البداوي | تكاد شركة كهرباء قاديشا تنجز أعمال مدّ شبكة الأسلاك الكهربائية «تورسادي» (torsadé) في مخيم البداوي الواقع شمال عاصمة الشمال طرابلس، وهي أسلاك تحول إلى حد بعيد دون إمكان التعدي على الشبكة في المستقبل. كان من المتوقع أن يعترض سكان المخيم هنا، حسب الشائعات التي تغمز من طرف تفضيل الفقراء البقاء خارج دائرة تحصيل الكهرباء، أو أن يقبلوا بذلك على مضض.
هذا لو كان صحيحاً ما يشاع عن عصيان المخيم على مؤسسات الدولة اللبنانية وأعمالها. لكن واقع الأمر أنهم وافقوا، بل راحوا يقدمون القرائن على رغبتهم في تنظيم شبكة الكهرباء داخل المخيم، لا حباً بنزع فكرة خروجهم على القانون فحسب، بل حفاظاً أيضاً على سلامة الأهالي القاطنين هنا، وتجنيبهم الكثير من الحوادث التي كانت ولا تزال تسببها الغابة الكثيفة من الأسلاك الكهربائية المنتشرة في أحياء المخيم الداخلية، والتي تختلط أحياناً بمياه الأمطار، محولة المكان إلى بيئة خصبة لأي مصيبة كهربائية، بحسب ما أفاد به أبو رامي خطار مدير مكتب الخدمات العامة في اللجنة الشعبية بالمخيم. فقد أصرّ الرجل ومعه مسؤول ورشة تركيب الخطوط الكهربائية علي هاجر، على دخول جريدة «الأخبار» إلى عمق المخيم لملاحظة ترحيب الناس بمدّ الشبكة الجديدة وتركيب العدادات، وبخاصة بعد التنزيلات التي قدمتها الشركة، وهو أمر ساعد أبناء المخيم على تقديم أكثر من ألفي طلب تركيب عدادات خلال العامين الماضيين.
في الطريق عبر الزواريب المؤدية إلى شارع «غسان زيد» يستوقفنا نايف عياش، صاحب محل صغير للعصير، مصراً على تقديم القهوة. يعرب الرجل عن ارتياحه لما يحصل، ويشرح كيف أنه بات يستطيع وضع كرسي أو اثنين أمام محله من دون أن يخشى سقوط شريط مكهرب على زبون محتمل.
بالوصول إلى الشارع المذكور، يشير أبو جمال لطفي كيف «اختفى تعليق الأسلاك»، ويقول إن جابي الكهرباء يزور أصحاب المنازل في هذا الشارع (الزاروب) الذي يبلغ طوله 280 متراً و«لا يحتاج إلى مرافقة من أيٍّ من أفراد اللجنة الشعبية أو المنظمات الفلسطينية»، وإنه في العديد من الأحيان يترك إيصالات الكهرباء لدى أحد الدكاكين ليعود لاحقاً ويحصّلها. وبالاتصال مع جابي الكهرباء وسيم مهتدي، أكد فعلاً أنه «يجبي الكهرباء من المخيم منذ نحو 12 سنة ولم يواجه أي مشكلة».
علاوة على الألفي طلب لتركيب العدادات، يضيف أبو رامي أن باقي السكان ركّبوا عداداتهم منذ مدة طويلة، وأن تأخر البعض في تقديم طلبات تركيب العدادات مردّه إلى انتظار الخفوضات على أسعار التركيب، آخذاً بالاعتبار الضائقة المعيشية التي يعانيها أبناء المخيم والتي تستخدم لـ«الحطّ من قدرهم» بدل التضامن معهم. ومما يدل على مستويات الفقر في المخيم، لجوء بعضهم إلى الاشتراك في مولدات الكهرباء الخاصة بكمية 2 أمبير فقط. وهذا ما يؤكده خالد ريناوي صاحب أحد المولدات الكهربائية، الذي يصحح بقوله إن البعض يشترك بأمبير واحد فقط، لـ«توفير الإنارة لطلاب المدارس». ويضيف ريناوي أن شدة الفقر تدفع البعض إلى التعدي على شبكة المولد الخاص، لكنه يغض النظر أحياناً كثيرة، لعلمه أن بعضهم لا يملك ثمن ربطة الخبز، ولا يستطيع شراء الشمع، فكيف يستطيع أولاده تنفيذ فروضهم وواجباتهم المدرسية؟



أعمدة فيطرون

أعلنت مؤسسة كهرباء لبنان أن عمال متعهد الأشغال على خط فيطرون _ حالات اكتشفوا الخميس الماضي «تعرض العمودين الرقم 39 والرقم 40 لأعمال تخريبية، حيث فُكَّت قاعدتاهما، ما أدى إلى وقوعهما». استنكرت المؤسسة «العمل التخريبي» وأدّعت على مجهول، حيث «سيصار إلى ملاحقة الدعوى منعاً لتكرار اعتداءات مماثلة تضر بالمال العام».
يصنف المخيم خارجاً عن القانون؛ لأن بعض فقرائه لا يسددون فواتيرهم، أما اقتلاع أعمدة في مناطق «السيادة الوطنية»، فلا يستحق إدانة تتجاوز بيانات المؤسسة.