الكويت | بعد سلسلة من الانتصارات التي حققتها المعارضة الكويتية الإسلامية، بدءاً من حلّ مجلس الأمة ذي الغالبية الموالية للحكومة في كانون الأول الماضي، ثم نيلها الغالبية في المجلس الجديد، والإتيان بالمعارض المخضرم أحمد السعدون رئيساً له، مع إقصاء رئيس مجلس الوزراء السابق ناصر المحمد، يبدو أن هذه المعارضة بدأت ترمي بورقتها الأكثر أهمية وجدية بالنسبة إليها، وهي أن تؤول رئاسة الوزراء إلى شخصية من خارج أسرة آل الصباح الحاكمة.
ففي أعقاب سلسلة من المطالب يصب أبرزها في إطار أسلمة التشريعات في البلاد، حرّك النائب الإسلامي وليد الطبطبائي، المياه الراكدة في ملف هوية رئيس الوزراء، ليطالب بأن «يكون رئيس الوزراء المقبل من الشعب أو مختاراً من الغالبية البرلمانية»، معتبراً أن رئيس الوزراء الحالي جابر المبارك سيكون آخر رئيس من ذرية مبارك الصباح، الجدّ الأكبر للأسرة الحاكمة.
وأكد الطبطبائي وجود النية لتعديل الدستور في هذا الاتجاه، مؤكداً من ناحية أخرى، عزمه على تقديم تعديل آخر لمنع الوزراء من التصويت داخل البرلمان، علماً بأنه طبقاً للدستور الحالي، يُعَدّ الوزراء أعضاءً في مجلس الأمة ويحق لهم التصويت، وبالتالي يعطي هذا الأمر قوة للحكومة داخل المجلس.
وعلى الأثر، صدرت بعض الدعوات تطالب الطبطبائي بالابتعاد عن عرض مقترحه في الوقت الراهن في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة التي تشهدها البلاد والمنطقة الإقليمية والعربية، فيما أكد آخرون أن «الحديث في هذا الشأن غير مقبول إطلاقاً ومرفوض جملة وتفصيلاً»، وأن «الموضوع لا يطرح علانية في وسائل الإعلام، ولا سيما أنه يحمل نبرة تحدٍّ للأسرة الحاكمة وللمواطنين، وخاصة أن الموضوع لم يطرح للاستفتاء عليه».
ورأى وكيل المرجعيات الشيعية في الكويت، السيد محمد باقر المهري، أن المطالبة بأن «يكون رئيس الوزراء من عامة الشعب وليس من أسرة آل الصباح الكرام تُعَدّ انقضاضاً وانقلاباً على حكم آل الصباح الذي ارتضاه جميع أبناء الشعب الكويتي»، مشيراً إلى أن «هذه المطالبة السخيفة التافهة تذكرنا بمقولة قائد شرطة دبي ضاحي خلفان من أن الكويت أول دولة خليجية يطمع فيها المتأسلمون ويحكمونها _ لا سمح الله _ في 2013 إن سمحت لهم الظروف».
إلا أن النائب المعارض عبد الرحمن العنجري، أيد خلال جلسة مجلس الأمة أمس، كلام الطبطبائي، حيث طالب برئيس وزراء شعبي من خارج الأسرة الحاكمة، مستشهداً بتجربتي المملكة الأردنية ومملكة المغرب. وبالتالي، من المرجح أن يتفاعل هذا الموضوع في الأيام القليلة المقبلة.
في المقابل، أعلن النائب الشيعي المنتمي إلى الأقلية، عبد الحميد دشتي، أول من أمس، عزمه على إعداد اقتراح بقانون لتعديل قانون توارث الإمارة يمنح المزيد من الصلاحيات لأمير الدولة، ويسهم في ترتيب بيت الأسرة الحاكمة وتحصينه.
وفي ضوء هذا الاختلاف في التوجه بين الأكثرية والأقلية، تستمر فصول الأزمة بين الفريقين، حيث شهدت جلسة مجلس الأمة أول من أمس، انفلاتاً كبيراً ومشادات حادة كادت تتطور إلى اشتباك بالأيدي، وذلك على خلفية مناقشة طلب النيابة العامة الإذن برفع الحصانة عن تسعة نواب متهمين في قضية اقتحام المجلس في تشرين الثاني الماضي.
وقد سادت حالة من الهرج والفوضى المشهد العام للجلسة عندما تحدث النائب الشيعي عدنان عبد الصمد، واصفاً يوم الاقتحام بأنه «يوم أسود»، فيما اشتدت حالة الشحن وتراشق الاتهامات والشتائم بعد وصف النائب دشتي النواب المقتحمين بأنهم «قرود». وقد أتى الرد سريعاً من النائب الإسلامي عبد الله البرغش، وكاد يصل للاعتداء الجسدي، وخاصة مع احتدام الشتائم المتبادلة بين الجمهور والنواب من طراز «يلعن أمك وأبوك» و«يا كلب» و«تعال أوريك يا جبان» وغيرها من قاموس السباب.
وفي نهاية المطاف، أقر رفع الحصانة بغالبية 53 عضواً، بينهم النواب المتهمون بحادثة الاقتحام وجميع وزراء الحكومة.
في غضون ذلك، يستمرّ الشد والجذب بشأن موضوع التحقيقات في قضية التحويلات والرشى المتهم بها رئيس الوزراء السابق، فضلاً عن قضية تجنيس البدون وكيفية التعامل مع من يحمل جنسية كويتية إضافة إلى جنسية أخرى.