أكد مصدر رسمي سوري، أمس، أن الحكومة السورية وفريق المراقبين «اتفقا على 90 في المئة من بنود البروتوكول» الذي ينظّم عمل بعثة المراقبين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي إن «المحادثات التي جرت بين الحكومة وبعثة المراقبين في دمشق كانت بنّاءة»، مضيفاً «إننا على وشك الانتهاء من مناقشة المواضيع المتعلقة بوضع البروتوكول»، و«تم الاتفاق على نحو 90 في المئة من بنوده». يأتي ذلك في وقت يواصل فريق المراقبين الدوليين مهمته في سوريا لليوم الثالث على التوالي. وقال رئيسه العقيد أحمد حميش للصحافيين صباح أمس، لدى مغادرته مع أعضاء الوفد الآخرين الفندق الذي ينزلون فيه في دمشق، إن عدد المراقبين اليوم ارتفع إلى سبعة. وأضاف «إن شاء الله اليوم أو غداً، سيرتفع أكثر، كي نصل إلى ثلاثين قريباً». ولدى عودته مساءً، قال حميش إن «مهمتنا تقضي بإقامة ارتباط مع الحكومة السورية والقوى الامنية السورية ومع الاطراف الأخرى كذلك. وللقيام بذلك، نحتاج إلى الوقت وإلى بناء الثقة مع كل الاطراف من أجل إنجاز المهمة». ورفض تحديد مهلة للانتهاء من مهمته، قائلاً «الوقت ليس له حدّ». ومن بكين، نقل وزير الخارجية الصيني، يانغ جيشي، عن نظيره السوري وليد المعلم أن دمشق «ستواصل تطبيق التزاماتها في مجال وقف إطلاق النار وسحب القوات»، وستواصل التعاون مع بعثة المراقبين الدوليين. بدوره، قال المعلم، خلال مؤتمر صحافي، إن وجود 250 فرداً في قوة المراقبة الدولية في سوريا أمر معقول. وأضاف «نحن لا نعلم لماذا يريدون استخدام سلاح الطيران... ومع ذلك إذا كان هناك حاجة إلى مثل ذلك، فنحن على استعداد لوضع السلاح الجوي السوري تحت تصرفها».
وأكد سفير سوريا في الصين عماد مصطفى أن أهم ما جرى تداوله في لقاء المعلم مع نظيره الصيني «إدراكهما أن المجموعات الإرهابية المسلحة تبذل كل جهد لإفشال مبادرة أنان».
جاء ذلك بعد تشكيك دبلوماسيين في الامم المتحدة مساء الثلاثاء في إمكان التوصل إلى اتفاق بين السلطات السورية والمراقبين الدوليين. وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أن 14 وزير خارجية سيصلون اليوم إلى باريس للمشاركة في اجتماع دولي يتناول الوضع في سوريا بدعوة من وزير الخارجية ألان جوبيه.
وقال جوبيه في بيان إن «العراقيل التي تضعها دمشق أمام انتشار بعثة مراقبي الامم المتحدة واستمرار القمع من جانب النظام السوري في تناقض مع التزاماته، تستدعي رداً قوياً من المجتمع الدولي».
من جهتها، حذرت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الرئيس السوري بشار الأسد من أنه سيواجه إجراءات أكثر شدة إذا ما أهدر «فرصته الأخيرة» المتمثلة في تطبيق خطة مبعوث الامم المتحدة والجامعة العربية كوفي أنان لوقف العنف في سوريا. وأضافت أن سوريا تقف «عند منعطف حرج» بين التقدم نحو السلام أو تعميق النزاع، مؤكدة أن استمرار العنف مع انتشار المراقبين الدوليين «أمر مقلق للغاية». وفي وقت متأخر من مساء أمس، قدم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي يشرح فيها مدى تقدم تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 2042 الخاص بنشر المراقبين وعملهم في سوريا، على أن يعقد المجلس جلسة عند التاسعة صباحاً بتوقيت نيويورك تكون مغلقة من أجل مناقشة التقرير الذي كتبه جان ماري غيهينو، مساعد المبعوث الخاص المشترك كوفي أنان، وشريكه إدموند موليه، المسؤول في دائرة حفظ السلام.
في المقابل، اتهم وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، المعارضة السورية المسلحة بأنها تسعى إلى إثارة أعمال عنف لإفشال الخطة السلمية التي وضعها كوفي أنان. وقال إن «الذين يريدون أن تفشل خطة أنان كثر، وذلك لكي يطالبوا باللجوء إلى حلول أخرى، وقبل أي شيء إلى القوة»، مضيفاً أن «القوى الرئيسية في المعارضة السورية، بما فيها المجلس الوطني السوري، لم توافق رسمياً حتى الآن على خطة أنان».
وقال لافروف إن موسكو تتسلم معلومات تفيد بأن مقاتلي ما يسمّى «جيش سوريا الحر» يسيئون استخدام صفتهم كلاجئين في تركيا، و«يخططون وينفذون هجمات على نقاط الحدود السورية، مؤكدين بذلك رغبتهم في إفشال خطة أنان». وشدد على أن استمرار المحاولات الرامية إلى «احتواء» خطة أنان بشأن تسوية الأزمة السورية تقلق موسكو، مشيراً إلى أن مجلس الأمن الدولي هو الجهة الوحيدة المخوّلة تقييم تنفيذ هذه الخطة، على أساس المعلومات الواردة من بعثة المراقبين الدوليين.
إلى ذلك، أجرى وفد من المعارضة السورية في الداخل مباحثات «بنّاءة ومثمرة» مع المسؤولين الروس في موسكو، بحسب ما أفادت هيئة التنسيق الوطنية، مشيرة إلى عدم جدوى أي خطوات «من طرف واحد» في تثبيت وقف النار، وإلى أهمية «جمع المعارضة في أرضية مشتركة» للحوار مع السلطة.
(سانا، رويترز، أ ف ب، يو بي آي)