بالخلافات السياسية ولديّ برنامج مكون من 18 فقرة».
وعن الأزمة الناتجة من اتهام الهاشمي بالإرهاب، وأزمة المشاركة غير المكتملة لقائمة «العراقية» في العملية السياسية، لفت الصدر إلى أن الحكومة الحالية بُنيَت على التوافقات السياسية «وينبغي حلّ مشاكلها ضمن هذا النطاق». ووصف رئيس ديوان رئاسة إقليم كردستان فؤاد حسين الزيارة بـ«التاريخية التي ستؤدي إلى استقرار أكثر في الوضع السياسي في البلاد».
وكان المتحدث باسم التيار الصدري صلاح العبيدي قد أوضح أن الزيارة حصلت استجابةً لدعوة من البرزاني نفسه. وذكر العبيدي أن «الأزمة الحالية تدعو إلى تحرك من هذا القبيل، والسيد (الصدر) يحاول أن تكون كتلة الأحرار النيابية وهو شخصياً في الوسط». وأوضح مصدر في مكتب الصدر في النجف أن «هناك احتمالاً كبيراً بأن يأتي (زعيم التيار) إلى النجف بعد إنهاء لقاءاته في كردستان».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)