القاهرة | بعد صدور قرار أولي من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية باستبعاده من السباق الانتخابي، شن المرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل هجوماً على اللجنة وصل إلى حد التلويح بالكشف عن «معلومات خطيرة لديه في ما يتعلق بقضايا رشوة وفساد وتزوير انتخابات برلمانية ونقابات مهنية»، في إشارة ربما إلى رئيس اللجنة فاروق سلطان، الذي كان يتولى رئاسة محكمة جنوب القاهرة في التسعينيات من القرن المنصرم. والأخير ترأس، بناءً على موقعه هذا، لجنة الإشراف على انتخابات النقابات المهنية التي عطَّلت لسنوات إجراء انتخابات في عددٍ من النقابات المهنية، بخلاف انتخابات نقابة المحامين، في عام 1995، التي لاحقتها تُهم التزوير. اتهامات من هذا القبيل ربما ستجد آذاناً صاغية، بالرغم من الشكوك في إقدام أبو اسماعيل نفسه على الكذب بشأن جنسية والدته. فاللجنة، التي نصت المادة 28 من الإعلان الدستوري على أن تكون قراراتها نهائية ونافذة بذاتها، مؤلفة من عدد من القضاة يتولون مناصبهم، وفقاً للإعلان الدستوري، بناءً على مواقعهم القضائية. «وبالرغم من أنهم لا يشغلون عضوية اللجنة بصفتهم الشخصية، إلا أن صدقية اللجنة مهددة»، حسبما يقول رئيس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين، لـ«الأخبار». وأرجع أمين الاتهامات بتسييس عمل اللجنة إلى أن «الأعضاء تولوا مواقعهم القضائية في ظل نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الذي لم يكن محايداً في ما يتعلق بوضع رجال القضاء في مواقعهم وكسر العديد من قواعد الترقي التي يفترض أن تستند إلى الأقدمية».
فرئيس اللجنة فاروق سلطان تولى موقعه في اللجنة نظراً إلى كونه رئيساً للمحكمة الدستورية العليا، وكان قد وصل إلى هذا المنصب في عام 2009 بناءً على قرار جمهوري من قبل الرئيس السابق حسني مبارك بعد تولي سلفه في رئاسة المحكمة، ممدوح مرعي، منصب وزير العدل، فيما اعتبرته دوائر المعارضة في حينه مكافأة لمرعي على تزوير أول انتخابات رئاسية تعددية في عام 2005 التي تولى خلالها منصب رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية. ولاقى تولي سلطان وقتها المنصب الرفيع، الذي ينص دستور 1971 المعطل على تولي صاحبه رئاسة الجمهورية في حال خلوّ المنصب من صاحبه لأي سبب، انتقادات واسعة، حتى إن الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية عقدت اجتماعاً طارئاً وقتها، وأرسلت برقية إلى مبارك، اعتراضاً على اختيار رئيس للمحكمة من غير أعضائها. فالعرف القضائي المستقر عليه هو تولّي أقدم مستشاري المحكمة الدستورية رئاستها.
وبالتالي، فإن تاريخ سلطان في السلك القضائي ربما دعم الانتقادات الموجهة لتوليه المنصب. فالرجل كان أيضاً قد انتدب للعمل في النيابة العسكرية، وعمل في مكتب المدعي العام العسكري لسنوات، بما يعنيه ذلك من ارتباط اسمه بالقضاء العسكري الذي أصبح يواجه بعد الثورة، أكثر من أي وقت آخر، الشكوك في نزاهته واستقلاله.
وإلى جانب سلطان، تضم اللجنة في عضويتها عدداً من الأسماء التي أصبحت تلاحقها التساؤلات من قبيل عبد المعز إبراهيم، رئيس محكمة استئناف القاهرة، وهو بطل قضية التمويل الأجنبي السيئة الصيت. فإبراهيم متهم من قبل محمود شكري، القاضي الذي تنحى عن الحكم في قضية التمويل الأجنبي غير القانوني للمنظمات غير الحكومية، بالتدخل في سيرها والسماح للمتهمين الأميركيين فيها بالسفر ومن ثم هروبهم، وهو ما دفع بأعضاء الجمعية العمومية لقضاة محكمة الاستئناف للدعوة إلى جمعية غير عادية لسحب الثقة منه، إلا أن نتيجة التصويت جاءت لمصلحته. كما أن الاتهامات لإبراهيم ألقت أيضاً ظلالاً من الشك على دوره في الانتخابات التشريعية العام الماضي كونه كان رئيساً للجنة العليا للانتخابات البرلمانية. وعزز افتقاد اللجنة لصدقيتها من صدقية التفسير الذي ذهب إليه قطاع من الرأي العام بأن استبعادها لنائب الرئيس السابق عمر سليمان ومرشح جماعة الإخوان المسلمين، خيرت الشاطر، ما هو إلا اتفاق بين المجلس العسكري _ الذي يُنظر إليه كداعم لترشح سليمان _ والإخوان المسلمين على سحب مرشحيهما، ولا سيما بعد صدور تقرير لمعهد كارنيغي رجّح فيه أن ترشيح الشاطر جاء بناءً على علم الجماعة المسبق بنية المجلس الدفع بسليمان.