رام الله | في 17 نيسان من كلّ عام، يحيي الشعب الفلسطيني فعاليات «يوم الأسير». لكن هذا العام كان مختلفاً، إذ تزامن مع انطلاق معركة قديمة ـــ جديدة، تخافها إسرائيل، رغم أنّ رحاها تدور داخل سجونها وتحت حراستها. إنها معركة «الأمعاء الخاوية» للأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، التي قد تكون مقدمة لانتفاضة داخل السجون وخارجها، في حال عدم استجابة إسرائيل لمطالبهم الإنسانية والسياسية والحقوقية.
وقد تضاربت المعلومات حول أعداد الأسرى الذين باشروا في الإضراب المفتوح عن الطعام، أمس، بالتزامن مع إطلاق سراح الأسير خضر عدنان الذي كسر الرقم القياسي الفلسطيني في الامتناع عن تناول وجبات الغذاء في الاعتقال لـ 66 يوماً متتالياً. وبين مَن أكد أن 1200 أسير فلسطيني التزموا بالإضراب، في مقابل معلومات عن 1600 وأخرى تتحدث عن 3500 أسير من كل التنظيمات الفلسطينية، يبقى المرجَّح أن ينضمّ المئات من الأسرى إلى الحملة من اليوم حتى نهاية الشهر الجاري، وسط خروج الآلاف من الفلسطينيين للتضامن مع أسراهم في مسيرات وتظاهرات جابت كل المحافظات الفلسطينية.
ورغم تضارب الأرقام، أكّد مسؤول «مركز الحريات العامة»، حلمي الأعرج، أن الأسرى في سجون الاحتلال «حسموا أمرهم حيث انخرطت جميع الفصائل الفلسطينية بالإضراب في كل السجون». وقد أقسم جميع أسرى نفحة وعسقلان وبئر السبع، بحسب الأعرج، «يمين العهد والوفاء» بأن يشرعوا بهذا الإضراب موحدين، وأعلنوا تشكيل لجنة قيادية لهذا الإضراب، تتكون من ثلاثة من حركة «فتح»، وهم: ناصر حميد، عبد الرحيم أبو هولي وعلاء أبو جزر، وعن حركة «حماس»: جمال الهور ومهند شريم، وعن «الجهاد الإسلامي»: جمعة التايه وزيد بسيسو، وعن «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» عاهد أبو غلمة، وعن «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» أسامة أبو العسل. كل ذلك في ظل تحذير رئيس الوحدة القانونية في «نادي الأسير»، المحامي جواد بولس، خلال زيارته لـ«مستشفى سجن الرملة»، من أن الأسرى المضربين عن الطعام «يعانون وضعاً صحياً صعباً للغاية، وقد دخلوا مرحلة الخطر الشديد، مع وصول بعضهم يومه التاسع والأربعين من نفس المعركة». وقد دخل كل من بلال دياب (27 عاماً) وثائر حلاحلة (34 عاماً) يومهما الخمسين في الإضراب عن الطعام.
بدورها، قالت المتحدثة باسم مصلحة السجون الإسرائيلية سيفان وايزمان إنه «في إطار يوم الأسير (الفلسطيني)، رفض نحو 2300 أسير أمني وجباتهم اليومية، بينما قال نحو 1200 أسير إنهم بدأوا إضراباً عن الطعام». وأوضحت أن مصلحة السجون الإسرائيلية تعاملت مع الإضراب عن الطعام في السابق «ونحن مستعدون لفعل ذلك مرة أخرى الآن».
من جهته، أشار رئيس «نادي الأسير» قدورة فارس، في مدينة نابلس، إلى أن «1500 أسير شرعوا بالإضراب المفتوح عن الطعام، وهم من جميع الفصائل الفلسطينية، ونحن موحدون وغير منقسمين في قضية الأسرى وسنقف الى جانبهم حتى تتحقق مطالبهم». وفي السياق، لفت وزير الأسرى عيسى قراقع إلى أنه «كان من المفترض أن يبدأ 1600 أسير الإضراب عن الطعام، لكن هناك اختلافاً بين الأسرى داخل السجون، وهذا ما منع الأسرى كافة من الدخول في الإضراب. ودخولهم على نحو منفصل سيكون خطراً على هذا الإضراب». وتابع «لكن الإضراب بدأ اليوم، ولو كان بهذا العدد، وسيؤدي إلى ارتفاع الأعداد في الأيام المقبلة».
وفي إطار الحركات التضامنية مع الأسرى، تجمع المئات في دوار المنارة في مدينة رام الله، حيث اتجهوا إلى سجن عوفر القريب، إضافة إلى آخرين تظاهروا في مدينتي قلقيلية وطولكرم شمال الضفة، في مقابل 1500 شخص في جامعة الخليل، فضلاً عن مشاركة أعداد أخرى باعتصام جماهيري أمام مقر الصليب الأحمر في غزة تضامناً مع إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام.
كما أفادت صحيفة «هآرتس» بأن 8 ناشطات أجنبيات من اللواتي شاركن بحملة «أهلاً بكم في فلسطين» ومنعت السلطات الإسرائيلية دخولهن إلى إسرائيل فور وصولهن إلى مطار بن غوريون وقامت باحتجازهن، أعلنّ أنهن سيُعِدن وجبات الطعام تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين.
وللمزيد من التضامن مع الأسرى، أعلن عن إطلاق النداء الدولي الأضخم لدعم مطالب الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام داخل السجون الإسرائيلية، بدعمٍ من 320 منظمة حقوقية دولية ومحلية فلسطينية. وحمل النداء اسم «عطشى للحرية». ووجّه الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة في المناسبة، ناشد فيها الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية أن يحافظوا على «وحدة الحركة الأسيرة داخل السجون، لأن الانقسام والفرقة تعلمون ماذا جلبا لنا وللوطن ولقضيتنا العادلة، ولأن المستفيد الوحيد من الانقسام الفلسطيني هو إسرائيل». ولاختتام اليوم الأول من معركة الأمعاء الخاوية «بنصر» ولو معنوي، فإنّ أول من أعاد قضية «الأمعاء الخاوية» وخاضها بنفسه لـ 66 يوماً متتالية، خضر عدنان، بات يستنشق هواء الحرية بعدما أُفرج عنه مساءً.